نشرت الصحف الكويتية مشروع موازنة الدولة العامة للسنة المالية 2023/2024، والموازنة، كما هو معلوم، تبدأ في الأول من أبريل/ نيسان وتنتهي في 31 من مارس/ آذار في العام الذي يليه. تعد الموازنة المقترحة الكبرى في تاريخ الكويت حيث قدرت المصروفات الإجمالية بـ 26,3 مليار دينار، أو 86,22 مليار دولار، بزيادة نسبتها 11,7 في المئة عن السنة المالية الحالية المنتهية في 31 مارس/ آذار 2023.
أبرز ملامح الموازنة الجديدة أن نسبة الانفاق الجاري تعادل 91 في المئة من القيمة الاجمالية للمصروفات في حين لا تتعدى نسبة الانفاق الرأسمالي تسعة في المئة وتعادل نحو 2,4 مليار دينار أو 7,9 مليار دولار. تستأثر الرواتب والإجور بنسبة مهمة من الانفاق حيث تبلغ 14,9 مليار دينار، أو 48,85 مليار دولار، تعادل 57 في المئة من المصروفات الاجمالية، بما يؤكد استمرار التوظيف في الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة، حيث ارتفعت هذه المخصصات من 13,1 مليار دينار (42,95 مليار دولار) في الموازنة الحالية، أي بمعدل نمو 13 في المئة. وقدِّر عدد التعيينات من الموظفين خلال السنة المالية الجديدة بـ 21,815. لا شك في أن هذه الزيادة في أعداد العاملين تؤكد المأزق الذي تواجهه الدولة في توفير الوظائف للمتدفقين إلى سوق العمل من العمالة الوطنية وضيق مجالات التوظيف في القطاع الخاص.
تشير البيانات التاريخية إلى أن الموازنة العامة للدولة كانت تبلغ 5,5 مليارات دينار (18 مليار دولار) في السنة المالية 2003/2004. ذلك يؤكد أن قيمة المصروفات ارتفعت بنسبة 376 في المئة أو بمعدل نمو سنوي نسبته 18,8 في المئة. لا شك في أن معدلات النمو هذه من الانفاق، تستلزم التمعن والشعور بالقلق حول كيفية مواجهة هذه الالتزامات المتنامية في السنوات المقبلة عندما يسود عدم اليقين في شأن استدامة نمو الايرادات النفطية في ظل متغيرات مهمة في اقتصادات الطاقة خلال العقود المقبلة.
ولا تزال مخصصات الرواتب والاجور والدعم تمثل النسبة المهمة من قيمة الانفاق. قدِّرت كلفة الدعوم في الموازنة الجديدة بـ 5,9 مليارات دينار (19,34 مليار دولار) بعدما كانت 4,4 مليارات دينار أو 14,43 مليار دولار في الموازنة الحالية، أي أنها ارتفعت بنسبة 34,4 في المئة. رُفع دعم محطات الكهرباء والماء ودعم المنتجات النفطية المستهلكة من قبل سكان البلاد بـ 1,15 مليار دينار (3,77 مليارات دولار) وتكاليف المواد الانشائية والاستهلاكية بـ 75 مليون دينار (245,9 مليون دولار)، ورُفعت مخصصات الطلبة بنحو 140 مليون دينار أو 459 مليون دولار، ورُفع بدل الايجار للمواطنين الذين لم يتمكنوا من الحصول على مساكنهم بـ 68,5 مليون دينار (224,58 مليون دولار). ويتضح من هذه الزيادات أن الحكومة تحاول التجاوب مع المطالبات الشعبوية التي يطرحها أعضاء مجلس الأمة، والتي تزايدت خلال الشهور القليلة الماضية بعد انتخابات 29 سبتمبر/ايلول، من العام الماضي.
هيمنة الفكر الشعبوي
في طبيعة الحال افترضت الحكومة في مشروع الموازنة الجديدة انها ستجني إيرادات من مبيعات النفط، مقدِّرةً الانتاج الكويتي بـ 2,6 مليون برميل يومياً وبسعر يعادل 70 دولاراً للبرميل، وبذلك يمكن تقدير ايرادات النفط بـ 17,1 مليار دينار ( 56 مليار دولار). هناك إيرادات غير نفطية قدِّرت بـ 2,28 مليار دينار(7,74 مليارات دولار) تمثل 11,7 في المئة من الايرادات الاجمالية المتوقعة والبالغة 19,45 مليار دينار أو 63,77 مليار دولار.