* فريدون خاوند : إذا قامت إيران باستئناف برنامجها النووي فهذا يوجه ضربة إلى العلاقات بين إيران والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الآسيوية.
[caption id="attachment_55265452" align="aligncenter" width="1476"]

وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف[/caption]
نيويورك - فيروزه رمضان زاده:
* اشترط الرئيس الأميركي دونالد ترمب تمديد الاتفاق النووي بتنفيذ مطالب على غرار إمكانية تفتيش جميع المواقع النووية في إيران.
وجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 12 يناير (كانون الثاني) إنذارا قويا إلى الدول الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) التي وقعت على الاتفاق النووي مع إيران، قائلا إنه يتعين عليها الموافقة على إصلاح العيوب المزعجة للاتفاق النووي الإيراني وإلا فإنه سينهي الاتفاق مع إيران.
وأمهل البيت الأبيض هذه الدول الثلاث حتى يوم 12 مايو (أيار) للقيام بإصلاح العيوب في الاتفاق النووي في الوقت الذي أصدرت فيه القوى الأوروبية الثلاث بيانا مشتركا طلبت فيه من الولايات المتحدة البقاء في الاتفاق النووي.
من جهته، صرح السيناتور الجمهوري ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بوب كوركر لقناة «سي بي إس» الأميركية في 18 مارس (آذار) بأن الرئيس الأميركي سيخرج من الاتفاق النووي في شهر مايو. وحذر نائب الرئيس الأميركي مايك بنس منذ فترة بأن أميركا ستنسحب من الاتفاق النووي ما لم يتم تعديله.
ولم يفصلنا إلا فترة قصيرة عن المهلة التي حددها البيت الأبيض. وإذا لم يعلن الرئيس الأميركي في 12 مايو تمديد تعليق العقوبات النووية، فإن ذلك سيؤدي إلى انسحاب أميركا من الاتفاق النووي.
فهل يعني انسحاب أميركا المحتمل من الاتفاق النووي فرض عقوبات نووية مرة أخرى؟ وماذا سيكون رد السياسة الخارجية الإيرانية وما تأثيره على الاقتصاد الإيراني؟
أجرت «المجلة» حوارا مع الدكتور فريدون خاوند الخبير الاقتصادي الإيراني والأستاذ الجامعي في فرنسا للإجابة على الأسئلة المطروحة.
[caption id="attachment_55265484" align="alignright" width="300"]
فريدون خاوند [/caption]
يعتقد خاوند أن «مطبات وموانع كثيرة واجهت تنفيذ الاتفاق النووي في فترة رئاسة أوباما أيضا أي قبل أن يتولى دونالد ترمب الرئاسة الأميركية وذلك بسبب العقوبات غير النووية التي لا تزال تثقل كاهل الاقتصاد الإيراني. وأدى الاتفاق النووي إلى رفع العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي للجمهورية الإسلامية ولكن العقوبات التي كانت موجودة قبل التوقيع على الاتفاق النووي والمتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان وأمثالها بقيت على حالها بسبب الخلاف في وجهات النظر الأميركية والإيرانية. لذلك تعرضت إيران لعقوبات غير نووية حتى في فترة رئاسة السيد أوباما. عندما وصل السيد ترمب إلى البيت الأبيض وهدد بانسحاب بلاده من الاتفاق النووي الذي وصفه بالسيئ والاتفاق الذي لا يلبي المصالح الأميركية فهذا جعل الاتفاق النووي في موقف أضعف مما كان عليه أساسا لأن اليوم أصبح احتمال إعادة فرض العقوبات النووية أمرا واردا في الوقت الذي حرص الاتفاق النووي على إلغاء العقوبات النووية».
