العراق هو "قصة الغلاف" في عدد مجلتنا لهذا الشهر. لم يكن الأمر في حاجة إلى كثير من النقاش. الملف فرض نفسه على مائدة التحرير.
الغزو الأميركي بدأ في 20 مارس/آذار، واسقاط تمثال الرئيس صدام حسين في 9 أبريل/نيسان كان رمزا لنهاية النظام وبدء مرحلة جديدة.
تلك الحرب، غيرت الكثير في العراق وتوازنات المنطقة. حولت "الجبهة الشرقية" العربية ساحة للصراعات والتفاهمات الأميركية - الإيرانية. كشفت حدود القدرة العسكرية والقوة الناعمة. نقلت خطوط “الجبهة” ووضعتها في أمصار متحركة. أيضا، العراق تغير كثيرا خلال عقدين. صدامات وانقسامات وميليشيات وانقسامات وخيبات... واحتجاجات.
الغزو الأميركي للعراق، سابقة في العلاقات الدولية. دولة عظمى كان لها دور في بناء المؤسسات الدولية والأمم المتحدة في 1945 شنت "حربا غير مبررة، بل غير قانونية، كما أعلن الأمين العام كوفي أنان"، حسب قول الوزير اللبناني والمبعوث الأممي السابق غسان سلامة لـ "المجلة" في فبراير/شباط. ويضيف: "كان هناك شعور (من أميركا) مبالغ فيه بالقوة، وان هناك ظرفا تاريخيا كي تتخلص من خصم يزعجها"، أي الرئيس صدام.
هذه "السابقة" ولدت "استسهال استعمال القوة" من دول كبرى أخرى وصولا إلى ضم روسيا شبه جزيرة القرم في 2014 والحرب في أوكرانيا في 2023، بل انسحبت "السابقة" على انغماس دول “متوسطة القوة” في “ساحات كثيرة” خصوصا ما يحصل في العالم العربي في العقد الأخير.
المشهد من واشنطن ليس كذلك، على الأقل بالنسبة لبعض صناع القرار. يقول مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون لـ "المجلة"، إن "الحملة العسكرية كانت رائعة"، وإن الأخطاء كانت سياسية حصلت بتفكيك الجيش والأمن و"اجتثاث البعث"، وإن "الربيع العربي" كان سيحصل حتى من دون غزو العراق.
الذكرى العشرون للغزو والسقوط، مناسبة لزيارات صحافية ومقالات تحليلية، فيها استعادة لعقدين من عمر العراق والمنطقة والعالم، ونبش لجروح وآمال وطموحات وخيبات.
العراق أكبر من قصة وأهم من غلاف، تتناوله مجلتنا من جميع جوانبها. ترسم المشهد وسيناريوهات الخروج من "جمهورية الفوضى" و "دكتاتورية الفساد"، تستعيدها يوميات الدبلوماسي الأميركي السابق روبرت فورد بأيام "التغيير" الاولى، تحت أمرة الحاكم بول بريمر، وسؤاله عن حدود القوة العسكرية الأميركية في تربة عراقية خصبة بالميليشيات والتدخلات والانقسامات، بالتزامن مع تصويت الكونغرس لإلغاء تفويض “استخدام القوة العسكرية” في الخارج.
يتضمن الملف تحذيرا من عودة "داعش" الذي نبت في رمال الفوضى العراقية والسورية في 2014، قبل تدمير جغرافيته في مارس 2019، مع جولة ميدانية في شوارع الفلوجة وضفاف نهرها بعد 19 سنة على تعليق "جثث أميركيين" فوق جسرها. ونفحص مكاسب الأكراد وعلاقتهم القلقة مع بغداد بعد عقدين من الغزو وثلاثة عقود من الحماية الجوية الغربية. ونستعرض الأفلام العراقية والعالمية التي رصدت رحلة العراق برهاناته وعثراته وانهياراته.
"الحملة العسكرية كانت رائعة"، والأخطاء كانت سياسية حصلت بتفكيك الجيش والأمن و"اجتثاث البعث"، و"الربيع العربي" كان سيحصل حتى من دون غزو العراق.
مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون
صدام، الذي أُسقِط نظامه في 2003 وأُعدِم شنقا في 2006، لا يزال محل انقسام وجدل. نبحث عن جثته والحبل الذي شُنِق به.
كما تنشر "المجلة" المحضر الرسمي السوري للقاء السري النادر بين "الرفيقين البعثيين" صدام وحافظ الأسد عندما رفض الأول مصافحة الثاني في الأردن في 1987 وغادر تاركا الملك حسين "أحمر الوجه".
في هذا العدد أيضا، إضاءات مميزة، بينها مقابلة مع الشاعر الكبير أدونيس بعد عودته من زيارة استثنائية إلى السعودية التي تحيي سنة الشعر، ومقالة عبدالله الرشيد عن أثر الأدب العربي بالشعر الأوروبي، في وقت تنهض الهمم اقتصاديا، في مسار مواز، لتحويل البلاد لمركز لوجستي عالمي.
وإذ ترصد "المجلة" ازدهار "تجارة جوازات السفر" في دول عربية على وقع انهيارات اقتصادية، يكتب الروائي السوري خالد خليفة من دمشق "مدينة الطوابير".
العراق بعد عشرين سنة، بالفعل هو على مفترق طرق. الصعود أو السقوط. ليس وحيدا في هذا الاختبار. الرهان على النهوض في "الحضن العربي".
في متناول القراء، عدد شهر أبريل من "المجلة" بعد انطلاقتها في حلة جديدة ومنصات رقمية عديدة.