القاهرة: أكدت أسماء الحسيني الخبيرة في الشؤون الأفريقية أن الوصول إلى الاتفاق الإطاري في السودان أمر بلغ الأهمية بين المكون المدني والسلطة العسكرية رغم كل التحديات التي تواجهه خصوصا بعد رفض جزء من التيار الإسلامي المشاركة فيه. وحول هذه التحديات كان هذا الحوار..
* ما أوجه الخلاف بين السلطة والقوى المدنية في السودان؟
بعد الإطاحة بنظام البشير وحالة الحراك التي حدثت من مظاهرات استمرت طويلا ثم تدخلت وساطة أفريقية من الاتحاد الأفريقي وتم عمل وثيقة تؤسس للشراكة بين المكونين المدني والعسكري واستمرت هذه الشراكة لمدة ثلاث سنوات لكن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أخذ البرهان عدة قرارات أطلق عليها قرارات 25 أكتوبر، الأمر الذي اعتبرته القوى المدنية فضا للشراكة حيث انفرد بالسلطة هو ومن معه وأغلبهم من الحركات المسلحة. هذا الأمر دفع القوى السياسية إلي الاستمرار في المظاهرات وأصبحت الحياة في البلاد شبه معطلة وأصبح السودان مصابا بالاختناق بسبب ما ترتب على قرارات البرهان من غضب القوى الدولية وعلى رأسها الاتحاد الأفريقي الذي جمد عضوية السودان ثم قامت المؤسسات الدولية باتخاذ إجراءات مثل وقف المعونات وأصبحت السودان بعد أن كان يتم الحديث عن أنه قبلة للاستثمار خصوصاً بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب أصابه الشلل.
* ما أهم بنود الاتفاق الذي تم مؤخراً بين القوى المدنية والسلطة في السودان؟
- ما أخذه البرهان فيما يطلق عليها انقلاب 25 أكتوبر أحدث فجوة كبيرة وعدم ثقة بين الطرفين خصوصاً من جانب القوى المدنية، لكن مع تدخل الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد بالإضافة إلى الرباعية الدولية والمكونة من السعودية والإمارات والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، الذين قاموا بمجهود كبير طوال الفترة الماضية للتوصل إلى الاتفاق الإطاري الذي حدث مؤخرا بعد تقريب وجهات النظر بين الأطراف والذي ينص على انتقال مدني ديمقراطي ليصبح الحكم في السودان مدنياً عن طريق رئيس وزراء وحكومة مدنية يتم اختياره من خلال قوى الحرية والتغيير بشكل أساسي تكون صلاحياته واسعة وليس بنظام الشراكة كما سبق بين القوى المدنية والعسكرية، على أن تخضع لها كافة الوزراء على رأسهم جهاز الشرطة والمخابرات،بمعني أن يكون الحكم برلمانيا يتم انتخابه بعد الفترة الانتقالية.
* بعض القوى السياسية وعلى رأسها بعض التيارات الإسلامية رفض الاتفاق الإطاري، ما أسباب ذلك؟
- هناك أكثر من تكتل سياسي يرفض المشاركة في الاتفاق الإطاري من ضمنهم التيار الإسلامي والسبب في ذلك لأنه ضد مصالحهم لأن نظام البشير حكم على مدار ثلاثين عاما الأمر الذي جعلهم يسيطرون على مفاصل الدولة وتمتالسيطرة على ثروات طائلة من خلال اكتشاف البترول ومناجم الذهب، من أجل ذلك تم عمل لجنة يطلق عليها لجنة التمكين تطالب بمحاكمة هؤلاء ومصادرة أموالهم والشركات التابعة لهم مع استبعاد الأشخاص التابعين لسلطة التيار هذا جعل التيارات الإسلامية تقول إنها مستهدفة وفي نفس الوقت يرفعون شعار أن ما يحدث من تحول مدني ضد الهوية الإسلامية، لكن قوى الحرية والتغيير تعتبر ذلك ليس ضد الهوية الوطنية لأن السودان بلد متعدد ومتنوع ويحتاج إلى اعتماد مبدأ المواطنة وأن الدولة تكون حامية لكل المعتقدات والأفكار والأديان وأنها دولة مدنية ديمقراطية وأن الهوية الإسلامية ليست في خطر والدليل على ذلك أن حزب الأمة وهو تيار إسلامي وافق على الاتفاق الإطاري، وجزء من حزب الاتحاد أيضا وافق على الاتفاق الإطاري، بالإضافة إلي أنصار السنة والمؤتمر الشعبي، وهناك قوي أخرى رافضة أيضا للاتفاق تطلق على نفسها اسم قوى التغيير الجذري يقودها الحزب الشيوعي.
* وكيف يتم التوصل إلى اتفاق في ظل كل هذه التناقضات؟
- من الممكن تقسيم معارضي الاتفاق إلي قسمين: قسم ضد الاتفاق تماما وهم الإسلاميون والتيار الراديكالي. أما القسم الثاني فالخلاف على بنود في الاتفاق أو لأسباب تتعلق بأن يكونوا ركنا أساسيا فيه لكن الاتفاق الإطاري بنوده متقدمة ولو تم تنفيذ ما تم الإعلان عنه سينقل السودان نقله نوعيه خصوصاً وأن الشعب ناضل سنوات طويلة من أجل التحول الديمقراطي ومدنية الدولة لكن هناك تعقيدات ستواجه هذا الاتفاق الإطاري لأنهم لم يصلوا إلي اتفاق نهائيا بمعني أن هناك مساومات حول بعض الموضوعات، فهناك أربعة موضوعات ستتم مناقشتها وهي قضايا لم يتم التوقيع عليها في الاتفاق الإطاري أهمها العدالة والعدالة الانتقالية واتفاق سلام جوبا ثم إعادة هيكلة الجيش، وأيضا قضية تفكيك النظام السابق الذي كان يسيطر على مفاصل الدولة، لكن نجاح الاتفاق الإطاري يتوقف على قبول ما تتوصل إليه القوى في ظل أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن أن الجيش للثكنات والأحزاب للانتخابات مع تعهد من حمدتو رئيس قوات التدخل السريع بالالتزام بتنفيذ بنود الاتفاق الذي يعتبر فرصة لا تعوض .
* وهل الاتفاق الإطاري من الممكن أن يكون مشروع دستور السودان؟
- هناك محاولات لضم أكبر عدد من القوى السياسية للاتفاق الإطاري من أجل الوصول إلى اتفاق نهائي في شهر يناير(كانون الثاني) المقبل بعده تبدأ الفترة الانتقالية لمدة عامين من لحظة اختيار رئيس الوزراء الذي بدوره سيختار حكومة تكون مهمتها إعداد الدستور الدائم للبلاد بمشاركة كافة القوى ثم الإعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة مع بدايات عام 2025 .