تطور ملحوظ للمعلومات التجارية على شبكة الإنترنت خاصة في المواقع المجانية

تطور ملحوظ للمعلومات التجارية على شبكة الإنترنت خاصة في المواقع المجانية

[escenic_image id="5511959"]

قبل عام 2000، كان البحث على شبكة الإنترنت يساعد في الحصول على قدر قليل من الخدمات المعلوماتية في منطقة الشرق الأوسط، وقدر أقل بكثير من المعلومات المتخصصة في مجال الأعمال. ولكن في عام 2009، أصبح واضحًا أن النمو المطرد الذي حدث في مجال الاتصال عبر الإنترنت بصفة عامة، وازدياد الأهمية التي تحظى بها أسواق الشرق الأوسط على الساحة العالمية بصفة خاصة قد هيأت على ما يبدو ظروفا مواتية لإنشاء سوق نشطة للمعلومات التجارية.

 إلا أن هذا التقدم الذي حدث لم يخلُ من مواجع مصاحبة له. فقد وضع الكثير من المستثمرين، في مطلع هذا القرن، أموالهم في جميع أنواع المشروعات الجديدة. وقد نتج عن الحوافز الخاصة للاستثمار إنشاء "مدن إعلامية" في الصحراء (مثلما حدث في دبي) جذبت الكثير من الشباب – محليين ومغتربين – الذين يتمتعون بقدرات فنية وذكاء تكنولوجي للعمل في مجموعة متنوعة من الأعمال التجارية الإلكترونية.

ولكن لم تحقق جميع هذه المشروعات نجاحًا. فكما الحال في الغرب، كانت هناك العديد من حالات الفشل المتناثرة هنا وهناك. حيث لم يتحقق الحلم ولم يصبح العالم قرية صغيرة متصلة ببعضها البعض. كما لم يتوافر العدد الكافي من المستثمرين لدعم الأعداد الهائلة من مواقع البوابات الإلكترونية الإعلانية الضخمة. و ليس هذا بمستغرب في ضوء التفاوت بين الإحصاءات المتعلقة بإمكانية الدخول إلى شبكة الإنترنت في المنطقة في ذلك الوقت. فبينما كانت هناك أعداد كبيرة من المشتركين في خدمة الإنترنت في بعض الدول في منطقة الخليج، مثل الإمارات، حيث بلغت نسبة المشتركين  36 ٪ من مجموع السكان، كانت هناك على الجانب الآخر نسبة صغيرة من المشتركين في الدول ذات الكثافة السكانية العالية (النسبة في مصر في ذلك الوقت لم تكن تتعدى 0.85 %).

ومع ذلك، فإن بعض الشركات العاملة في هذا المجال تمكنت من الصمود والاستمرار في إجراء البحوث حول الشركات والصناعات في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا. والسمة المشتركة للنجاح في مجال خدمات المعلومات تتمثل في وجود نموذج عمل مبنيٍّ على أساس تحصيل اشتراك من المستخدم لكي تتاح له إمكانية الدخول على الموقع. ولم يتمكن سوى عدد قليل من الشركات العاملة من الحصول على عائد مجزٍ من إيرادات الإعلانات.

ويقدم موقع "آي إس آي للأسواق الناشئة"، الذي يوجد له مقر إقليمي في مصر، كمًا كبيرًا من المعلومات من خلال المئات من مصادر المعلومات، بما في ذلك الشبكات الإخبارية الوطنية والرسمية والصحف والاستشاريين التجاريين المتخصصين ومراكز البحث، فضلا عن بعض المواد التحريرية الخاصة. ويتركز نشاطه الإقليمي على قطاع الخدمات المالية الإسلامية وسوق المعلومات الإحصائية والاقتصادية من خلال خدماته المتخصصة، مثل خدمة المعلومات المالية الإسلامية  وخدمة "قاعدة بيانات "سي آي آي سي".

ويعد موقع "زواية"، الذي يقع مقرة في دبي، واحدًا من المواقع الشهيرة في مجال خدمات المعلومات، وله سجل حافل يعود تاريخه إلى أوائل القرن الحادي والعشرين. ومثل موقع "آي إس آي للأسواق الناشئة"، يقدم هذا الموقع كمًا كبيرًا من المواد والمعلومات من مصادر متنوعة. وهناك أيضا موقع لبناني يعمل بالتنسيق مع موقع "داو جونز"، مما يجعل منه واحدًا من أكبر مصادر المعلومات التجارية بخلاف شبكات الأخبار العالمية، خاصة في منطقة الخليج.

