يعود علم الزلازل الحديث إلى عام 1880 عندما أسس العالم البريطاني جون ميلن، الأستاذ في كلية الهندسة الإمبراطورية اليابانية، جمعية العلوم الزلزالية اليابانية إثر زلزال ضرب البلاد في 22 فبراير/ شباط من ذلك العام. وهو أسس نهج البيانات الحسابية للرصد الزلزالي. وأصبح الياباني سايكي سيكيا أول أستاذ لعلم الزلازل في العالم وذلك عام 1886، واعتمد في بحوثه على بيانات حسابية تصدرها وكالة الأرصاد الجوية المؤسسة حديثاً في بلاده والتي رصدت الاضطرابات الزلزالية إلى جانب أحوال الطقس. وسرعان ما انتشر نهج القياس الحسابي للزلازل في مختلف أنحاء العالم، وتغلب على النهج الوصفي السابق في هذا الصدد، على رغم أن أجهزة القياس كانت بدائية مقارنة بما لدينا اليوم ولم تستطع أن ترصد سوى الزلازل القوية. وعلى رغم انتكاسة العلوم عموماً وعلم الزلازل خصوصاً بسبب الحربين العالميتين، تمكنت الرابطة الدولية لعلم الزلازل (International Seismological Association) التي تأسست عام 1904 من وضع سجلات زلزالية علمية أتاحتها لأي باحث حول العالم. والرابطة اليوم جزء من الاتحاد الدولي للطبيعة الأرضية ومقاييس الأرض (International Union of Geodesy and Geophysics).
عام 1967، اكتشف الأميركي جيسون مورغان نظرية الصفائح التكتونية – فكرة أن صفائح صلبة تشكل سطح الأرض، ويتحرك بعضها إزاء بعض، وتسحب معها القارات والمحيطات. في يناير/كانون الثاني من ذلك العام، أثناء جلوسه في مكتبه في جامعة برينستون، قرأ مورغان مقالا جديدا في مجلة "ساينس" كتبه الجيولوجي الأميركي إتش ويليام مينارد، الذي رسم خرائط للشقوق الطويلة التي تسمى "مناطق الكسور" (الصدوع) في قاع المحيط الهادئ. وتمكن مورغان (يبلغ 87 سنة اليوم) من احتساب أن كسور قاع المحيط الهادئ كلها تنحني حول نقطة في شمال سيبيريا مباشرة.
هكذا وُلِدت نظرية الصفائح التكتونية التي لم تفسر السبب الرئيسي وراء الزلازل فحسب، بل كذلك لماذا تبدو سواحل القارات كأنها قطع في أحجية للصور المقطوعة (jigsaw puzzle) يمكن ضمها معا لتشكل كتلة واحدة من اليابسة.
أبعد من الزلازل
تعود فكرة أن القارات تحركت بمرور الوقت، إلى ما قبل القرن العشرين. وغيّر الألماني ألفريد فيغنر النقاش العلمي فهو نشر مقالتين حول مفهوم يسمى الانجراف القاري (continental drift) عام 1912. واقترح أن قارة عظمى أطلق عليها اسم بانجيا بدأت في التفكك قبل 200 مليون سنة، وأن أجزاءها تحركت بعيدا بعضها عن بعض، وأن القارات التي نراها اليوم هي أجزاء من تلك القارة العظمى. لدعم نظريته، أشار فيغنر إلى مطابقة التكوينات الصخرية والحفريات المماثلة في البرازيل وغرب أفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، بدت أميركا الجنوبية وأفريقيا كأنهما قابلتان للتطابق.
اكتسبت هذه النظرية زخما في الخمسينات والستينات من القرن العشرين، على الرغم من رفضها في البداية، حين بدأت بيانات جديدة تدعم فكرة الانجراف القاري. فقد أظهرت خرائط لقيعان المحيطات سلسلة جبال ضخمة تحت سطح المحيطات تلف الأرض بأكملها تقريبا. واقترح الأميركي هاري هيس أن هذه الجبال كانت نتيجة صخور منصهرة انبثقت من الغلاف الموري (asthenosphere، منطقة من الأرض تقع على عمق ما بين 100 إلى 200 كيلومتر تحت سطح الأرض، وهي الطبقة الأضعف في غطاء الأرض). وعندما وصلت الصخور إلى السطح، بردت، ما أدى إلى تكوين قشرة جديدة دفعت قيعان المحيطات بعيدا عن الجبال الواقعة تحت الماء. ويحرك تمدد قيعان المحيطات هذا الانجراف القاري.
هذا قد يدعم ما قاله أخيراً عالم الزلازل الإيطالي كارلو دوغليوني لموقع "إيطاليا 24" الإخباري الإلكتروني بعد زلزالي تركيا الرئيسيين، اللذين تسببا بانهيار 225 كيلومتراً من الصدع الفاصل بين صفيحة الأناضول الشرقية والصفيحة العربية، عن أن تركيا انزلقت بما يصل إلى ثلاثة أمتار مقارنة بسوريا وكان يمكن أن تنزلق بواقع خمسة إلى ستة أمتار. وأضاف أن رأيه هذا يعتمد على البيانات الأولية المتاحة الآن، متوقعاً أن تتوفر معلومات أكثر دقة من الأقمار الصناعية في الأيام المقبلة. هذا وتجزم المراجع المعتد بها، ولاسيما وكالة المسوح الجيولوجية الأميركية، بأن أحداً لا يستطيع توقع حصول زلزال وأن أقصى ما يستطيع الخبراء فعله هو وضع ترجيحات بحصول زلازل في صدوع تشهد نشاطاً زلزالياً لافتاً، لكن الترجيحات تمتد عادة على سنوات عديدة.