القاهرة: أزمة مستقبلية بدأت ملامحها فى الظهور، ومن المتوقّع أن تتفاقم مع مرور الوقت إذا لم تعمل الجهات المختصة على حلها، وهي زيادة عدد خريجي كليات الهندسة في مصر، والتي قد تؤدّي إلى أزمة بطالة تهدد المهندسين. فهناك حوالي ربع مليون طالب يدرسون الهندسة في الجامعات الحكومية والخاصة، أين يعملون بعد تخرّجهم؟
يحذر المهندس طارق النبرواي نقيب المهندسين من أزمة بطالة تهدد المهندسين في مصر لأسباب عديدة، منها زيادة عدد الخريجين برقم يفوق الفرص المتاحة في سوق العمل.
وياتي هذا الأمر بسبب الضعف في التنسيق بين كليات الهندسة في الجامعات الحكومية والخاصة إلى حوالي 60 في المائة، وبالتالي زيادة عدد المقبولين في كليات ومعاهد الهندسة.
وأوضح أن ارتفاع نسبة القبول والأعداد المتزايدة جاء نتيجة نسب المجاميع، وبالتبعية تدني المستوى العلمي للخريجين مما يؤثر على فرص العمل المتاحة.
ولمّح إلى أنّ هذا الأمر لا يعود إلى انتشار الجامعات الخاصة فحسب، بل هي أزمة عامة سواء في التعليم الحكومي أو الخاص، مشيراً إلى أن أعداد الطلاب الملتحقين بالتعليم الهندسي حالياً تبلغ نحو ربع مليون طالب، متسائلاً: «من أين سنأتي بفرص عمل لكل هؤلاء؟».
أرقام صادمة
وأشار نقيب المهندسين إلى أن الأزمة ليست فقط فى زيادة أعداد الدارسين، بل في تدني المستوى العلمي للخريجين، وأشار إلى أنّ 200 ألف تقدموا إلى مسابقة للفوز بمنحة سفر إلى الخارج، لم ينجح منهم سوى 111 مهندسا فقط ما يدل على ضعف المستوى، داعياً المسؤولين عن التعليم والنقابة لاتخاذ موقف ولتنسيق مشترك للتصدي لهذه المشكلة.
أما المهندس محمد ناصر، عضو هيئة المجلس الأعلى لنقابة المهندسين وأمين صندوق النقابة فقال إنّ «النقابة كانت قد خاطبت وزير التعليم من قبل، للاتفاق على تخريج عدد معين من كليات ومعاهد الهندسة لا يزيد عن 25 ألفا فقط سنوياً، وتتم دراسة هذا المقترح حالياً بتنفيذه تدريجياً».
وأشار إلى أنّ أزمة البطالة ليست بين المهندسين فحسب، بل هي أزمة عامة في كل التخصصات، فكل عام يتخرّج من الكليات آلاف تحولوا إلى أزمة مجتمعية تهدد بعواقب وخيمة، بسبب قلة الأماكن في سوق العمل، وطالب بضرورة البحث عن حل لهؤلاء الخريجين، مع ضرورة تحفيز الطلاب للالتحاق بالتعليم الفني.
وتابع: «بعد مشاورات عديدة مع وزارة التعليم حصلنا على تعهد بعدد معين من المقبولين في كليات الهندسة لخفض عدد الخريجين».
تحديد عدد المقبولين
الدكتور أحمد بيومي عضو المجلس الأعلى للجامعات والرئيس الأسبق لجامعة مدينة السادات، أشار إلى أن «قبول طلاب الثانوية العامة في كليات ومعاهد الهندسة يخضع لعوامل عديدة منها نسب الدرجات ومجموعها وعدد الكليات الحكومية والخاصة. أيضاً يوجد في مجلس الجامعات ما يسمى بلجنة قطاع العلوم الهندسية، وهناك تنسيق كامل بينها وبين وزارة التعليم في عمليات التنسيق للقبول في الكليات المختلفة حكومية أو خاصة، وهذه القضية ليست بعيدة عن مسؤولي الوزارة بل هى على رأس أولوياتهم».
وأوضح أيضاً أنّ المجلس الأعلى للجامعات منوط به أن يجد أماكن في الكليات المختلفة للحاصلين على شهادة الثانوية العامة، مشيراً إلى أنّ هناك فرقا بين المجاميع التي يتم قبولها في الكليات الحكومية عن تلك في الكليات الخاصة، وأكّد أنّ تنسيق التعليم الهندسي الخاص انخفض هذا العام بسبب انخفاض درجات المجموع.
وعن قبول الطلاب في كليات الهندسة بناء على حاجة سوق العمل، أوضح الدكتور أحمد بيومي أنّ كل أولياء الأمور يريدون إلحاق أبنائهم بكليات وليس معاهد، كما أنّ هناك عددا كبيرا ومجاميعهم متفقة مع القبول في الكليات، لذا يكون عدد المتقدمين أكبر من فرص العمل المتاحة بالسوق.
وأشار إلى أن سوق العمل ليس محلياً فقط وهناك فرص في الدول العربية إذا كان مستوى المهندسين جيدا جداً.
وأوضح أنّ المهندس الكفء المتميز يجد فرص عمل في الداخل والخارج، مشيراً إلى أنّ هذه الأزمة تطال كافة التخصصات، إذ إن هناك زيادة كبيرة فى أعداد الخريجين لا يستطيع سوق العمل استيعابها، وأوضح دكتور بيومي أنّ «الأمر يحتاج إلى تخطيط وتنسيق بين وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم، لأن هيكل التعليم العالي يبدأ من مراحل التعليم العام، المنوط به فلترة التلاميذ منذ المرحلة الابتدائية حسب مواهبهم ومستواهم، وبالتالي سيتضح في المستقبل نسبة الإقبال على كل تخصص ونوع التعليم أيضا سواء كان فنيا أو التعليم الثانوي العام، وهذا ما يسمى بالهيكل الهرمي الذي يبدأ من الصفر حتى تتضح الصورة عند الوصول إلى القمة وهي المرحلة الثانوية، بحيث تقل الأعداد المؤهلة التي تتخرج كل عام، فكل طالب يلتحق بالتخصص المناسب مع مواهبه والمتسق مع إمكانياته وقدرته على الاستيعاب والتميز في تخصصه».
وختم قائلاً إنّه من حق نقابة المهندسين أن تقلق على مستوى أبنائها ومستقبلهم، وأن تطمح إلى عناية أكبر في مستوى التدريس في الجامعات الخاصة، لأن بين يدي المهندس الكثير من أرواح الناس، وهو يتعامل مع آلات ومعدات وماكينات، فإذا كان غير مؤهل فقد يحدث الكثير من الضرر.