حين يُذكر أدولف هتلر، غالبا ما يتذكر الناس جرائمه. وسيظل ملعونا إلى أبد الآبدين في الكتاب الأسود للتاريخ، بسبب إرساله اليهود إلى غرف الغاز، وتدميره جزءا كبير من أوروبا وكامل ألمانيا. لا ترتبط الانتخابات عادة باسم هتلر – ولا سيما إن كانت انتخابات ديمقراطية –رغم أنه، ويا للمفارقة، وصل إلى السلطة من خلال عملية ديمقراطية في مثل هذا اليوم من التاريخ، قبل تسعين عاما بالضبط.
حدث ذلك سنة 1932، السنة التي كانت حاسمة بالنسبة إلى ألمانيا، حيث عُقدت ثلاث انتخابات في أقل من اثني عشر شهرا، واحدة للرئاسة في مارس/آذار، واثنتان للبرلمان في يوليو/تمّوز ونوفمبر/تشرين الثاني. قام حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني الذي ينتمي إليه هتلر (والمعروف أيضا باسم الحزب النازي) بحملة للانتخابات المزمع عقدها في الصيف تحت شعار مناهضة الشيوعية، وفاز بنسبة 35 بالمئة من المقاعد في الرايخستاغ (البرلمان الألماني).
كان انتصاره ساحقا، بلا شك، ولكنه لم يكن كافيا ربما لكي يتفرّد بالحكم. تم حلّ البرلمان وأجريت انتخابات جديدة في نوفمبر/تشرين الثاني، حصل النازيون فيها على 32 بالمئة فقط من المقاعد، بينما حصلت الأحزاب الأخرى مجتمعة على 36.8 بالمئة من المقاعد. ومن جديد، مع عدم وجود أغلبية واضحة، كان على جميع الأطراف التوجه نحو تشكيل حكومة ائتلافية. ولكن بالنظر إلى نسبتهم في البرلمان، وحقيقة أن هتلر قد حشد رجال الأعمال والصناعيين والمصرفيين والنبلاء السابقين والضباط من حوله، لم يكن أمام الرئيس المسنّ باول فون هيندنبورغ خيار سوى دعوته ليصبح مستشارا، وهو المنصب الذي قبله بكل سرور وتم تنصيبه فيه في 30 يناير/كانون الثاني 1933.
وظيفة المستشار
سوى أن منصب المستشار لم يكن يعني الحكم المطلق. إنه بلا شك منصب عام سامً ، ولكن تصاحبه قيود وواجبات والتزامات محددة في دستور جمهورية فايمار. نظريا، لم يكن هتلر يختلف عن أي من المستشارين العشرة الذين تناوبوا على كرسي السلطة منذ إنشاء الجمهورية عام 1919، والذين تمكنّ ستة منهم فقط من البقاء في السلطة لأكثر من عام، حتى أنّ المستشار السابق له مباشرة، كورت فون شلايشر، لم يبقَ في منصبه أكثر من ستة وخمسين يوما فقط.