تسيطر على معظم السودانيين مشاعر الخوف والقلق والتوتر، بعد أن بات شبح انهيار العملية السياسية الجارية بين العسكريين والمدنيين يلوح في الأفق، إذ يخشى المواطنون من تداعيات كارثية، من بينها الصدام بين الجيش و"قوات الدعم السريع"، بسبب الخلافات المتفاقمة حول دمج تلك القوات بالمؤسسة العسكرية النظامية.
بلغت الخلافات بين الطرفين، أوجها عندما انسحب ممثلو الجيش من الجلسة الختامية لورشة الإصلاح الأمني والعسكري في يوم 29 مارس/آذار الماضي، احتجاجا على عدم تضمين رؤيتهم لمواقيت وترتيبات الدمج ضمن التوصيات النهائية دون تعديل، كما طالبوا أن ينفرد الجيش بإدارة عمليات الدمج وقيادة القوات الموحدة المكونة من أربعة ضباط من الجيش واثنين من الدعم السريع.
وعندما أرادت إدارة الورشة الخروج بتوصيات توافقية، انسحب الجيش في اللحظات الأخيرة من الجلسة، غير أن موقف الجيش أربك كل مواقيت العملية السياسية المعلنة لنقل السلطة للمدنيين، والتي كانت ستبدأ بتوقيع إعلان سياسي نهائي في الأول من أبريل/نيسان، وتنتهي في الحادي عشر من الشهر نفسه بالشروع في تشكيل الحكومة المدنية الجديدة.
وتبدو الأزمة الراهنة على أنها تتمحور اختلافات على مسائل فنية عسكرية فقط، ولكن في الحقيقة هناك وجه آخر سياسي لهذه الأزمة مسكوت عنه بين أكبر كتلتين عسكريتين في السودان، إذ تبحث كل كتلة عن مصيرها بعد توقيع الاتفاق النهائي ودورها وتأثيرها على المشهدين السياسي والاقتصادي في المستقبل.
وقطعا فإن نفوذ كل قوة من القوتين المتنافستين سوف يؤثر على الأخرى بالتلازم، لذلك يرى الجيش أن مرحلة ما قبل توقيع الاتفاق هي الأنسب لتحجيم قوات الدعم السريع التي يقودها نائب رئيس المجلس السيادي الفريق محمد حمدان دقلو (المعروف بحميدتي)، وللحد من مستقبلها السياسي والاقتصادي لصالح قيادة الجيش، وخاصة أن الاتفاق النهائي قائم على منح المدنيين استحواذا كبيرا على السلطة السياسية والتنفيذية وحرمان القوى العسكرية من ممارسة النشاط السياسي والاقتصادي باسم المؤسسات على الأقل.