إذ نحتفل باليوم العالمي للمرأة في 8 مارس/آذار، يجب أن نعيد تأكيد التزامنا الجماعي المبادئ والرؤية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325، وهو القرار الرئيس الذي تبنّاه مجلس الأمن منذ نحو ثلاثة وعشرين عاما، ويقضي بضرورة رفع مستوى تمثيل المرأة في مستويات صنع القرار كافة، لمنع النزاعات وإدارتها وإيجاد الحلول الصحيحة لها.
هناك تحديات تواجه المرأة الليبية، وهي عديدة جدا. وقد تبيّنتُ ذلك بوضوح عندما عدتُ إلى ليبيا في ديسمبر/كانون الأول 2021 بصفتي المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة. حينذاك، اتخذت قراري أن أقوم بجولة في أرجاء البلاد وألتقي بمجموعة متنوعة من الدوائر الانتخابية والشخصيات الوطنية لمراجعة وضع عملية السلام، فكان أن انتهز الفرصة العديد من القادة، الذين لا يمكن وصفهم إلا بكونهم "أحافير سياسية" أو "ديناصورات"، لتوبيخي لإشراك النساء في منتدى الحوار السياسي الليبي، الهيئة المكونة من 75 عضوا والتي دعتها البعثة السياسية للأمم المتحدة إلى الاجتماع للمرة الأولى في خريف 2020. واتهمني المحاورون الذكور بفرض "القيم الغربية" على الليبيين، وجادلوا بأن من الأصلح إيلاء الرجال فقط هذه المهمة لأنهم "صناع القرار الحقيقيون".
رددْتُ عليهم بقوة، بالطبع، وأشرت إلى أن الأمم المتحدة كانت تروج للقيم العالمية وليس الغربية. وبيّنتُ فضل المساهمات الجليلة التي قدّمتها النساء الليبيات عبر مجموعة من القضايا التي كانت تواجه ليبيا خلال انتقالها المؤلم والعنيف أحيانا منذ اضطرابات عام 2011 التي أطاحت الديكتاتور السابق معمر القذافي. ولكن، لسوء الحظ، لا تزال وجهات نظر بعض المحاورين مؤثّرة بقوة في المجتمع الليبي الأبوي الذي يتعيّن على النساء فيه ممن يسعين إلى الانخراط في الحياة السياسية، تخطّي العديد من الحواجز والكثير من المعاناة بسبب غياب أنظمة الدعم اللازمة لهن.
الحقيقة المؤسفة هي أن التشريعات المحلية الليبية لا تزال تخذل نصف سكانها، أي النساء. على سبيل المثل، فإن قانون الانتخابات البرلمانية الذي اعتمده مجلس النواب الليبي في عام 2021 يخصص للمرأة نسبة هزيلة في المجلس التشريعي: 32 مقعدا من أصل 200 مقعد
كان ثمّة بصيص صغير من أمل في مارس/آذار 2021 مع تعيين عدد من النساء في مناصب سيادية، وتحديدا في وزارتي الخارجية والعدل، في الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، وشكّل ذلك حدثا تاريخيا. الامر المشجع، حين بلغ عدد النساء اللواتي تقدّمن كمرشّحات للانتخابات البرلمانية والرئاسية 758 من أصل 5000. ولكن، ويا للأسف، أُرجئت تلك الانتخابات إلى أجل غير مسمى، محطمة آمال 2.8 مليون ليبي سجلوا أسماءهم للتصويت، بما في ذلك 44 في المئة من النساء المسجلات حديثا.
الحقيقة المؤسفة هي أن التشريعات المحلية الليبية لا تزال تخذل نصف سكانها، أي النساء. على سبيل المثل، فإن قانون الانتخابات البرلمانية الذي اعتمده مجلس النواب الليبي في عام 2021 يخصص للمرأة نسبة هزيلة في المجلس التشريعي: 32 مقعدا من أصل 200 مقعد، وهي الحصة نفسها التي مُنحت للنساء في انتخابات 2012 و2014.
من الحقائق المخزية أيضا أن النساء السياسيات والناشطات كن أهدافا للاغتيالات بشكل مأسوي: المدافعة عن حقوق الإنسان سلوى بوغيغيس (يونيو/حزيران 2014) في بنغازي؛ النائبة فريحة برقاوي (يوليو/تموز 2014) في درنة. المحامية والناشطة حنان البراسي (نوفمبر/تشرين الثاني 2020) في بنغازي. كما تعرضت عضو البرلمان سهام سرقيوة للاختطاف العنيف من منزلها في بنغازي في يوليو/تموز 2019، ولا يعرف أي شيء عن مصيرها أو مكان وجودها. وفي هذه الحالات جميعها، لم تكن هناك مساءلة للجناة، في بلد يسود فيه الإفلات من العقاب. وقد تعرّضت العديد من النساء الشجاعات للاعتداءات الجسدية واللفظية، ناهيك بتلقيهن مستويات مروعة من الإساءات المنهجية على وسائل التواصل الاجتماعي، وجميعها تهدف إلى تقليص مشاركة المرأة النشطة في الحياة السياسية للبلاد. ولا يزال الأطفال المولودون في ليبيا من أمهات ليبيات وآباء غير ليبيين محرومين من الجنسية. ولئن منحت السلطة التنفيذية في طرابلس هؤلاء الأطفال أخيرا الحق في التعليم والعلاج الطبي وأعفتهم من التأشيرة، فإن حرمانهم الجنسية الليبية يمنع هؤلاء الأطفال من الحصول على وثائق الهوية، أو ممارسة حقوقهم السياسية، أو الحصول على وظيفة في القطاع العام.
من واجب المجتمع الدولي الضغط من أجل رفع المشاركة الفعالة للمرأة في عملية السلام وتقديم الدعم للمنظمات الليبية العاملة على الأرض بقيادة النساء. تعمل منظمات مثل "معا نبنيها" على المستويين الوطني والمحلي، بما في ذلك تشكيل فريق عمل لدعم عضوات المجالس المحلية الليبية التي يهيمن عليها الرجال بأغلبية ساحقة، وعقد حوار بقيادة الليبين في ظلّ عدم وجود خريطة طريق سياسية. ولقد غدا العديد من النساء الليبيات البارزات أكثر نشاطا في الحياة الحزبية السياسية الناشئة في البلاد، بما في ذلك تسلم مناصب قيادية. تنير نساء ليبيا الطريق بتصميمهن وعزمهن. ولذلك هنّ جديرات بدعمنا الكامل.