محمود الهاشمي خليفة خامنئي المنتظر

محمود الهاشمي خليفة خامنئي المنتظر

[escenic_image id="5511960"]

رغم أصوله العراقية تمكن محمود الهاشمي من أن يصبح أحد الأرقام الصعبة في الشارع السياسي الإيراني وكان الجسر الصدري طريقه للعبور الي بلاد فارس التي تعلم لغتها وكأنه يعد نفسه لمستقبل يعرفه جيدا ويري مكانه فيه. وبرغم محدودية مواهبه القيادية التي أدت لهزيمته أمام محمد باقر الحكيم الذي أطاح به من من رئاسة المجلس الأعلي للثورة الإسلامية في العراق استطاع الهاشمى التسلل إلي الحوزة العلمية ولفت إنتباه خامنئى بسبع مجلدات وعشرات المقالات الفقهية العصرية عن تطوير الحوزة واعداد كوادر جديدة مؤمنة بنهج الثورة الاسلامية فجعله من حوارييه ومدرسا خاصا له، ليأخذ طريقه بعد ذلك في تشكيل المجلس الأعلي للثورة الثقافية الذي حمل لواء أسلمة ايران والحفاظ عليها من الغزو الثقافي الغربي وغيرها من المهام الجسام ليكون جنبا الي جنب مع شخصيات ايرانية بارزة مثل هاشمي رفسنجاني ومهدي كروبي. وعندما تولي الهاشمي أمر القضاء بعد أن فشلت محاولات منعه من المنصب باعتباره "ايراني هجين".

تعامل بيد من حديد مع كل معارضي النظام الحالي وزج بقادتهم في السجون وضرب بحقوق الانسان عرض الحائط وعندما انتهت ولايته سلم الراية لآية الله صادق لاريجاني ،ليعود عضوا في مجلس صيانة الدستور ويلعب دورا كبيرا في تزوير الإنتخابات لصالح أحمدي نجاد ،وانتخب نائبا أول لرئيس مجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني ليتبقي له خطوة واحدة ليحل محله مستعينا بالترويج لمرجعيته الدينية لينتقل الي ولاية الفقيه وسید محمود هاشمي شاهرودي ..أو محمود الهاشمي هو نجل رجل الدين سيد محمد علي ،

وكان أحد القيادات في حزب الدعوة الاسلامية الذي أسسه في العراق، السيد محمد باقرالصدر مع مجموعة من علماء دين وشخصيات مرموقه 1957 . ورغم أن الهاشمي لغته الأصلية هي العربية لكنه تعلم الفارسية في إيران التي جاءها بعد سقوط نظام الشاه بصفة معارض " عراقي" وأصبح بالفعل رئيسا للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق عندما كان السيد محمد باقر الحكيم الناطق الرسمي باسم المجلس في العام 1982 . وخلال عمله كمعارض عراقي، اختلف محمود الهاشمي مع الحكيم حول قيادة المجلس وعموم المعارضة العراقية والشيعية منها بوجه خاص،وكان الإيرانيون يتدخلون لحسم الخلافات عبر ممثلين مباشرين لخامنئي أو عن طريق خامنئي نفسه عندما كان رئيسا للجمهورية الإسلامية، ومفوضا من قبل الإمام الخميني في المسألة العراقية. وفي فترة التأسيس الأولى في العام 1982 ، تناوب الحكيم والهاشمي على رئاسة المجلس وتبادلا الرئاسة و" الناطقية"، غير أن الحكيم ولأنه كان يتمتع بمواصفات قيادية تفوق الهاشمي، نجح في التصدي لقيادة المجلس والغاء منصب " الناطق الرسمي باسم المجلس" ، ومن ثم إقصاء محمود الهاشمي عن ساحة المعارضة العراقية، ليتفرغ الأخير لتدريس العلوم الدينية مركزاعلى منهج استاذه السيد محمد باقر الصدر في الحوزة العلمية في قم.

