بغداد: بعد مرور أسبوعين على منح حكومة السيد محمد شياع السوداني الثقة، أجرى سلسلة من التغييرات الواسعة في المناصب الأمنية والحكومية، أبرزها إلغاء جميع قرارات سلفه مصطفى الكاظمي التي اتُخذت خلال فترة تصريف الأعمال، وهو ما يعني عملياً إجراء سلسلة كبيرة من الإعفاءات لقادة أمنيين ومسؤولين حكوميين، بالإضافة إلى تغييرات في المكتب الحكومي والأمانة العامة لمجلس الوزراء، وهذا ما أثار المخاوف حول عودة «الدولة العميقة» التي هيمنت على المشهد العراقي خلال حكومتي نوري المالكي.
ما يُعزز من هذه المخاوف هو غياب التيار الصدري، المنافس لقوى الإطار التنسيقي الداعمة للسوداني.
ولاستيضاح التحديات التي تواجه حكومة السوداني خلال الفترة المقبلة، أجرت «المجلة» حوارا مع مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية خالد هاشم محمد.
* ما أبرز التحديات التي تواجه حكومة السوداني؟
- من أبرز التحديات التي ستواجه حكومة السوداني أنها حكومة الفرصة الأخيرة، فعملية تشكيل الحكومة جاءت بعد عملية عسيرة جداً وهي الأطوال في تاريخ تشكيل الحكومات العراقية منذ عام 2005 إلى يومنا هذا. كما أن أحد الأطراف الأساسيين الممثل بالتيار الصدري لم يكن موافقاً على رئاسة السوداني وهو حصل على أعلى أصوات في البرلمان العراقي.
لذا، فإن السوداني يواجه تحديات كبيرة من ضمنها ضرورة كسب ودّ الشعب العراقي الذي انتظر كذلك لتشكيل هذه الحكومة، كما أن الطرف الثاني، أي التيار الصدر، سيراقب أداء السوداني خلال المدة التي ألزم نفسه بها لإجراء انتخابات مُبكرة، بالإضافة إلى التحديات المثقل بها العراق ومن ضمنها الخدمات والأمن وقانون الانتخاب وغيرها الكثير من المشاكل.
إضافة إلى ما تقدم، فإن السوداني استلم ميزانية هي الأعلى في تاريخ الميزانيات العراقية، ما يُقارب 90 مليار دولار هو فائض الميزانية العراقية، كما أن أسعار النفط هي الأعلى ومن المتوقع أن تدر على الميزانية مبالغ أكبر، وهذا عامل سيساعد السوداني على تحقيق استراتيجيته ومن ضمنها إقرار ميزانية 2023.
* أجرى السوداني سلسلة من التغييرات الواسعة في المناصب الأمنية والحكومية، فهل هناك تخوف حقيقي من عودة «الدولة العميقة»؟
- أحد التخوفات لدى العديد من القوى هو عودة الدولة العميقة، إذ إن السوداني سبق أن عمل إلى جانب رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، لذا فإن السوادني حاول بعث مؤشرات تطمئن الشارع والقوى السياسية الأخرى بأنه سوف يعمل بحزم من أجل عدم التمييز بين الأطراف المختلفة وإظهار نفسه بأنه رئيس حكومة لكل العراقيين وليس لفئة مُعينة.
* هل ما زال السوداني يعمل وفق منهج المحاصصة الذي اعتادت عليه الحكومات العراقية؟
- نقطة الخلاف بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري هي مطالبة الأخير بحكومة أغلبية وطنية وليست حكومة توافقية كما حدث خلال جميع الحكومات السابقة. إلا أن السوداني كان يؤكد على تشكيل حكومة توافقية وهذا ما اتبعه في تشكيل حكومته وهو لم يخجل من هذا الأمر. وعملية تقييم حكومة السوادني صعبة إذ إن ذلك يحتاج إلى المزيد من الوقت.
وهناك تحدٍ رئيسي بإجراء الانتخابات المبكرة، خصوصاً أن جميع القوى متفقة على هذا الأمر، وهو قد ألزم نفسه بوقت محدد لذلك.
* ما الخيارات التي يملكها التيار الصدر للمرحلة المقبلة؟
- التيار الصدري لديه أكثر من تحفظ على حكومة السوداني، إذ إنه كان رافضا لترشيحه لمنصب رئيس الحكومة. وبالتالي السوداني لم يكن شخصية توافقية وإنما مرشح للإطار التنسيقي، وهذه نقطة ليست لصالحه، إاذ إن التيار الصدري سيراقب عن كثب كل خطوة سيقوم بها وهو يملك أوراق قوة كثيرة من ضمنها تحريك الشارع إذا ما وجد أن حكومة السوداني لن تفي بما وعدت به، أو اتخاذ خطوات مثل تغيير شكل قانون الانتخابي بما يناسب الإطار التنسيقي.