إحدى الميزات الرئيسية لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس، أنه يسمي الأشياء بأسمائها. منذ تسلمه منصبه قبل أكثر من سنتين، سمى الرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير بـ "الدكتاتور" وحكمه بـ "النظام الدكتاتوري". كما أنه سمى ما حصل في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 بـ "الانقلاب".
بيرتس يجمع بين أمرين: خبرة بحثية أكاديمية اكتسبها من الأبحاث الميدانية عن سوريا وغيرها وتدريسه في جامعات كبرى وقيادته "المركز الألماني للعلاقات الدولية والأمنية"، إضافة إلى عمل استشاري ثم مباشر مع الأمم المتحدة على سوريا والسودان.
كان سباقا في وضع النقاط على الحروف في السودان. ويقول: "أعتقد أن ذلك يجعل مهمتي ذات مغزى أكثر. لقد تعلمنا استخدام اللغة الديبلوماسية ونفعل ذلك، لكن في بعض الأحيان يتعين عليك تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية". ويضيف أنه "تحدث وعمل" مع "الأشخاص الذين قادوا الانقلاب" مثل الجنرالين عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) و "أوضحنا أننا رأينا أحداث 25 أكتوبر 2021 على أنها انقلاب غير دستوري وخطأ يحتاج إلى تصحيح".
بيرتس، منذ وصوله إلى السودان، يتنقل بين الفاعلين من عسكر ومدنيين، بين المكاتب والشوارع، في شمال البلاد وجنوبها وباقي أنحائها. يدرك صعوبة المهمة. التحديات كثيرة، أحد تجلياتها كانت "الحرب الكلامية" أو "الجدال" بين قطبي المجلس العسكري، البرهان وحميدتي، وتباين الآراء حول اصلاح المؤسسة العسكرية وتنفيذ الاتفاق الإطاري والمرحلة الانتقالية للوصول إلى الحكم المدني، لكن لديه "شعورا معينا بالتفاؤل في أن السودان اليوم هو في مكان أفضل بكثير مما كان عليه قبل عام".
وهنا نص الحديث الذي جرى عبر تطبيق "تيمز" في 27 فبراير 2023:
لقد مر ما يقرب من شهرين على توقيع "الاتفاق الإطاري"، هل أنتم واثقون من تنفيذه؟
تصف عبارة "الاتفاق السياسي الإطاري" بالضبط جوهر هذا الاتفاق. إنه إطار عمل، ما يعني أن خطوات أخرى يجب أن تتلو ذلك، ولا بدّ من أن يكون هناك اتفاق نهائي، يحدد إطار العمل الذي نأمل من خلاله أن توافق فيه الأطراف التي وقّعته، وأطراف أخرى، على انتقال السلطة من الحكم العسكري إلى حكومة مدنية.
ثمّ لا بدّ من تحديد مهام الحكومة المدنية الجديدة بتفصيل أكبر وتدقيق الأطر الزمنية وخرائط الطريق لهذه المهام المحددة للحكومة الانتقالية التي لن تكون منتخبة، إضافة إلى القضايا الرئيسية والحاسمة، مثل المسائل الأمنية والعدالة الانتقالية وسبل التعامل مع شرق البلاد وكيفية تنفيذ اتفاق جوبا للسلام، وأفضل الطرق لتفكيك النظام القديم.
مناقشات مثمرة اليوم بين الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية والشركاء الدوليين لحشد الدعم للسودان في ما يتعلق بأولويات رئيسية بما في ذلك الاقتصاد وتقديم الخدمات (الصحة، التعليم، الغذاء الخ) والحكم والسلام والأمن بمجرد تشكيل حكومة مدنية pic.twitter.com/sSE7W1Tx1r
— Volker Perthes (@volkerperthes) February 22, 2023
هذه القضايا الخمس التي ذكرتها، هي مواضيع ورش عمل نقوم بتيسيرها مع شركائنا في الإتحاد الأفريقي والإيقاد منذ بداية هذا العام.
يبدو أن ثمّة الكثير على المحك هنا، وليس مجرد انتقال عادي من الحكم العسكري إلى الحكم المدني، لأن أمامنا مسائل أعقد بكثير؟
بالتأكيد، لكن لنكن واضحين. لم يكن انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 العسكري مفاجئا. لم يكن سبب الانقلاب مجرّد خلاف بين الجنرال عبد الفتاح البرهان والجنرال محمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي) مع الآخرين، بل كان ثمّة صراعات سياسية قبل ذلك لم يتمّ حلها.
صحيح أن حكومة عبد الله حمدوك أنجزت الكثير من الأمور، ولكن كانت هناك أيضا صراعات واختلالات وظيفية. المهم الآن – في حال توصلنا إلى اتفاق نهائي لتعيين رئيس وزراء مدني وتعيين رئيس مدني للدولة – أن تكون الفترة الانتقالية الجديدة أفضل استعدادا من سابقتها.
لا أحد يبحث عن إجماع مطلق، لكنّ هناك اتفاقا كبيرا بين المشاركين المعنيين في العملية السياسية حول القضايا الرئيسية التي يتعين على الحكومة الانتقالية التعامل معها. هذا الأمر لم يكن موجودا تماما في الفترة الانتقالية الأولى، من 2019 إلى انقلاب 2021، بل كان يسود الكثير من الخلاف حول ما يحقّ للحكومة الانتقالية القيام به بالفعل، وحول تقسيم الأدوار في الشراكة بين الجيش والمدنيين.
الآن، يُستحسن أن يكون السودانيون أكثر وضوحا في الاتفاق حول ما ينبغي القيام به في المرحلة الانتقالية الجديدة. ويبدو أن هناك اتفاقا واسعا يضم طيفا واسعا من الأطراف بمن فيهم بعض من لم يوقّع أساسا "الاتفاق السياسي الإطاري" على أن يكون للحكومة الانتقالية مهمات محدودة، كونها حكومة انتقالية وغير منتخبة.