وأضاف خاوند: «بالطبع فإن القرار النهائي سيعلن عنه ترمب في 12 مايو ويبدو من التصريحات التي أدلى بها ترمب وفريقه بأن أميركا عقدت عزمها على الانسحاب من الاتفاق النووي ولكننا بأي حال لا يمكننا الجزم بذلك. وبالتالي هناك احتمال ولو ضئيل بأن ترمب لن يفي بوعوده ولكن التحليلات المختلفة تشير إلى أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي. يؤدي انسحاب أميركا من الاتفاق النووي إلى إضعاف العلاقات بين الدول الموقعة على الاتفاق النووي – بريطانيا وفرنسا وألمانيا - وإيران. عندما تجد هذه القوى الأوروبية الثلاث أن الاتفاق النووي في مهب الريح ستعيد النظر في علاقاتها مع إيران لأنها تخشى من الرد الأميركي وزيادة الضغوط الأميركية عليها. إن الشركات غير الحكومية والبنوك الأوروبية تأخذ الحيطة في علاقاتها مع إيران منذ الآن».
وأشار خاوند إلى شركة توتال الفرنسية على سبيل المثال؛ فهذه الشركة كانت أول شركة غربية توقع اتفاقا مع إيران بعد الاتفاق النووي: «قامت هذه الشركة بعقد صفقات في مشاريع تطوير حقول الغاز في إيران ولكنها لم تحسم أمر الصفقات بعدُ، لأنها تنتظر لترى ماذا سيحل بالاتفاق النووي. وهناك احتمالية انخفاض المبيعات النفطية الإيرانية للدول المختلفة على غرار الدول الآسيوية مثل كوريا الجنوبية أو اليابان. يخيم هذا الإبهام وعدم الشفافية على مستقبل العلاقات الاقتصادية الإيرانية».
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إثر تصريحات السيناتور كوركر حول انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي: «إذا ارتكبت الولايات المتحدة هذا الخطأ وانسحبت من الاتفاق النووي فذلك سيكون خطأ مؤلما للأميركيين».
وحول احتمالية أن يقدم انسحاب أميركا من الاتفاق النووي تبريرا لإيران لاستئناف برنامجها النووي، يقول فريدون خاوند: «إذا كان ظريف يقصد أن إيران ستستأنف البرنامج النووي وتستمر فيه في حال انسحاب أميركا من الاتفاق النووي فذلك سيخلق مشاكل كثيرة لإيران ومنطقة الشرق الأوسط. ولكن هناك مسألة هامة لا ينبغي أن نغفل عنها وهي أن ظريف وروحاني يتعرضان لضغوط كبيرة في إيران من قبل بعض الجماعات والتيارات. إذا انسحبت أميركا من الاتفاق النووي قد يؤدي ذلك إلى زيادة الضغوط على حكومة روحاني وستطالب هذه الجماعات الحكومة بالعودة إلى مرحلة ما قبل الاتفاق النووي واستئناف الأنشطة النووية».
وأضاف: «ولكن علينا أن نلتزم الدقة بهذا الشأن لأن هناك سؤالا وهو إلى أي مدى تستطيع إيران العودة واستئناف البرنامج النووي؟ كما أنه إذا قامت إيران باستئناف برنامجها النووي فهذا يوجه ضربة إلى العلاقات بين إيران والاتحاد الأوروبي وحتى عدد من الدول الآسيوية. أنا أعتقد أن إيران ستلتزم الحيطة بهذا الإطار. ولكن هناك احتمال بأن تتجاهل إيران كل الاتفاقيات في حالة واحدة وهي في حال شهدت إيران تحولات عظيمة مما يؤدي إلى تعرض حكومة روحاني لضغوط هائلة من قبل الجماعات المتشددة في إيران أو في حال شهدت إيران تحولا سياسيا كبيرا. ستجعل هذه التحولات في حال حدوثها إيران أن تتحول إلى دولة متشددة وتستأنف برنامجها النووي وتعود إلى فترة ما قبل الاتفاق النووي».
انسحاب أميركا من الاتفاق النووي يوجه صفعة مميتة إلى إيران
وقعت إيران صفقات مع كثير من شركات الطيران، منها «بوينغ» و«إيرباص» و«إي تي آر» بعشرات المليارات، وذلك بعد التوقيع على الاتفاق النووي مع مجموعة 5+1 ورفع حظر بيع الطائرات إلى إيران.
