حسب استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة الأميركية هناك احتمال كبير أن يفوز الجمهوريون بمجلسي النواب في الانتخابات النصفية هذا الشهر. إن حصل هذا الأمر فسنكون أمام سنتين من التعطيل لنهج بايدن في الداخل الأميركي من دون أي شك ستطال سياساته الاتفاقية وموضوع الإجهاض وسياسات الهجرة والمهاجرين غير الشرعيين بالإضافة إلى أمور قد يدفع بها الحزب الجمهوري، منها التحقيقات التي تطال ابن رئيس الجمهورية في موضوع التهرب الضريبي وإنهاء الحرب في أفغانستان وتفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي لمنزل ترامب ومصادرة الوثائق السرية منه، ولكن ماذا يمكن أن يعني هذا الفوز أو كيف يمكنه أن يؤثر في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية؟
ربما التأثير الأكبر لهذا الفوز سيطال أوكرانيا وسياسة الدعم التي ينتهجها البيت الأبيض لهذا البلد. أوكرانيا قد تكون الضحية الأولى لفوز الجمهوريين الذين سيعترضون على «شيك البياض»بمليارات الدولارات الممنوح من قبل بايدن للرئيس زيلينسكي، في حين أن الولايات المتحدة الأميركية تعيش حالة تضخم في الأسعار تضغط على المواطنين وتحاول تجنب الوصول إلى حالة من الركود الاقتصادي.
فقد خصص الكونغرس أكثر من 65 مليار دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية والغذائية لأوكرانيا هذا العام.
فيما العديد من النواب الجمهوريين في الكونغرس طالبوا بتقليص هذه المساعدات أو حتى وقفها بما في ذلك زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفين مكارثي. وإن كان هذا الكلام يدخل في إطار الحملات الانتخابية، على أساس أن الاقتصاد هو الناخب الأول في أميركا، ولكن من المؤكد أن التوجه سيكون- إن فاز الجمهوريون في الانتخابات النصفية بأغلبية المجلسين- نحو خفض المساعدات العملاقة لأوكرانيا.
بالنسبة للعديد من المراقبين الأجانب غالبا ما تكون الانتخابات النصفية إشارة لما ستكون عليه الأحوال بعد عامين أي موعد الانتخابات الرئاسية. وفي حين أن حزب الرئيس يخسر عادة الأرض في انتخابات التجديد النصفي، ولكن يبقى أن حجم الخسارة- إن حصلت طبعا- وتوجهات المرشحين الذين يدخلون المجلسين، قد يعطي مؤشرات مبكرة على هوية الرئيس المقبل.
إن عدم اليقين بشأن المستقبل السياسي لأميركا له تأثيرات ملموسة على السياسة الخارجية. وأحد الأسباب في تعثر إدارة بايدن العودة للعمل بالاتفاق النووي الإيراني هو مطالبة الإيرانيين بضمانات عدم إلغاء الاتفاق بغض النظر عن هوية ساكن البيت الأبيض.
على كل حال قد لا يستطيع الجمهوريون في الكونغرس فعل الكثير لوقف اتفاق نووي جديد إذا تم التوصل إليه، تمامًا كما لم يتمكنوا من عرقلة صفقة باراك أوباما الأصلية عام 2015. ولكن في الوقت الحالي، وسط الاحتجاجات الجماهيرية في إيران، فهناك تأخير للوصول إلى اتفاق قد يطول.
في حال انتصار الجمهوريين ستهدأ الحملة غير المفهومة على المملكة العربية السعودية من قبل الديمقراطيين وإدارة بايدن، خاصة بعدما رفضت «أوبك بلس»تخفيض إنتاجها. لأنه بالرغم من التحديات التي تواجه البلدين فلا يمكن لأي حزب في أميركا التغاضي عن أهمية الشراكة التي تربط البلدين وتأثيرها على أمنهم القومي. مع أكثرية جمهورية في المجلسين ستهدأ النفوس وستعود الحكمة التي يجب أن تتحكم دائما في العلاقة بين البلدين وذلك من أجل حماية المصالح المشتركة.
كل العيون ستكون موجهة إلى الولايات المتحدة الأميركية في الثامن من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) لمعرفة ما ينتظر بايدن وما بعد بايدن وخسارة حزبه إن حصلت ستعقد عليه أمور الحكم من دون شك وستضع حلفاءه في موقف من الحيرة خوفا من أن تعني هذه الخسارة إمكانية عودة ترامب إلى البيت الأبيض.