المشهد مفتوح، وفيه شارع يصنع لغة جديدة تحتلّ مجال التعبير، وتصبح وحدها اللغة المعترف بها. تتحرّك بخفة وتفرض نفسها على الحدث وتنطق باسمه.
كان الخروج النسائي إلى المجال العام في إيران يعدّ مستحيلا، لأنه لا ينطلق من حسابات ومعادلات تتّصل بالمنطق وبالتقديرات، بل إن كلّ موازين القوى وبنى المجتمع تقف ضده وتجعل مجرد التفكير بارتكابه ضرباً من الجنون.
ثلاثيّة "المرأة، الحياة، الحرية"، التي رفعها الشباب المنتفض، لا تمارس السياسة ولا تتفاوض وتخاطب الممكنات، بل تجترح مستحيلا فوريّا، يقدّم نفسه بوصفه فنا قادرا على تكثيف البنى الرمزيّة.
الخطاب التأسيسي لهذا المستقبل صنعته أجيال من المثقفات الايرانيات من مرحلة ما قبل زمن الملالي. في الزمن البهلوي كانت الليبراليّة المزعومة تحاول تعميق سلطات العسكرة وسحب الحريات العامة عبر تحايل يقضي بإتاحة حد أدنى من التحرّر الاجتماعي في مقابل سحب الحريّات الثقافية والسياسية من التداول، والافادة من مزاج محافظ للقضاء على حضور المرأة في المجالين العام والخاص بشكل باتت معه كلفة التعبير الثقافي عالية للغاية.