بيروت: تواجه الأمم المتّحدة ومؤسساتها في لبنان تحدّياتٍ كبيرة، لا سيما مع تفاقم الأزمات المتعددة التي يعاني منها هذا البلد، كالأزمة الاقتصادية التي أثّرت بشكل سلبي على اللبنانيين والسوريين الذين يعيشون في لبنان كلاجئين بعدما أرغموا على ترك ديارهم على خلفية الحرب التي تشهدها بلدهم، حيث يقيم على الأراضي اللبنانية أكثر من 800 ألف لاجئٍ سوري مسجّل لدى الأمم المتحدة، لكن التقديرات الحكومية تشير إلى أن عددهم يبلغ نحو مليون ونصف المليون لاجئ.
وكشفت مسؤولة لدى المفوضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين في لبنان أن المنظمات التنّموية والإنسانية ضاعفت منذ بدء الأزمة اللبنانية قبل حوالي ثلاث سنوات من دعمها للشعب اللبناني واللاجئين الذين يعيشون في لبنان، تطبيقاً لمهمتها الأساسية في عدم ترك أي محتّاج، على حدّ تعبّيرها.
وقالت بولا باراشينا مسؤولة التواصل لدى المفوضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين في لبنان والمتحدّثة باسمها إن الأمم المتّحدة تحاول تلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً في لبنان من أجل تخفيف تأثير الأزمات المتعددة عليهم، بما في ذلك اللاجئون، نافية قيام الأمم المتّحدة بتخفيض قيمة المساعدات المالية المقدّمة إليهم. وإليكم النص الكامل للمقابلة التي أجرتها «المجلة»مع باراشينا من بيروت:
* ما الخدمات التي تقدّمها الأمم المتّحدة في لبنان خاصة مع استمرار الأزمة الاقتصادية وأزماتٍ أخرى يعاني منها هذا البلد؟
- على مدى السنوات الثلاث الماضية، زادت المنظمات التنموية والإنسانية من دعمها للشعب اللبناني والمؤسسات العامة والأسر والمجتمعات التي يعيش أفرادها في هذا البلد كلاجئين، وذلك من أجل التخفيف من تأثير الأزمات المتعددة وتلبية الاحتياجات الضرورية للفئات الأكثر ضعفاً، تطبيقاً للمهمة الأساسية للمفوضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين، والمتمثلة في عدم ترك أي محتاج.
*ما أشكال هذا الدعم الذي قدّمته المنظمات تطبيقاً للمهمة الأساسية للأمم المتّحدة؟
- نحاول من خلال هذه المساعدات أن نحدث فرقاً في حياة العائلات الأكثر فقراً في لبنان، ولذلك تلقى مئات الآلاف منهم دعماً غذائياً عينياً ومساعدات نقدية وخدمات اجتماعية ووقائية ضرورية. بالإضافة إلى أنه تمّ دعم المئات من البلديات على مستويات مختلفة، لتعزيز تقديم الخدمات الأساسية بما في ذلك أنظمة إدارة النفايات الصلبة، والطاقة النظيفة ومشاريع المياه النظيفة أو التخفيف من حدة النزاعات.
كذلك تمّ دعم البلديات بأنشطة إعادة التشجير وخطط إدارة الغابات والمشاريع المجتمعية، في الوقت الذي تمّ فيه تقديم الدعم للاجئين والمهاجرين في لبنان والذين تأثروا بشدة من الأزمة الاقتصادية الراهنة.
*هل بالفعل تمّ تخفيض قيمة المساعدات المالية الممنوحة للاجئين؟ وكيف تقيّمون وضعهم في لبنان؟
- لم يتم تخفيض المساعدة المقدّمة لاستيعاب اللاجئين وإنما يتمّ تقديمها بالعملة المحلية بالليرة اللبنانية، ولهذا فقد تأثّروا بالأزمات المعقّدة والوضع الحرج الذي تمرّ فيه البلاد، وجميع من يعيش في لبنان حالياً يتّخذ كل يوم خيارات صعبة للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك تأمين القوت اليومي والحاجات الأساسية، والحصول على العلاج الطبي العاجل، وإرسال الأطفال للعمل بدلاً من المدرسة، فهناك 90 في المائة من أسر اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر المدقع وهم غير قادرين على تأمين احتياجاتهم اليومية، إضافة إلى أن أكثر من نصف عائلات اللاجئين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهم يحتاجون إلى المساعدة والدعم، ويشمل دور المفوضية في لبنان تنسيق الاستجابة لجميع اللاجئين في لبنان مع الحكومة ووكالات الأمم المتحدة والشركاء المحليين والدوليين.
وقد زادت المفوضية في سياق الأزمات المتفاقمة الحالية، من مساعداتها الإنسانية لدعم الفئات الأكثر ضعفاً، من خلال تأمين مواد الإغاثة الأساسية والدعم الصحي والنفسي الاجتماعي أو المساعدة النقدية.
*مع حلول فصل الشتاء، هل ستقوم الأمم المتحدة بتقديم مساعدات استثنائية للاجئين أو اللبنانيين؟
- تهدف المفوضية إلى مساعدة نحو 1.4 مليون لاجئ سوري و10365 عراقياً ولاجئين من جنسيات أخرى، استعداداً لفصل الشتاء، بعدما أدى استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان وتداعيات تفشي فيروس كورونا إلى زيادة الفقر بين جميع فئات السكان، وهو ما يزيد الحاجة إلى تقديم الدعم لهم للبقاء على قيد الحياة ومواجهة تحديات الطقس والفقر.
وبالإضافة إلى الوضع السياسي والأزمة المالية الحاصلة، تفاقمت مشاكل لبنان الاقتصادية بسبب الأزمة الأوكرانية مع ما نتج عنها من ارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي ونقص في الوقود واحتمال تقليص المساعدات الإنسانية للبنان على المدى المتوسط. لقد أثّر كل هذا بشدّة على جميع جوانب حياة اللاجئين مما أدى إلى تكثيف آليات التأقلم، لذلك يخطط برنامج مساعدة الأمم المتحدة لفصل الشتاء 2022-2023 في لبنان لتقديم الدعم للأسر المصنفة على أنها شديدة الفقر والحاجة.
*كم عدد العائلات المصنفة كأسر شديدة الفقر في لبنان وسوريا؟
- نحن في المفوضية نقدّر أن 3.4 مليون شخص في سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر يحتاجون إلى مساعدات حيوية لمساعدتهم على الاستعداد والتأقلم خلال فصل الشتاء القادم.
*هناك رغبة لدى بعض الدول تتمثل في إعادة اللاجئين طوعاً إلى بلدهم، ما موقفكم من هذه الخطوة؟
- في الوقت الحالي، لا تقوم المفوضية بتسهيل أو تشجيع العودة الطوعية على نطاق واسع للاجئين إلى سوريا من لبنان. ومع ذلك، يختار آلاف اللاجئين ممارسة حقهم في العودة كل عام. وعندما تحدث حالات العودة الطوعية، فإن دعم المفوضية يهدف إلى ضمان أن تكون عودتهم آمنة وكريمة ومستدامة، ولهذا تدعو المفوضية إلى احترام حق الإنسان الأساسي للاجئين في العودة بحريّة وطواعيةً إلى بلدهم الأصلي في الوقت الذي يختارونه، وستواصل المفوضية الانخراط في الحوار مع الحكومة اللبنانية، بما في ذلك مع مكتب الأمن العام في سياق حركات العودة التي ييسرها الأمن العام اللبناني.