لندن: كتب العشرات من الأدباء السوريين روايات وأعمالا عن واقع بلدهم قبل سنة 2011 وبعدها، منها ما حفر في التاريخ الحديث للبلاد، ومنها ما حاول تفكيك منظومة الفساد والاستبداد، وحاول توثيق حكايات كثيرة ومؤثرة على هامش الحرب التي تسبّبت بدمار هائل في البلاد ناهيك بتشريد الملايين من السوريين في مشارق الأرض ومغاربها، لكن تأثير معظم تلك الأعمال ظلّ في إطار محدود، وفي حيّز عربيّ مصنّف، ولم يتمكّن من الوصول إلى العالمية إلا في حالات استثنائية معدودة، تقاطعت فيها الظروف والملابسات التي شكّلت روافع إضافية مساعدة لها.
في المقابل هناك أدباء يصنّفون في خانة الغربيين كتبوا أعمالا روائية عن المأساة السورية والتداعيات التي خلّفتها، نالت حظّها من الشهرة وتوّجت بعدد من الجوائز، ولا تزال أصداؤها تتردّد هنا وهناك، ويقابلها القراء الغربيون بردود فعل إيجابية، وبخاصة هنا في بريطانيا. من تلك الأعمال على سبيل المثل رواية "نحّال حلب" للبريطانية من أصل يوناني كريستي لَفْتِيري التي فازت بجائزة أسبن الأدبية، وتحوّلت إلى مسرحيةتعرض في بريطانيا حاليا، ورواية "الفتى الجالس في آخر الصف" للبريطانية من أصل بنغالي أونجالي ك. رؤوف التي فازت بجائزة "بلو بيتر" وجائزة "وتورستونز" لكتاب الطفل.
ما يجمع الكاتبتين أنّ كلتيهما بريطانية من خلفيات مهاجرة، فكريستي لَفْتِيري هي ابنة مهاجِرَين قيرصيين، وعملت متطوِعة في مركز للاجئين تشرف عليه منظّمة يونيسيف في العاصمة اليونانية أثينا. وأونجالي ك. رؤوف البنغالية الأصل عملت متطوّعة في مخيّم كاليه على الحدود الفرنسية البريطانية، واطلعت كلّ منهما خلال عملها التطوّعي على حكايات كثير من اللاجئين، وبخاصة السوريين منهم.
وعلى الرغم من أنّ عملَي كلّ من كريستي لَفْتِيري وأونجالي ك. رؤوف مختلفان من حيث المستوى والصياغة والتوجّه والشرائح المستهدفة، إلّا أنهما يشتركان في بعض النقاط التي تبدو علامات للقراءة أو نتائج يمكن استخلاصها ما بعد القراءة، حيث تركّز الكاتبتان على محنة اللجوء العالمية وأزمة اللاجئين، وبخاصة السوريين منهم، وتنقلان معاناة السوريين الواصلين إلى بريطانيا، وكيف أنّ أوجاعهم المنقولة معهم تلقي بظلالها على حياتهم الجديدة، ومن ثمّ بعد سلسلة من المساعدات يتمّ الاستشفاء منها تدريجيا وتنجح سبل المعالجة، ليظهروا أناسا جددا من قلب حكايات الفاجعة ومرويات المأساة.