الاحتباس الحراري يهدد استقرار الشرق الأوسط

الاحتباس الحراري يهدد استقرار الشرق الأوسط

[escenic_image id="5512639"]

في ندوة عقدت خلال الشهر الماضي في أحد مباني وكالة ناسا في واشنطن العاصمة، قدم محلل تابع لوزارة الدفاع وخدمات الاستخبارات الأمريكية عرضًا تقديميًا باستخدام شرائح الباوربوينت يظهر محاكاة لعدة مناورات حربية في غرفة مليئة بالمحللين ومستشاري السياسات. وبينما ومضت الشاشة خلفه بين المعارك المختلفة والاستراتيجيات، قال لمستمعيه: إن الحكومة الأمريكية تبرمج بالفعل نظمها العسكرية وفق عشرات التصورات المماثلة لتلك التي عرضها عليهم. ولم تتركز هذه التصورات على الحروب الناجمة عن الصراعات الدبلوماسية المألوفة مع إيران، أو كوريا الشمالية، أو حتى القديمة على غرار الحرب الباردة كالمواجهة النووية مع روسيا أو الصين. وبدلا من ذلك، ارتكزت كل محاكاة على واحدة من الحروب العديدة المحتملة، التي تعتقد حكومة الولايات المتحدة بالفعل أنها يمكن أن تنشأ نتيجة لتغير المناخ.

وسواء كنت متشككًا أو مؤمنًا بتغير المناخ أو ارتباطه المزعوم بالنشاط البشري باعتباره سببًا له، فعندما يتحرك الجيش الأمريكي في مجال البيئة، فمن الصعب إنكار أن الأطراف الرئيسية في العالم تأخذ الأمر بجدية. وكان أنتوني هوبلي، وهو متخصص قانوني في مجال تغير المناخ في شركة محاماة نورتون روز، بين الحضور في الندوة. ويقول أنتوني "أصابت تلك العروض ـ حقًا ـ وترًا حساسًا حتى أن بعض الدول في كوبنهاجن كانت تتفاوض من أجل بقائها. ويبدو من المسار الذي نسير فيه بدون إجراءات صارمة، ووفقًا للاتجاهات السائدة في البيانات العلمية الملحوظة، أن تزداد حرارة العالم بـ 6 درجات مئوية، وهذا أمر لا يصدق" .

 ولا شك أن كل أمة في العالم تود أن ترى تفاصيل العروض التقديمية للمحاكاة العسكرية الأمريكية. وسوف تواجه كل منطقة من مناطق العالم تحدياتها وصراعاتها الخاصة بالتأكيد إذا لم يتم تفاد تغير المناخ. وسمعنا بالفعل كثيرًا من التكهنات المدمرة – بداية من فيضانات البحار التي يمكن أن تزيل الدول ذات الارتفاعات المنخفضة مثل بنجلاديش وجزر المالديف والعديد من جزر المحيط الهادئ من على الخريطة، إلى زيادة الجفاف والتصحر التي يمكن أن تشل نشاط المناطق الزراعية في جميع أنحاء العالم.

 ولكن ما الآثار المحتملة في منطقة تغلب عليها الصحراء بالفعل ومقيدة من نواح كثيرة بحاجتها للمياه؟ يود واضعو السياسات وقادة الصناعة في الشرق الأوسط  أن يعرفوا ذلك حقًا. على سبيل المثال، هل صحراوات الأردن منطقة صراع مستقبلية في عمليات محاكاة الحكومة الأمريكية؟ وهل ستنشب أعمال شغب بسبب المياه على ضفاف بحيرة طبرية؟ وهل سترافق السفن الحربية سفن الصيد التي تتنافس على المخزونات السمكية المتناقصة في البحر الأحمر، أو في البحر الأبيض المتوسط ، أو في الخليج العربي.

 ليس بالضرورة أن يكون الأمر كله مجرد تخمينات. في الواقع، بدأت العديد من الحكومات والشركات والمنظمات غير الحكومية في منطقة الشرق الأوسط التحذير بالفعل -- وتستعد لأسوأ الاحتمالات -- استنادًا إلى التوقعات المأخوذة من البيانات والنماذج العلمية الموجودة.

