طفح الکيل بخامنئي وضاق ذرعا بفشل قواته القمعية وبشکل خاص حرسه في قمع الانتفاضة واستمرارها، ولذلك فإنه وکالذي أصابته نوبة هستيريا أشبه ما تکون بمس من الجنون، يصرخ في قواته مطالبا بما سماه «لملمة بساط الشرور»، وهو بذلك يطالب قواته المنهارة معنويا باستخدام المزيد من العنف والقسوة، وهو يعلم جيدا أن الشعب الذي حطم جدار الخوف والرهبة صار يقف بوجه هذه القوات ويواجهها، وأن هذه القوات باتت تعي أن استمرار الانتفاضة ودخولها شهرها الثالث، يعني عزمها على إتمام مسيرتها حتى النهاية بإسقاط النظام، ولذلك فإنه تعلم أن مواجهة الشعب الثائر والمنتفض على النظام معناه الدخول في رهان خاسر سلفا.
خامنئي الذي يبدو من حالة القلق والخوف التي باتت تعتريه جراء استمرار الانتفاضة وکون ما يجري يشبه ما جرى بالأمس مع سلفه نظام الشاه، يتصور أن هکذا تصريحات خرقاء بإمکانها أن ترفع من معنويات قواته المنهارة وتٶثر سلبا على الشعب المنتفض بوجهه ولا يدري أن ذلك ليس إلا کمن يتشبث بقشة وسط بحر هائج، ذلك أن طلبه السخيف بـ«لملمة بساط الشرور»هو طلب ذو مردود عکسي تماما إذ إن الشعب هو من يعمل ولا يطالب فقط بلملمة بساط شرور وعدوانية هذا النظام الديکتاتوري.
واللافت للنظر أن خامنئي أرجأ «لملمة»المنتفضين إلى وقت لاحق، بعد عدة إعلانات عن إنهاء الانتفاضة، جاءت على لسانه وألسنة مسؤوليه السياسيين والعسكريين، أعقبها تصاعد في الاحتجاجات وتجذير للهتافات.
کما ترافقت توعدات خامنئي، التي جاءت في حضور كبار قادة نظامه أحمد جنتي رئيس مجلس الخبراء ومجلس صيانة الدستور، حسين سلامي قائد الحرس المحتاجين لمن يحقنهم بالمعنويات، والباسيج الذي لم يصح من صفعة أصفهان، مترافقة مع حالة الغضب التي تجتاح عشرات المدن والجامعات في اليوم الخامس والستين من الانتفاضة.
جدية الانتفاضة الشعبية الإيرانية التي تبدو أکثر من واضحة من خلال استمرارها والعزم والحزم منقطع النظير المرافق لها ولاسيما من قبل شريحتي الشباب والنساء، خصوصا وأن المفاهيم والأفکار القروسطائية التي يحرص هذا النظام على زرعها قسرا في عقول ونفوس الشعب الايراني، قد جاءت هذه الانتفاضة لتعلنها للعالم کله بأن الشعب يرفضها جملة وتفصيلا ويسعى لأفکار ومفاهيم إنسانية وحضارية تتماشى مع روح العصر.
هالة الهيبة والمنعة التي سعى هذا النظام لإظهارها على قواته القمعية عموما والحرس والباسيج خصوصا، باتت تتبدد وتتلاشى ولاسيما وأن الصمود الأسطوري للانتفاضة الشعبية الإيرانية في مواجهة هذه القوات المدججة بمختلف أنواع الأسلحة وجعلها تنهار أمامها، قد کان بمثابة تأکيد واضح على أن شمس الحرية ستشرق عما قريب على إيران وأن التغيير قادم لا محالة ولا بد لهذا النظام أن يلم خرقه البالية ويذهب ملعونا إلى مزبلة التاريخ.
أکثر من 43 عاما وهذا النظام يعمل ليل نهار من أجل الإيحاء بأن منظمة مجاهدي خلق قد انتهت وأنه ليس هناك من قوة بإمکانها أن تقف أمامه، لکنه وفجأة ومن دون أن يشعر بذرة من الخجل على کذبه لـ43 عاما، يطالب الشعب بعدم التواصل مع منظمة مجاهدي خلق، وهو بذلك يعيد نفس ذلك السيناريو المبتذل الذي قام به سلفه نظام الشاه عندما تصور أن منظمة مجاهدي خلق لم تعد ذات قوة وتأثير لکنها عادت ولعبت أهم وأقوى دور عملي في إسقاطه.
ردت رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية مريم رجوي على تهديدات وجهها خامنئي للانتفاضة الشعبية بتقديم تصور واضح حول مستقبل الأوضاع في البلاد خلال المرحلة المقبلة.
وقالت رجوي في ردها على تهديدات خامنئي بلملمة «جماعات الفوضى»و«بساط الشرور»أنه مع انتصار الثورة الديمقراطية وطي صفحة حكم الملالي وإرساء الديمقراطية وحكم الشعب، سيتم طي بساط حكم الشر والفاشية الدينية الذي استمر أربعة عقود.
على الرغم من محاولتها إظهار اقتدار النظام، كشفت تصريحات الولي الفقيه عن حالة الضعف التي يعانيها الملالي تحت الضربات المتلاحقة، التي توجهها الانتفاضة يوما بعد يوم، وجاء رد السيدة رجوي ليقدم التصورات الأقرب إلى العقل والمنطق، ليكون المشهد أكثر وضوحا أمام الإيرانيين والعالم الذي يترقب الأحداث الجارية داخل البلاد.
إطلالات الولي الفقيه الكاريكاتيرية، وتناقض تصريحاته مع تصريحات سابقة تعبير عن حالة ارتباك وإفلاس سياسي، وفقدان للبوصلة، لم يعد خافيا على متابعي أزمات النظام المتلاحقة والمركبة، التي يفاقمها استمرار وتجذر انتفاضة الشعب الإيراني، ولا تجد هذه الإطلالات صدى يذكر لدى الإيرانيين، الذين حسموا خياراتهم باتجاه التغيير.