في المملكة العربية السعودية حصن يدعى خيبر، معروف باسمه الآخر "حصن مرحب"، نسبة إلى مرحب بن الحارث، أحد فرسان هذا المكان الواقع في شمال شرق يثرب (المدينة المنورة) وعلى مسافة تبعد عن الحصن نحو 168 كيلومترا، يُعَدّ من الحصون العريقة التي قاومت الانهيار على الرغم من تداعي سقفه، لكن الحصن لا يزال صامدا في معماره الهندسي العربي المميز، وهو يطلّ على واحة نخيل يعتبرها كثر أكبر واحة نخيل في جزيرة العرب، حيث التربة الخصبة وعيون الماء الحلوة والغزيرة، وحوله سوق ومنازل قديمة جدا باتت في مفهوم اليوم قِيمة أثرية عالية في المملكة.
أطلال مادية
"حصن مرحب" الذي ذهب سقفه مع عوامل التعرية، يحتاج ترميما سريعا بوصفه بقعة أثرية ثمينة، دون الخوض في ترميم مدينة خيبر القديمة تحديدا، لما قد يكون لذلك من حساسية تاريخية دينية، تماما كما كان النقاش المسبق حول الموقع الأثري لمنطقة العلا في إقليم الحجاز المعروف بديار ثمود أو مدائن الحجر (مدائن صالح)، إلا أن المملكة العربية السعودية سمحت أخيرا بإنعاشها سياحيا بعد إدراجها على قائمة التراث العالمي "يونسكو" كموقع مهم لحضارة الأنباط، ليرى المختصون في الآثار أن لا حساسية مع الأثر، بوصفه الآن علما.
من الطبيعي أن تحمل مدينة خيبر أطلالا مادية، كما كانت يوما مع القلاع على سواحل الخليج العربي التي بنتها دول الاستعمار كمخازن للبضائع، ولم نهملها في طبيعة الحال، حيث نقوم اليوم بترميمها اعترافا منا بأهميتها، وثقة بأن التوثيق ضروري لموقع لا يمكن الانفصال عنه أو محوه، وإن كان يحمل في طياته ذكريات أليمة. لكن ما مضى قد مضى وبقي الأثر.
تغيرت اليوم النظرة إلى ما يسمى بسيماء البلدان أو أطلالها أو آثارها، بل أصبح العثور عليها ثروة ومحصلة تاريخية، وقيمة هندسية عالية، وكل من لديه أثر أو طلل في أرضه أو حتى بعض اللقى، يعدّه من الشواهد الحضارية، إضافة إلى قيمتها التاريخية، وكذلك العلمية، لأنها أصبحت تدخل في مجال البحوث والدراسات العلمية والتنقيبات بحثا عن معلومات ممكنة، ومن أجل استقصاء منظم ودقيق، ولكي يأخذ المكان طريقه إلى التحليل الموضوعي.