المخاطر تنتظر المنطقة

نأخذ الأردن كمثال. تعاني المملكة الأردنية الهاشمية بالفعل من انقطاع منتظم في إمدادات المياه، ويستطيع عدد قليل جدًا من الأردنيين الاعتماد على الماء الجاري لمدة 24 ساعة يوميًا. ويعتبر ترشيد المياه مجرد أمر من مقتضيات الحياة اليومية في مدن مثل عمان. وحتى تحافظ على هذا الإمداد المتقطع من المياه ، تضطر الأردن حتى إلى اللجوء إلى تخزين المياه في خزانات جوفية للمياه القديمة -- المعروفة باسم طبقات المياه الجوفية -- كما أنها تعتمد بشكل كبير على إسرائيل باعتبارها موردًا للمياه، على النحو المتفق عليه بموجب بنود اتفاقية السلام بينهما.

ولكن إذا كانت الأردن لديها، بالنسبة للفرد الواحد، واحد من أقل مستويات الموارد المائية المتاحة في العالم اليوم، وهذا قبل أن تحل أشد آثار تغير المناخ قسوة، فماذا سيحمل المستقبل؟ وجَّه الأردني منقذ مهيار، مدير منظمة "أصدقاء الأرض" تحذيرًا شديدًا وقال "تشير جميع النماذج العلمية إلى أن المنطقة سوف تقل بها الأمطار جدًا – ويعنى هذا كميات أقل من المياه في طبقات المياه الجوفية والأنهار والبحيرات".

حقًا، حتى لو شهدنا فقط ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1 إلى 2 درجة مئوية بحلول عام 2050، وهذا سيكون أفضل تصور حتى لو تحقق انخفاض الانبعاثات الكربونية الذي أوصت به اللجنة الحكومية الدولية التابعة للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ، فإن 80 ٪ من إجمالى مساحة أراضي الأردن، والتي هي شبه قاحلة حاليًا (ويحتمل أن تكون صالحة للزراعة)، سوف تسوء حالتها وتتحول إلى صحراء قاحلة.

ويقول مهيار "إنها عملية متسلسلة. أولا سوف نرى الحياة النباتية والحيوانية تتضرر، وبعد ذلك سوف تبدأ على الفور في التأثير على البشر أنفسهم. وتعاني كل هذه المنطقة حاليًا، وسوف تعاني في المستقبل. وليس الأردن فقط، ولكن سوريا والجزائر ولبنان. ومعظم دول الشرق الأوسط".

حتى الآن كان الصراع المسلح في الشرق الأوسط المرتبط على وجه التحديد بإمدادات المياه واضحًا، إلى حد كبير، نتيجة غياب المياه. ولكن احتمال الحرب موجود بالتأكيد، كما هو واضح في غيره من المناطق المعرضة للجفاف، مثل كينيا، حيث قتل أكثر من 300 شخص هذا العام نتيجة نزاعات حول المياه بعد ثلاث سنوات من الجفاف المستمر.

وسوف يؤثر ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات هطول الأمطار، ليس فقط على الأفراد، ولكن على نطاق أوسع من الإمدادات الغذائية والاقتصاد أيضًا، حيث تشهد الأنشطة الكبرى مثل الزراعة كميات أمطار متناقصة. وتواجه الصناعات مثل صيد الأسماك والسياحة تهديدات أيضا. وتعد البحار والمناطق الساحلية في منطقة الشرق الأوسط غنية بالشعاب المرجانية. وتعتبر هذه الشعاب موطنًا ومصدر غذاء على حد سواء للكثير من الأسماك في البحر الأحمر والخليج العربي وبحر العرب، وأجزاء من منطقة البحر الأبيض المتوسط. كما أنها تجلب السياحة المربحة في صورة غواصين يحرصون على استكشاف التنوع البيولوجي على السواحل. ولكن يهدد تغير المناخ الشعاب المرجانية والأسماك. وبينما يرتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، يزداد امتصاص الغاز في البحار والمحيطات. ويتحلل ثاني أكسيد الكربون في مياه البحار ليكون حمض الكربونيك الذي يضر بشكل خطير بحياة النبات والحيوان في البحار، خصوصًا الشعاب المرجانية.

ويقول إم جي ميس، مفاوض تغير المناخ عن تحالف دول الجزر الصغيرة: "عندما يصل معدل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى 450 جزءا في المليون، تتوقف الشعاب المرجانية عن النمو. وعندما يصل إلى 550 جزءًا في المليون تتحلل تمامًا. ونحن نعرف ذلك، وتمت ملاحظته من قبل". ويعرف العلماء بالفعل النقطة التي تموت عندها الشعاب المرجانية نتيجة التعرض المفرط لحمض الكربونيك لأنهم لاحظوا هذه العملية في البحار القريبة من الانفجارات البركانية حيث يكون تركيز ثاني أكسيد الكربون في الهواء عاليًا جدًا.

