"المجلة" ترصد أبرز هذه الكتب التي صدرت من مختلف دور النشر والبلدان العربية.
- "السلام عليكم – خطاب إلى المسلمين" - سعيد ناشيد
يشدّد الباحث المغربي سعيد ناشيد في كتابه "السلام عليكم – خطاب إلى المسلمين" على مفهوم الدين السمح السامي بعيدا من خطاب العنف والترويع والكراهية والإرهاب، حتى يكون وسيلة للتعايش والتصالح مع الذات والآخر، والعيش بسلام بمعزل عن التأويلات والتفسيرات التي تقيد الدين لصالح جماعات مستغلّة تضعه ذريعة لحماية نفسها وإدامة مصالحها.
يرى ناشيد أن "الخطاب الديني السائد في مساجدنا ومجالسنا ومدارسنا لا ينمّي لدينا القدرة على التفكير الحر، والمحبة الصادقة، والاحترام المتبادل؛ بل على عكس ذلك، خطاب يراهن على تأجيج مشاعر الرهبة والترهيب من كل شيء، وينمي ثقافة التسليم والطاعة والخ". ويحظى الكتاب الصادر عن "دار التنوير" بأهمّية لافتة في وقتنا الراهن لما نشهده من ارتفاع أصوات عنصرية تجرّم الآخر وتسلبه حقّه في الحرّية والتعبير، وحتى في الحياة، وهو يؤكّد أهمية الفهم الصحيح لتعاليم الإسلام السمحة وعدم فرض قوالب عليها تحوّلها أداة إقصاء وتخويف، كما يدعو إلى إعمال العقل وتحكيم الضمير في مواجهة التأويلات المغالطة والمسيّسة وخطابات الكراهية التي تتفشّى وتتغوّل وتحاول فرض صورة سوداوية على واقع المسلمين، وإظهارهم غرباء عن عصرهم.
- "متحف الأدب" - شكري المبخوت
يؤرّخ الأكاديمي والناقد التونسيّ شكري المبخوت في كتابه "متحف الأدب – الأدب والتاريخ والهوية" الصادر عن دار "مسكلياني" لخريطة الأدب التونسي منطلقا من البدايات ومقتفيا آثار أعمال أدبية، متناولا في الباب الأول تسييج حقل الأدب التونسي، وذلك في فصلين هما: التأريخ للأدب التونسي دلالة البدايات والمسار، وبناء مدوّنة الأدب التونسي: المركز وهوامشه.
وفي الباب الثاني "الأدب التونسي في عصر النهضة"، يتناول المؤلف مسألة تشكّل المركز الأدبي المصريّ-الشامي، والسؤال عن كيفية صنع قصة نهضة الأدب العربي، وكيف روى الهامش التونسي قصة نهضته الأدبية. ثم ينتقل في الباب الثالث المعنون بـ “نحو تاريخ شامل للأدب التونسي” إلى الإشكالات التي تواجه تحقيق رؤية موضوعية لهذا الأدب تنطلق من واقعه الخاص وأنماط تطوره وليس من التصوّرات العامة عنه.
يصف المبخوت تاريخ الأدب بمتحف للذاكرة الأدبية نجد فيه الفرائدَ والمنجزات الرمزية المعبّرة عن خصوصية ثقافة ما. وتراه يتناول في كتابه ما وضع من تواريخ للأدب التونسي قصد النظر في بعض قضاياه ومسائله.
- "الشهر الثالث عشر" - أحمد سعداوي
على طريقة الرومانيّ قسطنطين جورجيو في روايته "الساعة الخامسة والعشرون"، يبتدع الروائي العراقي أحمد سعداوي شهره الثالث عشر في روايته الأحدث "الشهر الثالث عشر"، الصادرة عن "منشورات نابو" في بغداد، فيختلق زمنه الروائيّ الخاصّ وبقعة مكانية متخيّلة في بغداد تدعى "تل الإمجعبزة" تشير إلى أكثر من حيّ فيها في زمن الثورة، ومن خلال شخصية ناجية من مجزرة ارتكبتها السلطات ضدّ متظاهرين شباب، ينسج سعداوي مجددا الواقع العراقي، متمردا على الدورة الزمنية المعهودة بالخروج على المألوف والبحث عن الجديد وإثارة السؤال والفضول معا عمّا يمثّله هذا الشهر الذي لا وجود له في الواقع، في حين أنّه يتصدّر روايته ويتّخذها عنوانا.
