لم يكن مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب سعيدا بنتائج الدورة 53 لقمة دافوس في الشهر المنصرم. فهذه السنة غاب الكبار وصانعو السياسة الاقتصادية العالمية لأسباب مختلفة، وطرحت أجندات غير مناسبة.
غاب الوفاق والتوافق في معظم قضايا العالم تقريبا، واختلف الفاعلون حول طريقة مواجهة ما يتهدد البشرية من أوبئة، وما ينتظر الاقتصاد من ركود غير مسبوق، قد يُدخله في نفق الانكماش، وينخفض معه النمو العالمي إلى دون 1,7 في المئة بحسب أرقام البنك الدولي، وتسجل خسائر في التجارة العالمية تفوق تكلفتها أزمة كوفيد-19 وقد تقترب من سبعة تريليونات دولار، في ظل تنامي الحمايات والرسوم الجمركية، ومعها خسائر في الوظائف، وصعوبات في تدبير تضخم الأسعار، وتباطؤ في التنمية، وارتفاع في المديونية ومعدلات الفائدة.
يضاف الى ذلك معضلة المناخ والجفاف وارتفاع درجة حرارة الأرض وتأثيرها في الأمن الغذائي، مع ما يرافق ذلك من توسع الفقر في المناطق القاحلة، وتزايد قوافل الهجرة نحو الشمال.
يجري هذا كله، في ظل وضع اقتصادي عالمي مريض، يفضحه عجز الموازنات المهترئة وارتفاع المديونية العمومية في معظم دول العالم، بما فيها الدول الصناعية والمتقدمة.
آفاق الاقتصاد العالمي
في دافوس لم يتم الحسم في أي من مشكلات العالم المستعصية، على الرغم من خطب الحكماء، ومنهم الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الذي بدا متشائما في أكثر من موضوع، ومنها قضية التغيرات المناخية وتأثيراتها الكارثية على دول الجنوب، والمساعدة في حل أزمة الغذاء وإمدادات الطاقة والفقر والهجرة.
ففي غياب روسيا، وتمثيل متواضع للولايات المتحدة والصين وحتى الاتحاد الأوروبي الذي اكتفى بحضور المستشار الالماني أولف شولتز، لم يكن سهلا التوصل إلى حلول سريعة لأزمة إمدادات الطاقة والاحتباس الحراري، ومساعدة التنمية، ومعالجة المديونية، وقضايا الأمن والهجرة والطاقة والرقمنة، بل أصبح مصير التجارة العالمية مهددا أكثر من أي وقت سابق بالعقوبات المتبادلة، بين روسيا ودول الغرب، والولايات المتحدة والصين، في أخطر أزمة منذ إنشاء المنظمة العالمية للتجارة عام 1995.