ومن بين المواقع الإقليمية المهمة أيضا في المنطقة، موقع "نوز". ويقع مقرة في مصر، ويحصل المستخدم على خدماته مقابل اشتراك شهري. ويقدم الموقع  كغيره من المواقع كمًا كبيرًا من المعلومات التي يحصل عليها من مصادر متنوعة بالإضافة إلى مصادره الخاصة.

وبالرغم من قلة عدد المشاركين في مجال مواقع خدمات المعلومات المجانية مقارنة بما كانت عليه الحال قبل عشر سنوات، فإنه ما زال هناك عدد لا بأس به من مواقع الخدمات المالية. وتعد مواقع مثل موقع "جلفبيز" و موقع "مينافن دوت كوم" من أهم المواقع التي تقدم خدمة جيدة في مجال المعلومات حول الأسواق والشركات العامة وصناديق الاستثمار المشترك، وما إلى ذلك. ولكن الموقع المجاني الذي يستحق الإشادة به فعلا هو موقع "مباشر"، نظرا لكونه موقعًا شاملا. كما يعد موقع "البوابة"، إضافة إلى كونه ناقلا للمعلومات الخاصة بمواقع أخرى مثل موقع "آي إس آي للأسواق الناشئة"، من أهم المصادر المجانية على شبكة الإنترنت للحصول على المعلومات. وعلاوة على ذلك، تعد الصفقة التي اشترت بموجبها شركة "ياهو" أخيرًا موقع "مكتوب" دليلا على الإمكانيات الواعدة لسوق المعلومات المُدعَّم من قِبل المعلنين.

ولكن هذا لا يعني أن عمالقة الصناعة في العالم كانوا غافلين. فالشركات التي تمتلك رؤية عالمية أبدت اهتماما متزايدا بالمنطقة. فقد كثفت شبكة طومسون رويترز من تغطيتها للأمور المالية الإسلامية، وتعاقدت مع أحد كبار المسئولين التنفيذيين من مؤشر داو جونز للإشراف على هذا الأمر. وتنتشر أجهزة "بلومبرج" التي تتيح الحصول على الخدمات المالية لموقع "بلومبرج" في قاعات التداول وغرف التعاملات في جميع أنحاء المنطقة.

ومن الصعوبة بمكان تحديد مَن الذي يحقق أرباحًا كبيرة وسط كل هذا الزخم . فلم تقم أي شركة من هذه الشركات المذكورة أعلاه بنشر نتائجها المالية المتعلقة بالمنطقة تحديدًا.  وعلى الرغم من أنها جميعًا قد تأثرت بالأزمة الاقتصادية العالمية. فإن التحدي الرئيسي لم يعد يتمثل في تحديد نموذج العمل المناسب. فنحن جميعًا نواجه عقبة أكثر خطورة.

فالعقبة الرئيسية أمام أي شركة تقدم خدمات المعلومات التجارية هي؛ الندرة النسبية للمعلومات المتعلقة بالشركات التجارية والصناعية في المنطقة والمتاحة للجمهور العام. وحتى لو أتيحت مثل هذه المعلومات، فإنها تكون معلومات رديئة الجودة، أو عفى عليها الزمن في الكثير من الأحيان. كما تعد إحصاءات الاقتصاد الكلي، في بعض الأماكن، سرًّا من أسرار الدولة. وهذا الافتقار إلى الشفافية والمعايير التنظيمية الضعيفة نسبيًّا، في المنطقة ككل، يمكن أن يجعل الشركات والمؤسسات المالية الكبرى تحجم عن الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط.

ويشكل انعدام الشفافية وضعف تنظيمات الإفصاح عائقين أمام عملية التنمية بشكل عام وليسا عائقين أمام الشركات المعلوماتية فحسب..فعندما لا تكون هناك إمكانية لإجراء البحوث حول الشركات، فإن الناس أو الشركات لن يرغبوا في القيام بأعمال تجارية مع أشخاص أو شركات لا يعرفونها جيدًا. كما أن انعدام الشفافية يفتح الباب للمحسوبية وتضارب المصالح. وعندما تعتبر الإحصاءات الاقتصادية سرًّا من أسرار الدولة، فإنه يمكن التلاعب بها على نحو انتهازي. ويعد التدفق الحر للمعلومات هو الشحم الذي يدير عجلة التجارة والاستثمار. ولكن منطقة الشرق الأوسط تحتل مرتبة متدنية في هذا الصدد.  وليس بإمكان نشاط القطاع الخاص، أن يكون تعويضا عن الضرر الذي تحدثه ثقافة حجب المعلومات.

font change