على مدى الأيام الماضية لم يتوقف النعي بين أوساط السوريين المقيمين في مصر، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي كتب كثر أسماء ضحاياهم من أقاربهم ومعارفهم هنا وهناك، بينما اتجه آخرون للبحث وهم تائهون، في مسعى للحصول على أي خبر عن المفقودين.
وكانت شركة "فودافون مصر" أعلنت عبر صفحتها الرسمية على "فايسبوك"، إتاحة المكالمات الدولية والرسائل وخدمات التجوال (استقبال وإرسال) من تركيا وسوريا واليهما مجانا، لمدة أسبوع من 8 فبراير/شباط الجاري لمساعدة عملائها ومساندتهم في التواصل والاطمئنان على ذويهم في سوريا وتركيا.
وتحشد المنظمات الإنسانية المساعدات لدعم منكوبي زلزال تركيا وسوريا. لكن المهاجرة السورية ليديا قبلان، 44 سنة، وهي من مدينة حمص، وتركت وطنها لتعيش في القاهرة في ضاحية مصر الجديدة قبل 15 سنة اختارت أن تدعم أهل بلادها المنكوبين من خلال الدعوات الى الصلاة، "لأن الوضع صعب بل وكارثي"، وليست لديها "رفاهية الشعور بالحزن أو البكاء أو الجلوس في الزاوية". وأضافت: "الناس الذين كانوا يعيشون في الخيام لا يحصلون على الطعام لأن الحدود مغلقة"، إذ لا تصل المساعدات إلى إدلب.
وعبرت ليديا عن "كوارث ولدتها الكارثة": زادت الكارثة حالة البؤس في بلد سقط فيه مئات الآلاف من القتلى في نزاع بدأ عام 2011 عندما قوبلت الاحتجاجات ضد النظام بقمع دموي. وأضافت: "هناك أحياء بأكملها دمرها الزلزال، ولن تنتهي إعادة إعمار هذه الأحياء قبل سنوات من الآن. لذلك لن يكون في مقدور العائلات السورية اللاجئة العودة إلى منازلها ومناطقها السكنية طيلة هذه المدة".
وقالت: "نحن فعلا قلقون على أهالينا في سوريا ونتمنى أن يساعدهم أي أحد في ظل الحصار المفروض على سوريا، لكنني شعرت بالرضا على دعم بعض الدول العربية والصديقة التي أرسلت معونات للشعب السوري". وأعربت عن سعادتها لما قدمته مصر من مساعدات على رغم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها في الوقت الراهن. وقالت: "إن مصر وسوريا دائما شعب واحد".
الأمم المتحدة تحذر من التبرعات الوهمية
تستعطف كارثة مثل الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا الشعوب عامة وتشجع على التبرع، ما يحفز المحتالين على انتهاز هذه الفرصة لسرقة جزء من التبرعات. لا يتورع هؤلاء عن انتهاز أي فرصة لتضليل الناس وسرقة أموالهم، مستغلين عاطفة الكثر الراغبين في تقديم يد العون إلى المحتاجين الذين يطلبون يد العون في الأزمات، مثل الزلزال. وحذرت الأمم المتحدة من زيادة أنشطة الاحتيال عبر صفحات تبرع وهمية، عقب الكوارث الطبيعية.
وذكرت أنها رصدت تناميا في هذه الصفحات على منصات التواصل الاجتماعي. ولا تسرق عمليات الاحتيال هذه أموال المتبرعين فقط، بل "تعيق بطبيعة الحال وصول التبرعات إلى المنظمات الرسمية والمحتاجين"، وفق الأمم المتحدة.
ودشن عدد من الصفحات عبر مواقع التواصل حملات لجمع مساعدات عينية وملابس وأغطية بهدف إرسالها إلى سوريا. وأفاد باسل طويلة، أحد مطلقي حملات التبرع في مدينة الرحاب بوجود حاجة إلى التبرعات المالية الآن أكثر من أي وقت مضى لمساعدة الناجين في الحصول على الحطب للتدفئة والحليب للأطفال والملابس، بما يخفف مأساة أهلنا في الداخل.
السيسي واردوغان
وأقام الاتحاد الوطني لطلبة سوريا في مصر وقفة تضامنية مع وطنهم لفك الحصار الاقتصادي ولدعم المتضررين جراء الزلزال وذلك بالتنسيق مع السفارة السورية في القاهرة. وقدمت مصر في بيان لوزارة الخارجية "تعازيها وتضامنها مع كل من تركيا وسوريا في ضحايا الزلزال الذي أصابهما، إلى جانب عدد من دول منطقة الشرق الأوسط".
وكانت مكالمة الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان لتقديم التعزية بآلاف الضحايا مثار اهتمام، إذ أتت بعد ساعات من إعلان وزارة الخارجية المصرية إرسال مساعدات إغاثية عاجلة إلى تركيا عقب اتصال أجراه وزير الخارجية المصري سامح شكري مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو لتقديم العزاء وتمني الصحة والشفاء للمصابين، وجاء في المكالمة السياسية الديبلوماسية توجيه مصر مساعدات عاجلة تضامنا مع الدولة التركية والشعب التركي الشقيق. وبتوجيهات من السيسي، أرسلت مصر خمس طائرات عسكرية محملة مساعدات طبية عاجلة إلى سوريا وتركيا. وبين زلزال وضحاه تبددت سنوات التوتر الشديد بين الدولتين، وهي السنوات التي بدأت عقب انقلاب الإرادة الشعبية المصرية على حكم "الإخوان" وعدم ادخار الرئيس التركي جهدا في دعم الجماعة ورموزها وحكمها في مصر.
كذلك أجرى السيسي اتصالا هاتفيا مع الرئيس السوري بشار الأسد. قبلها تواصل شكري مع وزير خارجية سوريا فيصل المقداد ومع جاويش أوغلو، معزيا وعارضا المساعدة الفورية والضرورية بتوجيهات رئاسية.
ودعا عضو مجلس نقابة الأطباء في مصر مقرر لجنة مصر العطاء خالد أمين الأطباء الاختصاصيين والاستشاريين في التخصصات الطبية المختلفة للتوجه إلى سوريا. ودعت أمانة أطباء التخدير والطوارئ والجراحات المختلفة الراغبين في تقديم الدعم الطبي للمصابين داخل سوريا إلى التواصل لتسجيل بياناتهم في قائمة الاستعداد وذلك لحين التنسيق مع وزارتي الصحة والخارجية المصريتين.
وأعلن نقيب الأطباء في مصر حسين خيري، أن النقابة تواصلت مع سفير سوريا في مصر بسام درويش للوقوف على احتياجات الداخل السوري من أدوية ومستلزمات طبية، كما تواصلت النقابة العامة للأطباء مع الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة حسام عبد الغفار للتنسيق نحو دعم الشعب السوري الشقيق بالمساعدات الإنسانية المختلفة لتخفيف مآسي الزلزال المدمر الذي لحق بسوريا.
وتحولت صفحات الفنانين العرب إلى منابر لتوجيه المساعدات والدعوات ورسائل التضامن. وتفاعل عدد كبير من نجوم الفن العرب مع أحداث الزلزال وتوابعه، خصوصاً نجوم سوريا الذين دشنوا حملات لمساعدة المتضررين في سوريا من الزلزال، وتحولت صفحاتهم على مواقع التواصل إلى منابر للمساعدة ونقل الأخبار والتوجيهات من أجل السلامة، بالإضافة إلى المساعدة في حملات التبرعات ونقل المساعدات إلى المتضررين.