وكان معدل تركيز ثاني أكسيد الكربون المسجلة في الغلاف الجوي للأرض من قبل الإدارة الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي في شهر مارس آذار 2009، تبلغ 387 جزءًا في المليون، وهو ارتفاع عن متوسط قدره 378 جزءًا في المليون في عام 2005. وسجلت الإدارة ارتفاعًا مطردًا في تركيز ثاني أكسيد الكربون منذ عام 1960، عندما احتوى الغلاف الجوي على معدل يقل عن 320 جزءًا في المليون.

ويقول ام جي ميس "حتى لو ارتفع التركيز العالمي لثاني أكسيد الكربون لأعلى درجة قبل عام 2015 ، وهذا مبالغة في التفاؤل، سوف نظل نشهد ما بين 445-490 جزءًا في المليون. وربما يعني هذا انخفاض الثروة السمكية حيث تتوقف الشعاب المرجانية التي تتغذى عليها الأسماك عن النمو. غير أن الأكثر احتمالًا هو أن نشهد ذروة في ارتفاع ثاني أكسيد الكربون لما بين 535-590 جزءًا في المليون. وفي هذه الحالة، سوف تموت الشعاب المرجانية، وكذلك الأسماك".

وبالطبع تستغرق الشعاب المرجانية عقودًا عديدة لتنمو، وبدونها لن يكتب لأجيال من الأسماك البقاء، وسوف يؤدى هذا، على الأرجح، إلى فناء الكثير من الأسماك، وحدوث انقراض للعديد من أنواعها. إذن ربما تصبح بحار منطقة الشرق الأوسط ذات كثافة منخفضة جدًا من الحياة النباتية والحيوانية، وهذا يعني ليس فقط نهاية صناعتي الصيد والسياحة المربحتين، ولكن أيضًا نهاية الأسماك التي يعتمد عليها كثير من الناس في المنطقة كوجبة يومية.

في كل محنة منحة

كما هو الحال دائما، تكون هناك منحة في أي محنة، وسرعان ما تطرح الحلول. ففي الأردن، تعتبر منظمة أصدقاء الأرض خطر تغير المناخ دافعًا للتوصل إلى اتفاقات أفضل حول كيفية إدارة المياه.

ويقول المهندس منقذ مهيار "إذا لم تجلس دول الشرق الأوسط لإعادة التفاوض على المياه، سنكون متجهين نحو أزمة. ولكن سيظل الماء دائمًا قضية يمكن أن تجمع بين الناس بدلًا من أن تفرقهم -- إنها نقطة التقاء للناس في الشرق الأوسط في وقتنا هذا. وأعتقد أن الأردن وإسرائيل، على سبيل المثال، يجب أن يتحركا، وسوف يتحركان، لإعادة التفاوض حول الشروط التي يتعاملون بموجبها مع المياه".

وكانت واحدة من المشكلات الرئيسية في الماضي أن إسرائيل كانت مجبرة على إعطاء الأردن كمية ضئيلة من المياه، وليس نسبة مئوية من إجمالي إمدادات المياه لديها. إذن عندما تقل إمدادات المياه عما تحتاجه إسرائيل لنفسها، تخفض ما تقدمه للأردن، كما حدث خلال فترة الجفاف القياسي في بحر الجليلي في عام 1999. وترى منظمة أصدقاء الأرض الإدارة الحالية للمياه كمصدر محتمل للصراع لأنه لا توجد فكرة تقاسم العبء. وتعتقد المنظمة أن إعادة التفاوض فرصة لتكامل أكبر بين البلدين حول مسئولية المياه، حتى تتسنى المشاركة في الإدارة والمصالح، وتنخفض المنافسة.