ولكونه يُعرف من قبل خبراء الحوزة بالنبوغ،وبدرجته العلمية الرفيعة وتحقيقاته الدقيقة في علم الاصول فقد أصبح الهاشمي استاذا لامعا في الحوزة الدينية ، ووضع سبعة مجلدات في هذا العلم، وكتب عشرات المقالات الفقهية التي تنم عن ذوق عصري وقدرة على الاستنباط مكنته من أن يصبح مجتهدا لامعا وعضوا بارزا في " المجلس الأعلى للحوزة العلمية في قم " ، وهو المسؤول عن كل مايتعلق بمناهج الحوزة الدينية وإدارتها والحفاظ على هويتها وأصالتها ، وهي معقل آيات الله وحجج الاسلام، ومنها انطلقت شرارة الثورة الاسلامية ضد الشاه العام 1963 . وأثارت أفكار محمود الهاشمي لتطوير الحوزة الدينية، وإعداد جيل جديد من المعممين المؤمنين بنهج الثورة، انتباه السيد خامنئي اليه فجعله مقربا منه في الدرس والبحث العلميين ، واصبح - خصوصا بعد انتخاب خامنئي للقيادة بعد وفاة الامام الخميني العام 1989 - من " حوارييه" ومدرسا خاصا له ، بحجة المباحثة ليتعلم منه خامنئي أعلى مراتب العلوم الدينية، الى جانب آية الله سيد كاظم الحائري، وكان قياديا بارزا في حزب الدعوة، بل الولي الفقيه للحزب، قبل أن يصبح هو الآخر من " حواريي" الولي الفقيه.

بعد إضافة لقب"شاهرودي" له، وحذف " ألف لام " التعريف من لقبه الأصلي لتأكيد إيرانيته في وجه من شكك بها من الإصلاحيين، تدرج محمود هاشمي شاهرودي " في المناصب الايرانية وأختاره خامنئي عضوا فقيها في " مجلس صيانة الدستور " المكلف بتأهيل المرشحين للانتخابات البرلمانية والرئاسية والبلدية وانتخابات مجلس الخبراء، والمسؤول عن إعلان صحة الانتخابات أوالغائها .. كما عينه القائد ، الى جانب هاشمي رفسنجاني ومهدي كروبي وآخرين، عضوا في " المجلس الأعلى للثورة الثقافية " المكلف بأمور خطيرة للغاية على صعيد الحفاظ على هوية نظام الجمهورية الاسلامية ، منها أسلمة المجتمع الايراني، ومواجهة " الغزو الثقافي الغربي" وكل ما هو دخيل على الثقافة الاسلامية،وتعيين رؤوساء الجامعات و تدوين مبادئ السياسة الثقافية لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية و تحديد اهداف ومناهج التعليم و البحث العلمي و الاهداف و المناهج الثقافية و الأجتماعية للبلاد، و تدوين واقرار السياسة الأساسية للإعلام الإيراني ، واعداد و تدوين أسس و معايير لانشاء جامعة تتناسب و تنسجم مع النظام الاسلامي و التخطيط لسبل عملية لتنفيذ و تطبيق هذه الأسس و المعايير،و تحديد سياسة لأنظمة التعليم و التربية و التعليم العالي في البلاد، بالإضافة الى اعداد خطط مناسبة لدعم الاعلام الديني ، و اعداد و اقرار برامج و خطط لتعاون الحوزات العلمية و الجامعات في المجالات العلمية و التعليمية و البحوث، في ضوء العلاقة المتوترة والصعبة على الدوام بين " المعممين " والطلاب الجامعيين ..

قاضي القضاة!

لعل أبرز ما يميز محمود هاشمي شاهرودي أنه وهو المتربي في حضن شيخ إصلاح الحوزة الدينية في النجف، آية الله محمد باقر الصدر الذي خالف كل علماء عصره وكتب رسالته العلمية " الفتاوى الواضحة" بأسلوب عصري كما فعل مع علم الأصول،عُين رئيسا للسلطة القضائية في الفترة مابين 1999 و 2009 ،وهي أخطر مرحلة مرت بها الجمهورية الإسلامية، وليضرب بيد من حديد زعماء الحركة الاصلاحية، ويزج بالعشرات منهم في السجون، ويحرم كبار قادتهم من العمل السياسي والاجتماعي " بأحكام قضائية " صدرت في عهده. وعندما تولى سدة القضاء، قال إنه في عهد النبي محمد " ص" لم تكن هناك سجون، معلنا معارضته الشديدة " للحبس الانفرادي"، وهو كلام كرره الولي الفقيه الحالي، حيث وصف خامنئي السجن الانفرادي بأنه من اشد حالات التعذيب النفسي، كيف لا وهو ذاق مرارته في عهد الشاه!ّ، غير أن عهد شاهرودي في القضاء، اعتبره الكثيرون من أسوأ مراحل فقدان القضاء الإيراني استقلاليته.