تأتي الرواية بعد أكثر من رواية نشرها السعداوي في أعقاب فوز روايته "فرانكشتاين في بغداد" بجائزة البوكر العربية سنة 2014. لم تستطع تجاوزها، ولا منافستها في الشهرة والقراءة، وكأنّها أصبحت حاجزا أمام روايات أخرى له، ويكون الرهان من قبله ضمنا على ضرورة تخطّي عقبة روايته الشهيرة التي حقّقت حضورا وانتشارا عالميين وترجمت إلى العديد من اللغات.
- "وشائج ماء"- عبده خال
أثير نقاش عن هذه الرواية حتّى قبل صدورها، وذلك بعد أن أعلن الروائي السعوديّ عبده خال عبر وسائل التواصل الاجتماعي عنها ووضع غلافها على صفحته الشخصية وكان عنوانها "حبل سرّيّ"، وهو عنوان تقاطع مع عدد من العناوين الروائية السابقة بحسب ما قال بعدها مبرّرا تغييره، وبعد أن تمّت الإشارة من قبل الروائية السوريّة مها حسن وبعض المتابعين والقرّاء إلى روايتها "حبل سرّيّ" الصادرة سنة 2010.
في هذه الرواية الصادرة عن "دار الساقي"، يختار صاحب "الأيام لا تخبئ أحدا" و"الموت يمر من هنا" و"لوعة الغاوي"، والعديد من الروايات التي تركت بصمة مهمة في السرد العربي المعاصر، استنطاق عالم الصمت باستيلاد صوت الولادة الجديدة، والتوصل الجيليّ وكيف أنّ الوصايا توضع جانبا، وكأنها رقى تصاحب المرء من مهده إلى لحده، وكأن الإنسان ما هو إلا مزيج من تعالقات وخليط من صوت وصمت، أو صوت وصداه. ويكون عبده خال في هذه الرواية أمام امتحان التجديد والتجريب والإضافة، بحيث يحاول تجاوز "عقدة الجائزة" بعد فوز روايته "ترمي بشرر.." بالبوكر سنة 2010، وإن حاول بعدة أعمال لم تنل حظّها كما كان متوقّعا لها.
- "لقد مررت من هذا العصر" - فوّاز حدّاد
يقدّم الروائي السوري فوّاز حدّاد شهادته على عصره، ورؤاه وتصوّراته لعالم الكتابة وقضاياها، بالموازاة مع عالم الواقع وقضاياه، يكتب بمـسؤولية وحـرص من دون أيّ ادّعاءات أو مبالغات، يسلّط أضواء على هموم الكتابة وانشغالاتها، وكيف أنّها تحتلّ حياة صاحبها وترسم مصيره في كثير من الأحيان.
يقول حداد: "كان مشواري طويلا، رغم أن قراري بأن أكون روائيا كان مبكرا، ظروفي لم تساعد، وكانت الأسباب كثيرة، لكن عندما بدأت بالنشر أدركت أنني لم أخطئ كثيرا، ينضج الروائي متأخرا". وهكذا، تتأتّى أهمية الكتاب الصادر عن "المحيط للنشر" من أنه يصدر بعد أكثر من ثلاثين عاما أمضاها الكاتب في عالم الرواية – نشر أكثر من خمس عشرة رواية - وكان نشره لروايته الأولى وقد تجاوز الأربعين من عمره حينها سنة 1991، وهو الكتاب الأوّل من نوعه للروائي الذي تراكمت لديه خبرة وتجربة تمنحانه قدرة لافتة على خوض غمار هذه التجربة الفكرية الجمالية التي يمكن أن تشكّل دروبا لقراءات رواياته، وولوج عالمه والاطلاع على أسرار صنعته الروائية.
- "زواج المبدعين" - شوقي بزيع
يتقصّى الشاعر اللبناني شوقي بزيع في كتابه "زواج المبدعين: ثراء الخيال وفقر الواقع" الصادر عن "دار مسكلياني" حكايات الشغف والحبّ والخيبة والانكسار والفشل التي سبقت وصاحبت وتخلّلت زيجات أدباء ومبدعين عرب وعالميين، ويكشف من خلالها الصدمة بين الواقع والخيال، بالإضافة إلى جوانب خفية من شخصيات أولئك الذين عاشوا تجاربهم ومضوا فيها إلى الأقاصي، بحيث يشرّح جروحا ماضية بقراءة كاشفة وراصدة لعلامات فارقة في تلك السير الشخصية والأدبية.