يقول مهيار "نحن بالتأكيد بحاجة إلى الحديث عن النسب المئوية للمياه، وليس الكميات. وينبغي أن نتفادى الأخطاء السابقة. وآمل أن نعرف أن الماء مورد إقليمي، وليس موردًا وطنيًا. ويمكن أن يصبح مصدرًا للتعاون. ونحن بحاجة إلى العمل معًا للحفاظ عليه. على سبيل المثال، في الأردن تعودنا على نظرية التكيف، لأنه لا أحد بيننا يحظى بالمياه طوال الوقت، لذا تعلمنا أن نحافظ عليها. وفي إسرائيل، يحصلون دائمًا على المياه، ولذلك فإن ثقافتهم هي استخدامه وإساءة استعماله. ولكن أمامنا جميعًا الكثير لنتعلمه، بغض النظر عن البلد الذي ننتمي إليه".

وليس على الشرق الأوسط التحضير للتهديدات التي يشكلها تغير المناخ فحسب، بل يمكن أن تستفيد المنطقة من الحلول المحتملة. وفي حين لا تمتلك المنطقة كميات كبيرة من موارد طبيعية محددة للمياه، مثل الغابات المطيرة المحمية، والتي يمكن استخدامها للحصول على التصاريح التي تمنح حاملها حق انبعاث واحد طن من ثاني أكسيد الكربون، فإن المنطقة لديها ميزة انخفاض انبعاث الكربون نسبيًا على النطاق العالمي. وبالتالي، فإنها لا تواجه تحديات ضخمة في خفض الانبعاثات الكربونية. وتتوفر للمنطقة أيضًا أنواع أخرى من الموارد يمكن تحويلها إلى ربح في عصر انعدام الكربون.

ويقول مهيار: "يمكن أن تصبح الصحارى قيمة للغاية فعلًا في مجال صناعة الطاقة البديلة. وتتقدم تقنية الطاقة الشمسية ليس سنويًا، ولكن شهريًاً، بل، وحتى يوميًا. وكان الجيل الأول من الخلايا الفولتية الضوئية (الشمسية) فعالًا بنسبة 10٪ فقط واستخدام السيليكون مكلف للغاية. واحتاجت هذه الخلايا إلى درجة حرارة مثالية مقدارها 25 درجة مئوية. وأي ارتفاع عن هذه الدرجة يخفض كفاءتها بشكل كبير. والآن لدينا الجيل الثالث من الخلايا الشمسية على نطاق واسع. واستخدمت هذه التقنية في الفضاء، وتبدأ الشركات في استخدامها على الأرض. وهى أكثر فعالية من الجيل الأول بنسبة 25 ٪ ، ولذلك فهي أكثر كفاءة من الناحية الاقتصادية. ولا تؤثر عليها درجات الحرارة المرتفعة، لذلك يمكن استخدامها في الصحراء. وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص، يمكن أن تكون هذه التقنية الحل لأزمة الطاقة".

وفي حين تجرى بعض البلدان، مثل إسبانيا، تجارب بالفعل على الطاقة الشمسية على نطاق أوسع، فإن تكاليفها مرتفعة جدًا. كما سيكون من الصعب جدًا تصدير فائض الطاقة من أجل الربح إلى المناطق المجاورة مثل جنوب أوروبا أو دول القوقاز لأن الطاقة الكهربائية تفقد بعض قدرتها على المسافات الطويلة على نظام الشبكة. ويعترف مهيار بأن التكاليف الاستثمارية الأولية ستكون عالية. "ولكن على المدى الطويل ستؤتي ثمارها. وحتى الوقود الحفري يحصل على الدعم الحكومي. ويمكن تحويل نفس هذا الدعم إلى الطاقة الشمسية. وبعد ذلك، تصبح طاقة مجانية من الشمس. حتى مع نظام الشبكة القائم، إذا فقد الكثير من الطاقة على طول الطريق، فهي بداية. ومع وجود نظام متطور، يمكن التقليل من كمية الطاقة المفقودة ".

ولكن هذا يشير إلى وجود مشكلة أكبر في محاولة مواجهة التكاليف المترتبة على تغير المناخ في منطقة الشرق الأوسط وهى التمويل. ويقول أنتوني هوبلي من شركة نورتون روز، إحدى الشركات الرائدة في الممارسة القانونية الدولية "ما بين 50-85 ٪ من مجموع التمويل المطلوب للتكيف مع تغير المناخ، سوف يتعين أن يأتي من التمويل الخاص. وعند النظر في أنه بحلول عام 2030، يقدر مجموع التمويل العالمي المطلوب بما بين 384-563 مليار دولار سنويا، سنجد أن هذا مبلغ كبير".