وقال الدكتور خاوند الأستاذ الجامعي في باريس حول تأثير انسحاب أميركا من الاتفاق النووي على صفقات شراء الطائرات: «على سبيل المثال نلاحظ بشأن صفقات بيع الطائرات أن عملية تسليم الطائرات على غرار طائرات إيرباص من قبل الدول الأوروبية تسير ببط شديد. هذا الموضوع لا صلة له بالوعود التي أعطتها الدول الأوروبية إلى السيد روحاني أي أن إيران تواجه مشاكل بهذه الأمور منذ اليوم (قبل الخروج المحتمل لأميركا من الاتفاق الأوروبي)... أدى الاتفاق النووي بين إيران والغرب إلى رفع مجموعة من العقوبات على إيران ومهّد لاستئناف العلاقات الاقتصادية بين إيران والغرب من دون الخشية من الحظر على الصادرات النفطية والتعاملات البنكية ولكن خروج أميركا من الاتفاق النووي سيغير كل هذه المعادلة ويوجه ضربة قاضية إلى إيران».
وتابع العالم الاقتصادي المقيم في فرنسا بهذا الشأن: «إذا انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي قد يعوق ذلك الصادرات النفطية وعملية بيع النفط. وتشير بعض البيانات إلى أن الخروج المحتمل لأميركا من الاتفاق النووي سيؤدي إلى انخفاض الصادرات النفطية حيث يصل إلى 700 إلى 800 ألف برميل يوميا. وهناك توقعات أكثر تشاؤما تفيد بأن حجم الصادرات النفطية لن يتجاوز أكثر من 200 إلى 300 ألف برميل يوميا. على كل حال، سيؤدي الخروج المحتمل من الاتفاق النووي من دون أي شك إلى خلل في العلاقات الاقتصادية الإيرانية. وسيصيب هذا الخلل قطاع صادرات النفط أكثر من بقية القطاعت ولكن هناك احتمالية بأن تتعرض الاستثمارات الأجنبية في إيران إلى موانع وتحديات أكثر مما تواجهها الآن».
ويبدو أن شركاء إيران الأوروبيين والآسيويين ليس أمامهم طريق إلا تنفيذ السياسات الأميركية بشأن بعض بنود الاتفاق النووي.
وقال فريدون خاوند: «تتمتع الولايات المتحدة بثقل كبير في الاقتصاد والقضايا الاستراتيجية في العالم؛ لذلك فإن انسحاب أميركا من الاتفاق النووي سيجعل الاتفاق النووي هشا خاصة أننا يجب أن لا ننسى أن وزير الخارجية الأميركي كان المفاوض الرئيسي خلال المفاوضات النووية بين إيران والغرب. لذا إذا انسحبت أميركا من الاتفاق النووي فإن ذلك يفرغ الاتفاق النووي من محتواه بشكل كبير. يرى نظام الجمهورية الإسلامية أنه يجب أن يتوجه إلى الشرق أكثر فأكثر ويعزز علاقاته مع دول على غرار الصين وروسيا ولكن علينا الانتباه بأن الصين أيضا ستعتمد سياسة الحيطة والحذر في حال تتجه العلاقات الإيرانية الأميركية إلى أسوأ مما هي عليه الآن وتمارس الولايات المتحدة عقوبات أكبر على إيران لأن أميركا حينها لن تتردد في فرض عقوبات اقتصادية على الشركات الصينية التي تتجاهل العقوبات المفروضة على إيران. وشاهدنا نماذج بهذا الشأن».
واشترط الرئيس الأميركي دونالد ترمب تمديد الاتفاق النووي بتنفيذ مطالب على غرار إمكانية تفتيش جميع المواقع النووية في إيران من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقف إيران إنتاج وتطوير واختبار الصواريخ البالستية وتعديل بند sunset (غروب) الذي ينص على أن البرنامج النووي الإيراني يمكن أن يُستأنف مرة أخرى بعد 10 أعوام، وتلتزم بعدم إنشاء مفاعلات إضافية تعمل بالماء الثقيل لمدة 15 عاما.