يتناول بزيع في كتابه حياة اثنين وثلاثين ثنائيّا زوجيّا ممّن اعتبرهم من أشهر المبدعين، ويحوّل حيوات أصحاب الحكايات والقصائد إلى حكايات بحدّ ذاتها، يفسح المجال للقارئ للتلصّص على تفاصيل من الحياة الشخصية لمشاهير أثروا عالم الأدب بمساهماتهم وإبداعاتهم، وكيف أنّهم عاشوا نوعا من الفردوس المتخيّل بمحاذاة الجحيم الأرضي في قصص خلّفت غصصا وأنتجت محنا شكّلت بؤرا أدبية لأصحابها ظلّوا ينهلون منها وينسجون على نولها أدبهم وسير حياتهم.
- "سوداد– هاوية الغزالة" - فاروق وادي
لا تكتسب رواية "سوداد – هاوية الغزالة" الصادرة عن "منشورات المتوسط" أهمّيتها باعتبارها الرواية الأخيرة للفلسطيني الراحل مؤخرا فاروق وادي فحسب، بل لإبحارها في عمق الوجع الفلسطيني الموغل في الأسى، حيث الشخصيات الروائية تعكس أصداء منافي الفلسطينيين في مراحل مختلفة من سيرهم ونضالاتهم، وذلك بطريقة مكاشفة تمتح من مخزون الذاكرة الفلسطينية لتنسج حكايات الراهن المتشابكة والمترابطة بخيوطها مع ما كان وما سيكون.
تنطلق أحداث الرواية من رسالة مجهولة تحمل موجات من الاكتشافات والتداعيات والأحداث لاحقا، ويجد القارئ نفسه أمام سيل من صور من الحنين المستعاد والذكريات التي تظلّ متأجّجة في نفوس أصحابها تمنحهم زوّادة ليومهم وتبقيهم في جانب آخر منها أسرى وحشة تولّدها. الرواية غنية بتفاصيل وحكايات عن الحياة الفلسطينية في أكثر من مكان، وتعكس أصداء سيرية في مرايا الشخصيات التي تصادف قرائن لها في الواقع.
يذكر أن وادي كان عند رحيله مقيما في البرتغال، وقد صدرت له على امتداد نحو خمسة عقود العديد من الأعمال الأدبية.
- "ظلال القراءة واختطاف المعنى" - خالد بلقاسم
يعمل الكاتب والناقد المغربي خالد بلقاسم على تكريس مفهوم القراءة بمداه الأوسع، مركّزا على مفاتيح لولوج هذا العالم من أبواب مختلفة، كالقراءة بين القطع والتمديد، وشعرية التناقض كأفق للذّة القراءة، ومكر اللغة وطاقتها على الخداع، وعما يصفه بتصلّب اللغة وكيف أن ذلك يعني، بمعنى ما، إفقارا للحياة نفسها، ويلفت إلى أن حيوية الفعل القرائي وانتسابه إلى اللانهائي وكشفه الدائم عن غموض الأشياء يؤكّد أنّ هذا الفعل ليس منشغلا برصد المجهول واستجلاء أسراره وحسب، بل هو ذاته مجهول لا يتكشف أبدا. لذلك لم يسلم هذا الفعل، على امتداد مساره الطويل، منفصلا عما يقوم به، ولم يسلم من تحوله هو نفسه إلى موضوع للقراءة.
يؤكّد بلقاسم في عمله الصادر عن منشورات "مسكلياني" أن مهمّة القراءة تبدو اليوم معقّدة في زمن يقوّي عزلتها، وينوّه إلى أنّ القراءة حين تستحقّ اسمها تكون منذورة للاشتغال ضد الحجب، لا لأن المحجوب يمكن أن يرتفع، فذلك ما يتمنّع وجوديا، بحسب تعبير المؤلف، ولكن كي تبقى آلية الانكشاف مستمرة مانعة الحجب من أن تقوي سُمكها.