 ولكن مجال الأعمال، سواء على الصعيد العالمي أوفي الشرق الأوسط، لا يزال غير مشارك في قضايا تغير المناخ بقدر ما يلزم، أو حتى بقدر ما يريد. ويقول هوبلى "أبرزت دراسة أجرتها شركة نورتون روز أخيرًا أن 71.7 ٪ من الشركات قالت إنها تعتقد بعدم قدرتها في الواقع التأثير على عملية التفاوض والتكيف التي تجرى مناقشتها في مؤتمرات مثل كوبنهاجن. ونحن بحاجة إلى أن نسأل: لماذا لا يشارك مجال الأعمال بشكل أكبر؟ ولماذا لا تُفعل مشاركته من خلال منتديات الأعمال والمؤسسات التجارية؟ هل هذا خطأ مجال الأعمال، أم لا تريد الحكومات المشاركة مع رجال الأعمال؟"

وربما يكون الجواب مزيجًا من الاحتمالين. وتتخذ بعض الحكومات خطوات بالفعل. وتبنى الأردن حاليًا خط أنابيب جديدًا من خزان المياه الجوفية الضخم المسمى "ديسي" لنقل المياه إلى عمان، وأجرت الحكومة محادثات مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل لمناقشة خطط لإقامة قناة بين البحر الأحمر والبحر الميت للمساعدة على وقف التدهور في منسوب مياه أراضيها. ولكن حتى هذه المشاريع لا تزال تفتقر إلى الاستثمار. وبالرغم من ذلك، تبدو الحكومات الأخرى غير مبالية إلى حد كبير سواء بالتهديدات أو فرص الأعمال التي يطرحها تغير المناخ، كما يشير المهندس منقذ مهيار.

ويقول مهيار: "أمر واحد لا أزال لا أستطيع فهمه وهو المواقف المتباينة للدول العربية. وليس الأمر فقط حول انبعاث الكربون. بل هو أيضًا حس جيد من مجال الأعمال في استخدام السلع الأساسية مثل النفط. وأجد أنه من الغريب جدًا أن الدول المنتجة للنفط مثل المملكة العربية السعودية والجزائر وسوريا ألا تدعم المحادثات مثل كوبنهاجن. فالنفط سلعة ثمينة جدًا. ويمكننا استخدامها ليس فقط للحصول على الطاقة، بل هى تدخل في كل منتج من حولنا – مثل البلاستيك والمواد الدوائية والمواد الكيميائية. لماذا نحرق سلعة ثمينة جدًا للحصول على الطاقة بينما نستطيع الحصول على الطاقة من مصادر بديلة؟ نحن نحرم منطقة الشرق الأوسط على مدى إيرادات المستقبل البعيد من النفط كمادة خام عن طريق استنفاذه على المدى القصير".

ويعد قلق مهيار إزاء السياسة قصيرة النظر وفشل الكثيرين في التصرف في محله. وفق جميع الحسابات العلمية، تتطور آثار تغير المناخ الآن بشكل أسرع بكثير من توقعات اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (ليس تطورًا معتدلا بأي حال من الأحوال). ويقول ام جي ميس "يرتفع مستوى سطح البحر بمعدل أسرع من توقعات اللجنة الحكومية الدولية. ويتزايد معدل فقدان الغطاء الجليدي في غرب المنطقة القطبية الجنوبية بشكل متسارع. وفاق معدل فقدان جليد القطب الشمالي توقعات اللجنة الحكومية الدولية. وتسارع معدل الفقدان في الغطاء الجليدي في جرينلاند ليتجاوز التوقعات التي وضعت قبل بضعة أعوام. والمشكلة أن الأمر لا يبدو مهمًا للناس حين تكرر الأرقام على العناوين الرئيسية، فلا تزال الناس تنساها، وهذه أمور لا نستطيع أن ننساها".

في الواقع، ومع صدور التقارير الأخيرة عن مكتب الأرصاد الجوية البريطاني بأن العقد الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق، وإعلان مكتب الأرصاد الجوية العالمي أن عام 2009، سوف يكون واحدًا من أكثر عشر سنوات حرارة تم تسجيلها على الإطلاق، ومع تسجيل ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 0.44 درجة مئوية في المتوسط على المدى الطويل، سيصبح قريبًا من الصعب على سكان الشرق الأوسط أن ينسوا أن الحرارة تشتد الآن بالفعل.

font change