القاهرة: كلّ يوم هو شأن جديد في دراما رمضان. الانطباعات التي تتشكل في المساء، تتبدّد في الصباح وتحلّ محلها انطباعات جديدة، قد تكون مُناقضة كليا. والاختيارات الي ركنا إليها في الحلقة السابقة، ربما تتغيَّر في الحلقة التالية لصالح أعمال أخرى، أو حتى عدم المشاهدة. أما مواقع التواصل الاجتماعي فهي من جهتها، لا تتراجع، ولا تتباطأ تظلّ على حالها ترفع أقواما، وتحطّ أقواما آخرين، كانت هي نفسها قد رفعتهم العام الماضي.
ماراثون لا ينتهي، لكن هل نستطيع القول إن المشاهد هو المُستفيد فعلا من هذا السباق؟
من السابق للأوان الحُكم على الأعمال الدرامية المعروضة، ليس فقط لأننا لم نتمكن بعد من مشاهدة حتى نصف حلقات هذه الأعمال، لكن أيضا، وهذا هو الأهم، لأن الحُكم على أي عمل، يتطلب قدرا من التأمل، والانفصال عن العمل من جانب وعن التيار السريع لمواقع التواصل الاجتماعي من جانب آخر، والذي إن لم يكن موجَّها بسوء نية، فهو موجَّه بالاندفاع، بالتعصب أحيانا، والرغبة في تحريك الأمور، كأنها صناعة دراما موازية للدراما الفنية.
لكن وقبل أن نتوه في الزحام، وقبل أن نستسلم لطوفان الأعمال المعروضة قد يكون من المفيد طرح بعض الأسئلة المبدئية، لأنّ بعض الأعمال المعروضة سواء في البرامج أو المسلسلات تُثير هذه الأسئلة أكثر من غيرها، ولنبدأ بسؤال: هل يملك المُتفرِج خيارا حقيقيا في دراما رمضان؟
بمعنى آخر، هل يختار المتفرّج المحتوى الذي يُريد مشاهدته؟ أم أنه يختار من بين إجابات مُتعددة يفرضها السوق، لكنها محدودة ومحددة سلفا؟ بطبيعة الحال، هناك ما يُمكن اعتباره مجازا بالعقد غير المكتوب، بين صناع الدراما والترفيه من جهة، وبين المشاهد من جهة أخرى، وينصّ هذا العقد على أن يُقدّم الموسم الرمضاني (وهو عملية طويلة استمرّت أعوام)، أكبر مأدبة من المسلسلات والبرامج والإعلانات. ونحن فهمنا مع مرور السنوات وتعدّد المواسم، أن هذه المأدبة قد تكون الأضخم، والأكثر تنافسا وبهرجة وصخبا، لكن لا شيء يضمن أن تكون الأفضل، أو الأجود فنيا.