إحصاءات صادمة
أمّا في العالم العربي فقد تزايدت وتيرة العنف ضد المرأة في المنطقة خلال السنوات الأخيرة في ضوء سياقات عدم الاستقرار الأمني والنزاعات في عدد من الدول، إضافة إلى جائحة كوفيد 19 التي عززت من ممارسات العنف في ظل ظروف الحجر المنزلي ومن ثم الأزمات الاقتصادية التي عصفت في بعض هذه الدول. ولم ينجح اهتمام بعض الدول العربية بإصدار قوانين أو تعديلات تشريعية خاصة بمناهضة العنف ضد المرأة، في حماية النساء اللواتي يتعرضن لأبشع أنواع الجرائم باسم "الشرف" غالبا، وأحيانا باسم "الحب" كما حدث مع الأردنيتين لبنى منصور وإيمان إرشيد والمصرية نيرة أشرف، وغيرهن من الشابات اللواتي قتلن بدافع "الحب" و"الغيرة" كما ادّعى منفذو هذه الجرائم.
وبحسب مؤشرات هيئة الأمم المتحدة للمرأة تعرضت 37 في المئة من النساء العربيات لشكل من أشكال العنف في حياتهن. وهناك مؤشرات على أن النسبة قد تكون أعلى. ولكن لا أرقام دقيقة تظهر عدد النساء اللواتي يتعرضن للعنف والقتل في غالبية الدول العربية.
فمعظم الدول العربية تعاني من نقص شديد في البيانات المتخصصة المتعلقة بالجريمة ضد النساء، وعدم الاستمراريّة في رصد البيانات في بعض البلدان، حيث يجري التوثيق والنشر في عام لتغيب الإحصاءات وعمليات المتابعة لقضية قتل النساء في سنوات أخرى كما تبيّن الإحصاءات التالية:
مصر: أعلنت مؤسسة "إدراك للتنمية والمساواة" عن 296 جريمة قتل موجهة ضد النساء والفتيات في عام 2021 وحده، وذلك في تقريرها السنوي المهتم بتتبع العنف القائم على النوع الاجتماعي، علما أن التقرير السابق لعام 2020 سجّل 165 جريمة، ما يعني تضاعف معدل قتل النساء، وفقا لرصد المؤسسة.
الجزائر: رصدت مجموعة "فيمنيسيدز ألجيري" 24 حالة قتل للنساء في عام 2022، و55 حالة قتل ضد النساء في 2021، و55 حالة قتل ضد النساء في 2020 أيضا، فيما سجلت 74 حالة عام 2019 وحده.
المغرب: بحسب "فيدرالية رابطة حقوق النساء" في المغرب فإن مراكز المنظمة استقبلت 12 ألفا و233 حالة عنف ضد النساء خلال 2018، وبلغت نسبة العنف الجسدي 15.17% من الحالات.
الأردن: قدّرت منظمة "هيومن رايس ووتش" عام 2016 وقوع ما بين 15 إلى 20 جريمة شرف سنويا في الأردن، ورصدت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" وقوع 18 جريمة قتل أسرية بحقّ النساء والفتيات خلال عام 2020 عبر تتبعها للأخبار المنشورة على وسائل الإعلام المختلفة.
أمّا في بعض الدول العربية الأخرى كالعراق واليمن، فلا إحصاءات رسمية أو غير رسمية لعدد النساء اللواتي يقتلن باسم "الشرف"، أو يتعرضن لأنواع أخرى من أنواع العنف الأسري، والسبب في كثير من الحالات هو تكتم العائلات وعدم الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم، لتبقى قصص ضحايا تلك الجرائم طي الكتمان.
ظاهرة عالمية
وتعتبر ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية، إذ تتعرض كل 11 دقيقة امرأة أو فتاة للقتل على يد أحد أفراد أسرتها، وذلك بحسب ما أوضحت المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة UNODC، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.
وتفيد التقارير الأممية أن عنف الشريك إلى جانب العنف الجنسي تتصدّر مختلف أشكال العنف ضد النساء. وتشير التقديرات العالمية إلى أوضاع كارثية، إذ يتعرض أكثر من ربع النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 و49 سنة من المرتبطات بعلاقة للعنف البدني و/ أو الجنسي على يد الشريك مرة واحدة على الأقل في حياتهن، وذلك اعتبارا من سن 15 عاما.
وبحسب "فرانس برس"، فإن آخر التقديرات التي صدرت عام 2022 تفيد بأن معدلات انتشار عنف الشريك ضد المرأة خلال حياتها بلغت 20٪ غرب المحيط الهادئ و22٪ في البلدان المرتفعة الدخل وأوروبا و25٪ في إقليم المنظمة للأميركيتين و33٪ في إقليم المنظمة لأفريقيا، و31٪ في إقليم المنظمة لشرق المتوسط، و33٪ في إقليم المنظمة لجنوب شرق آسيا.
كما تصل نسبة جرائم قتل النساء التي يرتكبها الشريك إلى 38% من مجموع هذه الجرائم على مستوى العالم. وتقوم نسبة 6% من نساء العالم بالتبليغ عن تعرضهن للاعتداء الجنسي على يد شخص آخر غير الشريك، على الرغم من شحّ في البيانات المتوافرة عن العنف الجنسي على يد غير الشريك.