لم تعد السينما مجرد حكايات مصوّرة للمتعة والترفيه وإشغال دور العرض بالإعلانات والأفكار، ولا مجرد تحويل روايات عالمية إلى قصص سينمائية مصورة. آمنت الدول بأهمية الصناعة السينمائية في الارتقاء بالإنسان، لذا استثمرت في هذا القطاع لنشر الأفكار والعمق الثقافي والفكري، حتى أصبحت السينما أهم أدوات القوة الناعمة، التي تعبر عن ثقافة البلدان وهوياتها، وتراثها، وحكاية إنسانيتها في نسيج يروي أفراحه وأحزانه وأحلامه وتطلعاته.
منذ أن انطلقت وزارة الثقافة السعودية، تسارعت الحركة لترجمة التطلعات، وخلق منظومة متكاملة للصناعة السينمائية، بتطوير البنية التحتية، ودعم التجارب الواعدة، وخلق الكوادر الموهوبة.
في هذا اللقاء يحدّثنا رئيس هيئة الأفلام في السعودية المهندس عبد الله العياف عن هذا الحراك، والدور الذي تؤديه الهيئة التابعة لوزارة الثقافة لتجسيد هذا الحراك، وجعله أداة مؤثرة في النسيج المجتمعي والثقافي، وذلك من خلال التركيز على حوافز "ضوء" لدعم إنتاج الأفلام، والتعاقد مع شركات الإنتاج العالمية، والتعاون مع الجامعات الدولية، ودور القطاع الخاص في المساهمة في نهضة القطاع الأهم في مسيرة الثقافة العالمية.
تعد السينما من الأدوات المؤثرة في استراتيجيات القوة الناعمة على المستوى الدولي. فما هي رؤيتكم لهذا الاتجاه والواقع؟ وكيف يمكن استثماره لتحقيق أهداف الهيئة؟
تستثمر الدول في بناء منصات إعلامية وقطاعات ثقافية تمكنها من سرد قصصها بدلا من ترك الآخرين ليحكوها. السينما من أكثر هذه القطاعات فاعلية وقدرة على تسويق الأفكار والهويات لما تقدمه من تجربة غنية للمتلقي.
وقد شهدت السينما السعودية تجارب واعدة لاقت استحسانا على المستويين الإقليمي والدولي. ونعمل على مواصلة هذه التجارب عبر تطوير مواهب وطنية قادرة على صناعة أفلام سعودية تنافسية ذات جودة عالية بكل مراحلها واختصاصاتها. فمن كتابة سيناريوهات جيدة إلى تخصصات التمثيل والإخراج والإنتاج، وصولا إلى قدرات عالية في العرض والتسويق والتوزيع، نرى فرصا واعدة عدة. ونحن على يقين أن تمكين العنصر البشري هو أهم ركيزة في القوة الناعمة للمملكة وأن المبدع والمبدعة السعوديين هما اللذان سيرسمان تلك الصورة العاكسة لما تمر به المملكة من نهضة ثقافية واجتماعية واقتصادية.
استثمر شغفك في كتابة السيناريو، وتعرف على أهم أدوات مهارات الكتابة السينمائية في ورشة عمل فن سرد القصص #هيئة_الأفلام
— هيئة الأفلام (@FilmMOC) February 9, 2023
ما تصوراتكم لدعم إنتاج أفلام تعكس ثقافة المملكة ونشرها محليا ودوليا؟ وهل الإنتاج المحلي قادر على النهوض بهذا الدور؟
الإنتاج المحلي قادر على ذلك، ونؤمن بأن تمكين صنّاع الأفلام هو الخطوة الأهم لإنتاج أفلام محلية تمثل ثقافة المملكة وهويتها وإرثها. بدأ الإنتاج السينمائي المحلي منذ عقود بتجارب مهمة نعتز بها، ونسعى لتقديم كل أشكال الدعم لصناع الأفلام السعوديين لضمان استمرارهم في إنتاج أفلام محلية والمشاركة في مشاريع الإنتاج الدولي التي يستقطبها قطاع الأفلام لدينا.
انطلاقا من هذا التوجه، تقدم الهيئة أوجها عدة للدعم جنبا إلى جنب جهات وشركاء وطنيين آخرين مثل الصندوق الثقافي ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي والجمعيات غير الربحية ذات العلاقة بالقطاع وغيرها من الجهات.