ألقى تقرير أصدرته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اللوم على ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب بالفوضى التي تسبب بها الانسحاب الاميركي من افغانستان في اغسطس/آب 2021.
التقرير، وهو عبارة عن ملخص للتقارير والمراجعات السرية لكل من وزارتي الخارجية والدفاع المتعلقة بالانسحاب، أثار ردود فعل غاضبة لدى المشرعين الجمهوريين فطالبوا بالحصول على الوثائق التي اعتمد عليها التقرير للقيام بتحقيقهم الخاص.
تزامن صدور التقرير مع تنديد الأمم المتحدة ودول غربية بقرار حركة "طالبان" الأفغانية القاضي بمنع النساء الأفغانيات من العمل في المنظمة الدولية. وكان سبق هذا المنع حظر الالتحاق بالمدارس الثانوية والجامعات على الفتيات الافغانيات. في الحالتين كان تبرير حركة "طالبان" عدم التزام الطالبات والعاملات "قواعد اللباس الإسلامي" أو حضورهن إلى الجامعات من المحافظات "دون رفقة محرم ذكر"، وهو ما يتعارض مع المفهوم الشرعي للحركة كما صرح وزير التعليم العالي في "طالبان"، الشيخ نِدى محمد نديم.
شمل الحظر على حرية النساء منذ الانسحاب الاميركي وسيطرة حركة "طالبان" على الحكم، منعهن من ممارسة الرياضة ودخول الصالات الرياضية والحدائق العامة، كذلك منعهن من السفر من دون محرم وإجبارهن على ارتداء الحجاب أو البرقع خارج المنزل.
بعد اغلاق حركة "طالبان" أبواب الجامعات أمام النساء في ديسمبر/ كانون الأول الماضي لأجل غير مسمّى، زاد الامر سوءا ببروز معاناة جديدة في البلاد، وهي النقص في الكادر الطبي النسائي تحديدا.
فنتيجة لغياب النساء عن مقاعد الدراسة، لاحت في الافق ازمة غياب متخرجات من تخصصات جامعية معينة، واعربت الافغانيات عن خشيتهن من عدم وجود طبيبات لمعالجة النساء كما تطالب الحركة المتشددة، ما يُفاقم الأزمة الإنسانية الموجودة أصلا.
شمل الحظر على حرية النساء منذ الانسحاب الاميركي وسيطرة حركة "طالبان" على الحكم، منعهن من ممارسة الرياضة ودخول الصالات الرياضية والحدائق العامة، كذلك منعهن من السفر من دون محرم وإجبارهن على ارتداء الحجاب أو البرقع خارج المنزل
القاسم المشترك بين جميع قرارات حكومة "طالبان" الظالمة والمجحفة في حق المرأة الافغانية، هو مسارعة الامم المتحدة ومؤسساتها والدول الغربية إلى التنديد بهذه القرارات، ومطالبتها بالعودة بشكل عاجل عنها. الاغرب، دهشة المؤسسات والدول تلك في كل مرة تتخذ "طالبان" قرارا جديدا في حق النساء، كأنها كانت تنتظر من حركة "طالبان" المتطرفة ذات التنظيم الإيديولوجي الديني، حليفة تنظيم "القاعدة" الارهابي، ان تحترم حقوق الانسان عموما وحقوق المرأة خصوصا.
يوم عادت "طالبان" الى السلطة بعد 20 عاما من سقوط حكومتها اثر الغزو الاميركي، زعمت انها تغيرت، ووجهت رسائل للطمأنة في ما يتعلق بموضوع المرأة تحديدا. يومذاك قال عضو لجنة "طالبان" الثقافية إنام الله سمنغاني ان على النساء الانضمام إلى الحكومة الجديدة فـ"الإمارة الإسلامية- وهو الاسم الذي تستخدمه طالبان لوصف حكمها في أفغانستان- لا تريد أن تكون النساء ضحايا". كذبت "طالبان" ولم يكن كذبها مفاجئا، أقله بالنسبة إلى الشعب الافغاني.
شاهد العالم كله كيف حاول الافغان الهرب لحظة عودة سيطرة "طالبان" على الحكم. شاهد مئات البشر على متن طائرة شحن عسكرية أميركية للفرار من كابول، 640 شخصا كانوا على متن الطائرة، وهي أكبر حمولة بشرية تم نقلها على هذا النوع من الطائرات يوما. شاهد كيف تعلق بعضهم بعجلات طائرات مغادرة علهم ينجون بأنفسهم من حكم "طالبان"، وشاهد ايضا كيف من لم يستطع الهرب اعطى اطفاله إلى الجنود الاميركيين المغادرين. أدرك الافغان ان "طالبان" 1996-2001 هي نفسها "طالبان" اليوم وغدا، لكن الامم المتحدة والدول الغربية يبدو انها لم تعرف ما عرفه الجميع هناك.
اليوم، مع صدور التقرير الاميركي الذي يلقي باللوم على ادارة ترامب، اضافة الى التقييمات المخابراتية والعسكرية الأميركية التي فشلت في التنبؤ بسرعة سيطرة "طالبان" على السلطة، ومع ردود الجمهوريين، والاخذ والرد، يبقى ان شيئا لن يتغير بالنسبة إلى نساء افغانستان.
فالمسألة للمرأة الافغانية لم تعد من يتحمل مسؤولية ما آلت اليه الامور، ولا التضحية بعشرين عاما ناضلت خلالها المرأة الافغانية وحققت فيها الكثير من النجاحات، بل المسألة ماذا بعد؟ وهل هي فقط مسؤولية المرأة لتناضل وترفض ما لحق بها على يد هذه الحركة، أم ان على الرجل الافغاني التحرك؟ أليست هي نصف المجتمع، الام والاخت والابنة؟
ان يحارب العالم حركة "طالبان" من اجل استعادة حقوق النساء أمر غير وارد، ولكن ان يظن الرجل انه غير معني بهذه المعركة فهذا أمر غير منطقي. انها معركة افغانستان والانسان الافغاني، وليست معركة المرأة الافغانية فحسب.