بوتشا - رفض ليونيد تصديق الأخبار التي أبلغه إياها ابنه عبر الهاتف في ساعات الصباح الأولى لبدء الغزو في العام الماضي.
على الرغم من أنه كان هنا: في هذه المدينة التي تعتبر بوابة العاصمة الأوكرانية والتي أصبح اسمها متداولا بكثرة بسبب مجزرة يرى البعض أن روسيا ستواجه بسببها محاكمة دولية.
شارك ليونيد في الأيام التي أعقبت الغزو الروسي في 24 فبراير/شباط من العام الماضي في عمليات الإجلاء ومساعدة المحتاجين واستكشاف المواقع الروسية والإبلاغ عنها.
يقول المقدّم السابق البالغ من العمر 56 عاما في مقابلة أجراها مع "المجلة" في أواخر فبراير/شباط في المدينة الواقعة شمال غرب كييف، إنه لا يزال يتساءل عما إذا كان هناك شيء يمكن فعله بطريقة مختلفة أو إن كان بإمكانه المساعدة في وقف الاستيلاء السريع على مسقط رأسه.
وألمح إلى أن السبب قد يكون عقدة الناجي، أو ربما لأن التجارب السابقة كان يجب أن تخدم أصحابها بشكل أفضل. أضاف الضابط السابق الذي أمضى عقودا في الخدمة في القوات الروسية: "لقد كان الأمر مؤلما للغاية بالنسبة لي ولأبناء جيلي."
كان ليونيد قد ترك مدينة بوتشا الريفية في شبابه، وعاد إليها قبل عقد من الزمن بعد تقاعده باحثا عن حياة هادئة. وقال أيضا، إنه وعلى الرغم من أن بوتشا كانت قد طلبت سلاحا من كييف في الأشهر التي سبقت الغزو، إلا أن السرعة التي تحولت فيها لعبة الشطرنج النظرية إلى حقيقة مروعة كانت مفاجئة للجميع.
طيور الموت تحلق
تحدثت "المجلة" إلى امرأة متواجدة في منطقة أخرى من أوكرانيا، وعلى اتصال يومي وثيق مع جندي موجود على الجبهة، فوصفت الوضع هناك اعتبارا من 1 مارس/آذار قائلة: "إن الطيور تحلق [الصواريخ، الطائرات المسيرة، إلخ]"، في منطقة دونيتسك المحاصرة حيث يوجد ذلك الجندي. أضافت: "لكن، لدينا في الوقت الحالي على الأقل ما نطعمهم إياه"، في إشارة إلى الذخيرة والأسلحة.
وقال ليونيد مضيفا: "كان لدينا إرادة المقاومة هنا، ولكننا لم نستطع، لأننا، وبكل بساطة، كنا نفتقد إلى الوسائل للقيام بذلك".
وفي إجابة على الأسئلة التي طرحت في المؤتمر الصحفي الذي عقد بتاريخ 24 فبراير/شباط في كييف في الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي الشامل، قال الرئيس فولوديمير زيلنسكيإن ما حدث في بوتشا كان الشيء الأكثر إثارة للرعب في كل ما شاهده خلال هذه الحرب. أضاف: "كان مرعبا أن نشاهد أمرا كهذا. نحن ندرك تماما أن الشيطان متواجد هنا وليس في أي مكان آخر".
واستطاع العديد من وسائل الإعلام التي كانت موجودة في كييف الدخول مباشرة إلى بوتشا، على بعد مدة نصف ساعة بالسيارة عن كييف، وذلك بعد طرد القوات الروسية منها بالكامل في الأول من أبريل/نيسان من العام الماضي. وأدى دخول وسائل الاعلام تلك إلى توثيق مكثف لما يصفه الكثيرون بأنه جرائم حرب ارتكبتها القوات الروسية في المنطقة.
وأضاف الرئيس الأوكراني في المؤتمر الصحفي الذي عقد في 24 فبراير/شباط، "من خيب ظني؟ كل الذين غادروا يوم 24 فبراير/شباط 2022. كل الذين غادروا كييف. أولئك الذين غادروا المدن والقرى، والذين كان من المفترض أن يحكموا الدولة أو يحموها ويقاتلوا من أجلها. كل أولئك الناس قد خيبوا أملي".