في زمن شاهرودي الذي سلم زمام العهدة القضائية لخليفته آية الله صادق لاريجاني في أغسطس الماضي، وسط جدل حول محاكمات الاصلاحيين المحتجين على نتائج الانتخابات، سجلت أكثر حالات السجن الانفرادي، وحصلت انتهاكات على نطاق واسع لحقوق السجناء ، وحالات التعذيب واجبار المعتقلين على الاعتراف عبر التلفزيون ،وكلها مخالفات للدستور وللدين ولحقوق الانسان، كما وجه الرئيس السابق محمد خاتمي في رسالته الى شاهرودي، وطلب منه أن يترك القضاء ..مرفوع الرأس بالافراج عن المعتقلين ووقف المحاكمات واعادة الحقوق، الا أنه وبدلا من ذلك ختم عهده القضائي بارسال تعليمات جديدة للمحاكم الايرانية لمعاقبة من تصنفهم المحاكم بأنهم أعضاء في خلايا إنترنتية، وهو اصطلاح يشمل كل من يستخدم الانترنت لإيصال معلومات أو صور عن الوقائع الايرانية.

وقد تشفع رئاسة شاهرودي للقضاء، وأنها كانت ضربة قوية للحركة الاصلاحية، واغتيال رموزها سياسيا،وأيضا قتل صحفيين ومعارضين ليبراليين" داريوش فروهر وزوجته بروانه اسكندري"، وترويع الشارع وقمعه لمجرد تنظيم مظاهرات سلمية أقرها الدستور في المادة 27 ، في أن يختاره مجلس الخبراء خليفة لخامنئي، رغم " عراقيته" السابقة، اتي لم يفلح الإصلاحيون، في وضع خط أحمر عريض تحتها، كونها أيضا مخالفة دستورية أن يتولى رئاسة القضاء " إيراني هجين" .

القيادة النائبة

وإذ عاد محمود هاشمي شاهرودي عضوا في مجلس صيانة الدستور، الذي كان له الدور الأكبر في تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح محمود أحمدي نجاد، فانه أيضا أنتخب من قبل الأغلبية المحافظة نائبا أول لرئيس مجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني،وربما يحل محله إذا نجح مخطط متشددي المحافظين، خصوصا المثلث القوي " مصباح يزدي، ومحمد يزدي، وأحمد جنتي" في إقصاء هاشمي رفسنجاني بذريعة أنه " لم ينسجم " مع الولي الفقيه خلال أزمة الانتخابات ..المستمرة . لقد تعود هاشمي شاهرودي على أن يكون في " القيادة النائبة" عندما اختاره السيد محمد باقر الصدر مع محمد باقر الحكيم وكاظم الحائري ومرتضى العسكري ، لتشكيل قيادة جماعية، تخلفه في قيادة المعارضة العراقية بعد اغتياله من قبل النظام السابق. وفشل المشروع لأسباب " أختُلف حول سردها"، غير أن محمود الهاشمي طرح نفسه في ايران على أنه نائب عن الصدر باعتباره حلقة الوصل بينه قبل إعدامه، والإمام الخميني ،ولكنه أخفق بعد ذك في رعاية نجل الصدر " جعفر " وحاربه بحجة حمايته من الاعتقال، وضيق عليه وأمره بالجلوس في منزله في قم التي جاءها سفيرا عن الصدر الثاني " آية محمد صادق الصدر " برغبة فتح مكتب له في ايران .

وفي زمن الشاهرودي ،تم اعتقال اسماعيل الوائلي وهو من الناشطين في مكتب الصدر الثاني، ومن أوكلت له مهمة نقل جعفر وزوجته " بنت الصدر الثاني" الى إيران. ومن منطلق ايمانه بعد إنتصار الثورة الإسلامية في إيران، أن رؤية الصدر الأول" محمد باقر الصدر" وعمله السابق تجاه الأمة كان خطأ بسبب الاهتمام بالنخب المثقفة دون الأمة، ركز محمود هاشمي شاهرودي جل اهتمامه بعد انتهاء ولايته القضائية، على الترويج لمرجعيته الدينية، وهي مفصل مهم للانتقال الى "ولاية الفقيه " رغم أنها ليست شرطا،وذلك لأن المتنافسين كثيرون، ومعظمهم مراجع دين بارزون، أو هكذا يوصفون ! .

font change