يضع الطلاب في إيران بصمة قوية على جدران النظام الفاشي في إيران، بينما ما تزال الاحتجاجات المتواصلة تتميز بشعاراتها الشعبية، وتعكس هذه العبارات القصيرة، التي يرددها الناس، رغبة الأمة وهدفها لاقتلاع جذور النظام القاتل في أقصر مدة ممكنة، بالإضافة الى التنديد بهؤلاء الذين يقتلون الأطفال والنساء.
احتجاجات إيران الكبرى، التي هي في نظر الكثير من المراقبين تحولت إلى ثورة، تتميز ببعض الشعارات الفريدة التي تعكس مطلب الشعب الإيراني وتصميمه.
طلاب جامعيون في طهران، قالوا يوم الاثنين الماضي: «الآن ليس وقت الحزن، هذا وقت الغضب».
إذن، تعميم الغضب ودعوات الاحتجاج أمسيا حقيقة وواقعا يفرضان إطاراتهما التي تطوق نظام الحكم الممتد لأربعة عقود من القهر وسوء الخدمات والعنف، فضلا عن سجل حقوقي صعب ومأساوي يتضمن موت كثيرين واعتقال مثلهم.
إن دعوات الاحتجاج التي أطلقها طلبة الجامعات الذين واصلوا مظاهراتهم لليوم السابع والخمسين للانتفاضة الإيرانية جعلت قوات أمن النظام تشن حملة مسعورة في محاولة منها لإخماد لهيب الانتفاضة، وحتى الآن قتل النظام أكثر من 550 إيرانيًا.
إلى جانب ذلك، استمرت احتجاجات طلاب الجامعات بعد يوم من قيام حسين سلامي، قائد حرس الملالي، بالتكشير عن أنيابه، محاولًا ترهيب الناس ومنعهم من مواصلة مظاهراتهم.
وقال في تجمع في شيراز: «اليوم هو آخر يوم للاحتجاجات»، وحذر المتظاهرين من النزول إلى الشوارع.
كما أشار سلامي إلى دور المعارضة الإيرانية مثل «مجاهدي خلق» وكيف أثرت على المجتمع الإيراني. وقال: «طلاب الجامعة الأعزاء، اسمعوا، لا يمكننا أن نتسامح مع أفعال خارج إطار [النظام]».
وأضاف: «هل تريدون أن تصلوا إلى السلطة مع المجرمين المنافقين [مجاهدي خلق] الذين خانوا هذه الأمة؟ افتحوا أعينكم وقفوا مع [النظام]».
ترافقت تهديدات سلامي مع اعتقالات واسعة النطاق لطلاب في العديد من الجامعات، وعرض مقاتلو النظام أنفسهم على أنهم أساتذة أو طلاب يهاجمون الطلاب العزل.
على الرغم من محاولاتها العنيفة، فشلت الثيوقراطية الحاكمة في إيران في إخماد المجتمع المضطرب، واندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران. واشتبك طلاب الجامعات الشجعان، الذين كانوا رواد هذه الانتفاضة، مع قوات الأمن في عشرات الجامعات.
لقد تحدوا نظام الملالي بترديد شعارات مثل «الموت للديكتاتور»، و«الموت لخامنئي».
ومن خلال التأكيد على أن الوقت قد حان لمحاربة النظام، رفض طلاب الجامعات نقاط حديث النظام بأن هذه الانتفاضة بلا قيادة وأن الشباب يتصرفون على أساس العواطف.
في الواقع، أظهروا عزمهم على مواصلة هذا النضال رغم إمكانية الاعتقال والتعذيب والموت.
كما حاول النظام والمدافعون عنه الترويج لفكرة أنه لا يوجد بديل قابل للتطبيق لحكم الملالي الحالي وأن الناس يجب أن يعودوا إلى الماضي ويقبلوا ديكتاتورية الشاه أو نظام الملالي الحالي.
إلى جانب العديد من العوامل الأخرى التي تنفي هذا الادعاء الزائف، مثل الدور القيادي لوحدات المقاومة في الانتفاضة الحالية- كما أكده مسؤولو النظام- فقد رفض طلاب الجامعات الإيرانية أي شكل من أشكال الديكتاتورية من خلال الهتاف المستمر «يسقط الظالم، سواء كان ذلك الشاه أو المرشد».
باختصار، كشفت شجاعة الإيرانيين ضعف وعجز النظام عن قمع الثورة، وقد صدق الإيرانيون عندما هتفوا في جميع أنحاء البلاد: «عندما يسقط شخص واحد، سينتفض الآلاف».
العميد في حرس الملالي إسماعيل كوثري، بصفته أحد نواب مجلس شورى الملالي، قال للتلفزيون الحكومي يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول): «أخبرنا بعض هؤلاء المعتقلين بأننا نريد تسليمكم لآبائكم. وقالوا لا نريد العفو الخاص بكم. ابحث عن واحدة لنفسك، لأنك لن تكون في السلطة لفترة طويلة».
لقد أذهلت الاحتجاجات المتواصلة وثبات الشعب الإيراني على هدفه المتمثل في وجود دولة حرة وديمقراطية المجتمع الدولي. وقد دعمت العديد من الديمقراطيات الغربية شجاعته.
لكن هذا الدعم الصوتي لن يوقف وحشية النظام، حيث يواصل نظام الملالي في إيران حملة القتل الممنهج، ففي بلد يتم فيه اختيار قاتل جماعي مثل إبراهيم رئيسي كرئيس، فإن مطالبة الحكومة بوقف عنفها أمر غير ذي صلة وعديم الجدوى أكثر من مطالبة أحد المخربين بإخماد الحريق.
الطريقة الوحيدة لإنهاء الأزمة الحالية المتمثلة في الإفلات من العقاب في إيران ومساعدة الإيرانيين بشكل فعال هي الاعتراف بحقهم في الدفاع عن النفس.
إن الإدانات وبيانات التضامن مهمة، لكن ينبغي تعزيزها بإجراءات حازمة وملموسة من جانب الحكومات الغربية، لاسيما إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها النظام حتى الآن.
* عضو المجلس الوطني للمقاومة الإیرانیة