"دير بالك" قلت لمرافقي محمد، ومددت ذراعي لمنعه من التعثر أو الدوس على كيس أسود كبير اعترض سيرنا. تجاوزنا الكيس بخطوتين ووقفنا نراقب فريق إنقاذ يعمل فوق أنقاض المبنى المقابل فيما تحلقت على يميننا عائلة حول موقد نار تشرب الشاي وتترقّب خبرا، في مشهد راح يتكرر أمام كل مبنى، في كل زقاق، من كل حي.
الوقت ليل، والحرارة دون الصفر، ومصدر الإضاءة الوحيد هواتفنا النقالة التي قارب شحنها على الانتهاء. فبعد مضي نحو أسبوع على وقوع الزلزال، كانت مدينة أنطاكيا ومحيطها لا يزالان غارقين في ظلام دامس مع غروب الشمس. لم نلحظ سريعا ماهية الكيس الأسود أو ربما تعمدنا تجاهله وإشاحة النظر عنه تفاديا للإقرار بما عرفناه. إنه جثة ألقيت على طرف الرصيف، مقابل المبنى الذي وجدت فيه، تنتظر من يأتي ويتعرف عليها فيحملها الى مثوى أخير.