إذا تصفّحتَ قائمة أخطر الزلازل في العالم، فستجد أن عددا كبيرا منها ضرب شمال سوريا تاريخيا، وخاصة تلك البقعة بين حلب وساحل البحر المتوسط. وتقع المنطقة التي يتكون منها جنوب شرق تركيا وشمال غرب سوريا عند التقاء ثلاث صفائح تكتونية، هي الصفائح العربية والأناضولية والأفريقية، يتدافع بعضها في اتجاه بعض، فيزيد الضغط والاحتكاك اللذان يتسبّبان بالزلازل.
تشاء الظروف لسوء الحظّ أن تكون هذه المنطقة اليوم موطنا لنحو ثلاثة ملايين سوري، بعضهم نزحوا إليها، بسبب معارضتهم لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق، وبعض آخر نتيجة مصادفة جغرافية بحتة. على امتداد سنوات الانتفاضة التي بدأت في مارس/آذار 2011، قبل أن تتحوّل إلى حرب، نزح الكثير من السوريين مرات عدة داخل سوريا. ووصلت أعداد كبيرة من حلب إثر قصف الطيران الروسي والسوري تلك المدينة في ديسمبر/كانون الأول 2016.
لم تكن سوريا التاريخية تشبه "سوريا الأسد" الراهنة المقطّعة أوصالها حاليا، بل كانت تمتدّ من جبال طوروس في الشمال إلى صحراء سيناء في الجنوب، وبالتالي كانت تشمل أنطاكيا القديمة، التي تقع اليوم في ولاية هاتاي التركية الحالية، وهي مدينة ذات أهمية كبيرة في التاريخ المبكّر للمسيحية.