لم تحظ الشهادة العلنية التي أدلى بها قائد القيادة المركزية الاميركية الجنرال مايكل كوريلا في 23 مارس/آذار الماضي بما يكفي من الاهتمام، حين قال إن الميليشيات المدعومة من إيران هاجمت القوات الاميركية في سوريا 78 مرة منذ يناير/كانون الثاني 2021. لم يمرّ يوم واحد على حديث كوريلا هذا، حتى شن المقاتلون المحليون المتحالفون مع "الحرس الثوري الإيراني" هجوما آخر بطائرات مسيرة، أدى الى مقتل متعاقد اميركي وإصابة ستة من أفراد الخدمة الاميركية الآخرين. على إثر ذلك، وفي الساعة 2:40 صباحا بالتوقيت المحلي، أرسلت الولايات المتحدة طائرات مقاتلة من طرازF-15E إلى المنطقة وقصفت منشآت يُحتمل أن القوات المهاجمة المدعومة من إيران قد استخدمتها. وردت الميليشيات بدورها، بوابل من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة على قواعد التحالف.
ثمة أمور كثيرة ينبغي إبرازها في بيان كوريلا المثير للانتباه هذا، بدءا من وقوع الهجوم المميت ضد الأفراد الاميركيين بعد مضي أقل من ثلاثة أسابيع على زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة الاميركية مارك ميلي إلى شمال شرق سوريا، تلك الزيارة التي قام بها القائد الاميركي خصيصا لتقييم إجراءات الحماية الخاصة بالقوات الاميركية المؤلفة من 900 جندي اميركي يتمركزون في البلاد.
ولكن إن تخطينا توقف ميلي القصير في سوريا، يمكن استخلاص أربع نقاط رئيسة من كلمات كوريلا القوية، وتلك الصادرة عن طاقمه.
أولاً، إذا كان لدى أي شخص في واشنطن، أو في أي مكان في المنطقة، شكوك حول الأهمية الاستراتيجية لوجود القوات الاميركية المتواضع في سوريا، فإن عليه أن يعيد النظر في شكوكه هذه. فإيران لم تكن لتهاجم القوات الاميركية بلا هوادة لو لم يكن دورها رئيسيا.
ولئن تكن إيران قد عبّرت، طوال السنوات الماضية، عن رغبتها بطرد الجيش الاميركي من المنطقة بأسرها، ولطالما كان هذا الأمر هدفا استراتيجيا لطهران، لكن في سوريا تحديداً، ثمة مصلحة كاملة لإيران في طرد الاميركيين، الذين ما انفكوا يدعمون "قوات سوريا الديموقراطية" المناهضة للأسد (قسد) بقيادة الأكراد، التي تسيطر على معظم موارد النفط في سوريا.