وحدّدت الوثيقة أهداف روسيا في "العالم الإسلامي" على النحو الآتي:
• ".... تطوير تعاون واسع النطاق وموضع ثقة مع جمهورية إيران الإسلامية، وتقديم دعم شامل للجمهورية العربية السورية، وتعميق الشراكات المتعددة الوجه ذات المنفعة المتبادلة مع جمهورية تركيا، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية...".
• "... إنشاء بنية تعاونية وأمنية إقليمية شاملة ومستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، وتحقيقا لهذه الغاية... يتمّ "تنفيذ مفهوم الأمن الجماعي الروسي الخاص بمنطقة الخليج، وتعتبر الوثيقة أن تنفيذ هذه المبادرة هو خطوة مهمة في اتجاه تطبيعٍ مستدام وشامل للوضع في الشرق الأوسط".
• "... تعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان والثقافات، وتوحيد الجهود لحماية القيم الروحية والأخلاقية التقليدية، ومكافحة الإسلاموفوبيا، بما في ذلك التنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي".
• "تسوية الخلافات بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وتطبيع تلك العلاقات، وكذلك تسوية الخلافات بين هذه الدول وجيرانها وتطبيعها (وفي المقام الأول العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية والدول العربية، وبين الجمهورية العربية السورية وجيرانها، وبين الدول العربية ودولة إسرائيل)، ومن ضمنها الجهود الرامية إلى حلّ شامل ودائم للقضية الفلسطينية".
• "... المساعدة في حل النزاعات المسلحة والتغلب عليها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا والمناطق الأخرى التي توجد فيها الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي".
• ... "إطلاق العنان للإمكانات الاقتصادية للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بهدف إقامة شراكة أوراسية أوسع".
قصارى القول ستسعى السياسة الروسية إلى تطوير وتكثيف العلاقات مع حلفائها وشركائها، وإلى حل النزاعات وتطبيع العلاقات بين مختلف الدول، وخاصة بين الدول العربية وكل من إيران وإسرائيل، وستسعى إلى تعزيز التعاون مع الدول الإسلامية بشكل عام لتعزيز آفاق هدفها الإستراتيجي المتمثل في إنشاء فضاء أوروبي آسيوي متكامل.
مقارنة مع جهاز الأمن القومي الأميركي
من أجل فهم علاقات روسيا مع حلفائها وأصدقائها في المنطقة على نحوٍ أفضل، قد يكون من المفيد أيضا عقد مقارنة بين الكيفية التي تعامل بها مفهوم السياسة الخارجية الروسية والكيفية التي يتعامل بها جهاز الأمن القومي الأميركي مع بلدان معينة:
أولا: إيران. من بين أهداف مفهوم السياسة الخارجية الروسية "... تسوية الخلافات وتطبيع العلاقات ...." بين ".... جمهورية إيران الإسلامية والدول العربية". من الواضح أن الولايات المتحدة ومجلس الأمن القومي يعتبران إيران خصما، وعلى عكس روسيا، تؤكد السياسة الخارجية الأميركية "... مواصلة العمل مع الحلفاء والشركاء لتعزيز قدراتهم الرامية لردع أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار والتصدي لتلك الأنشطة".
ثانيا: إسرائيل. تضع وثيقة مفهوم سياسة الاتحاد الروسي الخارجية كهدف لها "... تسوية الخلافات وتطبيع العلاقات..." "... بين الدول العربية ودولة إسرائيل". في حين يسعى نظام الأمن الأميركي إلى "... توسيع وتعميق علاقات إسرائيل المتنامية مع جيرانها والدول العربية الأخرى، بما في ذلك من خلال اتفاق أبراهام، مع الحفاظ على التزامنا الصارم لأمنها...".
ثالثا: في حين أن مفهوم سياسة الاتحاد الروسي الخارجية يشدد على دولٍ معينة مثل سوريا وإيران وتركيا والسعودية ومصر، من المثير للاهتمام أنه لا يأتي على ذكر دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تحافظ روسيا على علاقات وثيقة معها. في المقابل، يشير نظام الأمن القومي الأميركي إلى الدول العربية على نحوٍ جماعي في سياق توسيع اتفاقيات أبراهام التي تسعى إلى توثيق العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.
رابعا: المشكلة الفلسطينية-الإسرائيلية. يتعامل مفهوم سياسة الاتحاد الروسي الخارجية مع هذه المسألة بطريقة عامة للغاية، ويشير إلى أن أهدافه تتمثل في تطبيع العلاقات بين الدول العربية ودولة إسرائيل، "ومن ضمنها الجهود الرامية إلى حلٍ شاملٍ ودائم للقضية الفلسطينية، مع عدم الإشارة إلى حل الدولتين". يشير نظام الأمن القومي الأميركي إلى حل الدولتين على وجه التحديد، لربما في محاولة منه لمواجهة محاولة الرئيس ترمب التخلص منه كخيار قائم.