شكّل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948، أول وثيقة قانونية تحدد حقوق الإنسان ...، وهي حقوق لجميع البشر ...تجعل الحياة جديرة بأن تُعاش...على أن الحق الأكثر أهمية هو الحقّ في الحياة، ذلك الحق الذي يُنتهك بعلم دول الغرب في دول كثيرة مثل إيران وسوريا لكنها لا تحرك ساكنًا.
ذلك أن الحكومات الغربية تتخذ شعار حقوق الإنسان ، ذريعة للتدخل في شؤون الدول الأخرى - عدا إيران وسوريا – بسبب قضايا صغيرة أحيانا ، فتتعالى أصوات الدول بسببها وتراها خرقًا لحقوق الإنسان كما تفعل لبلادنا خصوصا في القضايا التي يرتكبها أشخاص تتعلق بالأمن ، والتآمر على الوطن بتحريض من دول أخرى وهنا لا أجد أصدق مما قاله ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا السابق (عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي، فلا تسلني عن حقوق الإنسان).
إن من يهدد بلادنا بحقوق الإنسان عليه أن يحاسب نفسه أولا، وأمّا من يبتزها بمنع تصدير الأسلحة، فعليه أن يعي أننا ندفع أثمانها بلا تردد، فنحن أهل الفضل عليهم؛ لأننا نحرك عجلة اقتصادهم، ونوجد وظائف لآلاف العاطلين في بلدانهم، فلسنا جمهورية موز.
إن كل الأحداث تؤكد أن هؤلاء لا يحترمون هذه الحقوق ولا يطبقونها في بلدانهم؛ لهذا فإن من كان سجله الأمني والإنساني مثقل بانتهاك الحقوق، عليه ألا يتحدث عن حقوق هو أول من يخالفها على نحو مخيف، مثل ممارسات رجال الشرطة في كل دول الغرب على المواطنين السود والأقليات، ولأشخاص الذين توحي ملامحهم بأنهم مسلمون أو عرب.
إن هؤلاء المنتهكين لحقوق الإنسان في بلدانهم ينطبق عليهم ما رُوي عن المسيح عليه السلام من أن جماعة متعصبة قبضوا على امرأة، فأحضروها إليه، فقال عندما لمس منهم قسوة وتعاليا: "من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر"، فلمَّا سَمِعوا كلامه أخذَت ضَمائِرُهُم تؤنبهم، فخَرجوا واحدًا إثر واحدٍ، فقال المسيح للمرأة: أما حكَمَ علَيكِ أحدٌ مِنهُم؟ فأجابَت لا، فقالَ لها وأنا لا أحكُمُ علَيكِ. المفارقة هنا هي أن أولئك المتحمسين استحوا من فعلتهم؛ لأنهم أدركوا أنهم ليسوا بأنقى ولا أنظف من تلك المرأة، فانسحبوا. وهذا ينطبق على دول الغرب جميعها بما فيها أميركا وكندا، وقديما وصف النبي محمد عليه السلام من كان هذا حاله بأنه: (يُبْصِرُ القذَى في عينِ أخيهِ ولا يرى الْجِذْعَ في عينِهِ )!
إن من يهدد بلادنا بحقوق الإنسان عليه أن يحاسب نفسه أولا، أمّا من يبتزها بمنع تصدير الأسلحة، فعليه أن يعي أننا ندفع أثمانها بلا تردد، فنحن أهل الفضل عليهم؛ لأننا نحرك عجلة اقتصادهم، ونوجد وظائف لآلاف العاطلين في بلدانهم، فلسنا جمهورية موز
إن هذه الممارسات ضد الشعوب باسم حقوق الإنسان نابعة من شعور دول الغرب بالتوفق والاستعلاء على جميع دول العالم، وهذا فكر عنصري مبني على الاعتقاد بأن الأفراد ذوي العِرق الأبيض هم أسياد كل البشر، تؤكده توجهاتهم التي تشجع على سيطرة البِيض على كافة دول العالم في كل النواحي، هذا المعتقد ما هو إلا جزء من مفهوم (الاستعلاء العِرقي) الطامح إلى الهيمنة، وقد أدّى هذا المفهوم إلى كثير من الحروب والعنف ضد مجموعات من البشر الملونين، منذ سنوات طويلة.
ومن أمثلة ما يؤكد استمرار هذا الشعور الاستعلائي على الآخرين في هذا الزمن؛ قول وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول: "نحن الآن القوة الأعظم، نحن الآن اللاعب الرئيس على المسرح الدولي، وكل ما يجب علينا أن نفكر به الآن هو مسؤوليتنا عن العالم بأسره، ومصالحنا التي تشمل العالم كلَّه"! تؤكد هذا المفهوم ممارسات معظم الرؤساء الأميركيين، فعلى سبيل المثال أكذوبة الرئيس جورج بوش بأن العراق يمتلك سلاحا نوويا، التي خدع بها العالم كله وسارت بريطانيا كعادتها خلفه، فدمروا العراق، وشردوا أهله، وسلموه على طبق من ذهب لإيران التي احتلته وصارت لمتحكم في كل شؤونه.
وهو المسار نفسه الذي سار عليه الرئيس أوباما ضد الدول العربية، مدفوعا بأحقاد دفينة كرمى لعيون إيران، فقد أشار أقرب مستشاريه السيد بين رودس إلى موقفه تجاه (الجنس) العربي في كتابه (العالم كما هو The World As It Is)، وهو قوله: (أوباما يكره العرب بشكل غريب ويعشق إيران حدّ العمى)! وقد انعكس هذا الموقف العنصري على قراراته التي تمخضت عن نتائج كارثية على المنطقة،أهمها سعيه مع هيلاري كلنتون لتدمير الدول العربية بما سموه الربيع العربي، وما هو إلا جحيم ما زالت بعض الدول العربية تعاني من آثاره إلى اليوم. ولا أنسى الرئيس جو بايدن المتباكي على قتل صحفي واحد (جمال خاشقجي) لكنه يغض الطرف عن آلاف الصحافيين القتلى والمعتقلين في إيران وتركيا.
ختاما إن كل ما سبق من أحداث يثبت الأحقاد والعنصرية تجاه الأمة العربية، ويؤكده قول المتحدث باسم البيت الأبيض أثناء حرب الخليج: "جئنا نصحح الخطأ الذي جعل البترول في أرض العرب"!! وهذا كما يقول العرب هو بيت القصيد، ويصدق عليه قول الله تعالى :( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ).