جدة: يواصل المطبخ الصناعي السعودي المتجدد ابتكار وصفاته الفريدة لتكون الوجبات الصناعية أكثر نضوجاً ودسماً بالقيمة المضافة وعلو التنافسية والنفاذ إلى الأسواق المحلية والعالمية عبر خطوات متعددة، أخذت نصيبها من الدراسة والتجربة وإمكانية التطبيق. وستنال نصيبها لاحقاً من التقييم والنقد والتطوير.
لقد أطلقت وزارة الصناعة السعودية العام الماضي (2021) مبادرة رائدة حملت هوية ومضموناً وشكلاً جديداً للصناعة السعودية وتوسيع أسواقها عبر ربطها بتقديم جودة تنافسية للمنتجات الصناعية السعودية. حملت تلك المبادرة الآخذة في الاتساع اسم «صنع في السعودية».
وللتذكير السريع، فإن خير من وصف هذه المبادرة الوزير النشيط، وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريف، بقوله: «إنها حزمة كبيرة من المزايا والفرص للشركات الأعضاء، وذلك بهدف توسيع نطاق عملها والترويج لمنتجاتها محلياً وعالمياً، حيث يمكنهم استخدام شعار البرنامج (صناعة سعودية) على منتجاتهم التي تستوفي معايير البرنامج لضمان التزامنا بالجودة المتعارف عليها».
وليس خفياً أن المملكة تستهدف تعميق الأسواق المحلية بمنتجات تحمل شعار «صناعة سعودية» لتنافس المنتج المستورد، لكن عيون صانع القرار الاقتصادي، تتركز على فتح المزيد من أسواق التصدير، وبخاصة مع السعي السعودي المحموم لتنويع الاقتصاد باقتناص جميع الفرص المتاحة. لكن هذه الأهداف تحتاج إلى خطوات تنفيذية وتحفيزية متواصلة لتقوية الصناعة السعودية، وعدم الاكتفاء بما هو موجود، فمن يصنع الجديد هو من يحظى بالمكاسب الأولى قبل الآخرين. وجديد وزارة الصناعة هو مبادرة «المصانع الرائدة»، التي يتضح من اسمها أنها تستهدف مضموناً صناعياً ثقيلاً، وهي بالفعل موجهة إلى كبار الصانعين السعوديين في مختلف القطاعات ليكونواً أكثر تأثيراً وعمقاً على مستوى الداخل والخارج.
مبادرة لـ167 من كبار المصنعين
ببساطة، تقوم المبادرة على تقديم دعم متنوع، مادي ومعنوي، لأكبر 15 مصنعاً من المصانع الكبرى من كل قطاع ضمن مختلف القطاعات الصناعية الوطنية على أن يشكل إجمالي حجم الاستثمار للمصانع الرائدة أكثر من 70 في المائة من إجمالي استثمارات القطاع.
أما تصنيف المصانع، فإنه يعتمد على 3 محاور رئيسية: عدد الموظفين، وحجم الاستثمار، وقيمة الصادرات.
وبحسب الموقع الرسمي لوزارة الصناعة والثروة المعدنية، فإن البرنامج يستهدف 167 مصنعاً رائداً، فيما تتركز آلية اختيار تلك المصانع لمحددات تضعها الوزارة؛ دون الحاجة إلى عضوية.
وهكذا، تتضح أمامنا صورة دعم الكبار ليصبحوا أكبر وأضخم ويزيد ثقلهم النوعي، الأمر الذي يساهم في زيادة مساهمة الصناعة في الناتج الإجمالي المحلي. فالمصانع الكبرى وتوسعاتها لها قدرة على امتصاص قدر أكبر من الأيدي العاملة الوطنية، وهي الأقدر على تقديم منتجات، تقبل عليها الأسواق العالمية وتطلبها، وكل ذلك يصب في ضبط إعدادات الميزان التجاري السعودي الراجح بسبب النفط المصدر بشكل أساسي؛ لتتراجع حصة ذلك النفط لصالح الصادرات غير النفطية.
وقد صدرت السعودية العام الماضي نفطاً بقيمة 201.5 مليار دولار، أما الصادرات غير النفطية، فقد وصلت قيمتها إلى 62 مليار دولار في الفترة نفسها.
ويقول الخبير الاقتصادي والمالي خالد الموسى: «يقوم جوهر رؤية المملكة 2030 في ناحية الاقتصاد على التخلص من إدمان النفط، وتراهن البلاد على قطاع الصناعة لتعديل الأمور. إنه تحد هائل، لكن الطريق مفتوح الآن والسرعة يحددها استمرار نشاط المبادرة والابتكار».
وتلتزم مبادرة «المصانع الرائدة» بمبادرة «صنع في السعودية» بشكل وثيق، فكل مبادرة صناعية تحمل في طياتها بذور مبادرات أخرى، فالنجاح يولد المزيد من النجاح، والعكس بالعكس.
ولا تقتصر تأثيرات المبادرة المرتقبة على قطاع الصناعة وحده، إذ من المؤكد أن جزءاً، لا يستهان به، من المصانع الكبرى، تملكه شركات مدرجة في سوق الأسهم، كلها تستفيد عندما تزيد الإنتاجية والأرباح.
تحدي البطالة
تتكامل الأجهزة الحكومية في محاولات إيجاد حلول متواصلة للبطالة، وجعل معيار التوظيف محدداً أساسيا لمبادرة «المصانع الرائدة». إذ يفد إلى سوق العمل نحو 300 ألف شخص جديد من السعوديين سنوياً. وهناك نحو 600 ألف ولادة سنوياً أكثر من نصفها من السعوديين.
إن إقامة كيانات صناعية وائتلافات كبرى واتساق ذلك مع رؤية البلاد لطبيعة دور القطاع الصناعي في الحياة الاقتصادية للبلاد في خلق المزيد من الوظائف، يظهر جلياً أن المملكة تبحث حلولا لامتصاص كثافة العمالة الوطنية عبر إتاحة المزيد من الوظائف، لكل من الرجال والنساء، ضمن مصانع عملاقة، لديها إمكانيات لتوفير بيئة عمل، تهتم بأدق التفاصيل مثل حضانات الأطفال أو النقل المجاني، علماً بأن هذه الإمكانات لا تتوفر لدى المصانع الصغرى بسبب قلة الاستثمار وعدم التأكد من الجدوى.
إن الأجهزة السعودية تسعى وتحاول وتجرب وتدعم إيجاد وظائف مستدامة بشروط عمل نوعية أكثر من مجرد ملء الفراغات في وظائف هامشية، لا تصنع مسيرة عملية متماسكة، تعين أصحابها على الارتقاء في دروب الحياة والكسب والجد. فمثلاً ينظر السعوديون إلى بعض شركات النفط والطيران الكبرى على أنها تقدم وظيفة العمر أو الأحلام، وذلك بفضل المزايا التنافسية والمكافآت والادخار والتقاعد. وهذا ما تتوخاه جميع مبادرات إيجاد الوظائف للسعوديين.
القطاع الصناعي السعودي بالأرقام.
يبلغ عدد المصانع في السعودية قرابة 11 ألف مصنع بنهاية الربع الثالث من العام الجاري.
إصدار 725 ترخيصاً بنهاية سبتمبر (أيلول) 2022 ضمن 26 نشاطاً صناعياً.
يبلغ عدد السلع المصنعة 7400 سلعة.
تصل الصادرات إلى 178 دولة حول العالم.
يصل حجم استثمارات القطاع الصناعي إلى 1.37 تريليون ريال (366 مليار دولار).
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.