أنجيلوس لـ«المجلة»: المصريون يدركون محاولات الإسلاميين تقسيم المجتمع

رئيس أساقفة لندن للأقباط الأرثوذكس: من خلال السلام والمغفرة نستطيع كسر العنف

أنجيلوس لـ«المجلة»: المصريون يدركون محاولات الإسلاميين تقسيم المجتمع

[caption id="attachment_55265443" align="aligncenter" width="1476"]أنجيلوس رئيس أساقفة لندن للأقباط الأرثوذكس أنجيلوس رئيس أساقفة لندن للأقباط الأرثوذكس[/caption]

لندن - ياسمين الجريسي وماريا أسعد:

* كانت هناك محاولات لتقسيم المجتمع. ولم يهاجم المتطرفون المسيحيين فقط بل هاجموا المسلمين أيضاً.
* آمل أن نرى نهجاً جديداً من المملكة العربية السعودية في كثير من المجالات ويبدو أن الوقت قد حان للقيام بالتغيير الكبير.
* يمثل المسيحيون في مصر 80 % من جميع المسيحيين في الشرق الأوسط.
* تم ترحيل المسيحيين من ليبيا والعراق ومن جميع أنحاء سوريا والأراضي الفلسطينية... أما في مصر فالكنيسة تبقى مكتظة ويقوم الناس بزيارة الأديرة باستمرار.




تُوِّج رئيس الأساقفة أنجيلوس كأول رئيس للأقباط الأرثوذكس في لندن، وقد شغل منصب الأسقف العام في الكنيسة الأرثوذكسية في المملكة المتحدة منذ عام 1999. وهو معروف على نطاق واسع لأعماله الدعوية المكثفة، ونتيجة لذلك حصل على وسام «شرف ضابط» أعلى وسام في الإمبراطورية البريطانية من قبل الملكة «لخدمات الحرية الدينية الدولية». وهو متخصص في المبادرات المتعلقة بالحرية الدينية الدولية والعمل التنموي، وعضو في كثير من الهيئات المحلية والوطنية والدولية التي تتعامل مع هذه الأمور، ويرأس بعضاً منها. كما أنه مؤسس وعضو في مجموعة الدفاع عن اللجوء التي تعمل بشكل وثيق بالشراكة مع مجموعة الأحزاب البرلمانية الدولية المعنية بالحرية الدينية أو المعتقد.
وفي مقابلة مع «المجلة»، ناقش الأسقف أنجيلوس تاريخ المسيحيين الأقباط، واستهداف دور العبادة في مصر من قبل المتطرفين الإسلاميين، وما سيعالجه النظام الحالي.
وإلى نص الحوار...

* هل يمكنك التحدث إلينا عن نفسك وعن رحلتك إلى أن أصبحت أول رئيس أساقفة للأقباط الأرثوذكس في لندن؟

- كانت رحلتي طويلة بعض الشيء. ولدت في مصر لعائلة قبطية وهاجرنا إلى أستراليا عندما كنت في الخامسة من عمري. عشت وتعلمت وأتممت دراساتي وعملت هناك ثم عدت إلى مصر للانضمام إلى الدير. وبقيت هناك لمدة ست سنوات وشغلت منصب السكرتير الخاص للراحل البابا شنودة وكانت تلك السنوات تجربة تعليمية رائعة لي. ثم أرسلني قداسته إلى لندن في 1995. خدمت لمدة أربع سنوات ككاهن راهب، ثم في 1999 أصبحت أسقفاً. ولدينا نوعان من الأسقف في الكنيسة ؛ أساقفة الأبرشية المسؤولون عن منطقة، وغير الأبرشية، ويدعون الأساقفة العامين. وبصفتي أسقفاً عاماً، كنت مساعدا للبابا وأبرشيته، وكانت تعتبر هذه هي الأبرشية البابوية... واستمررت لمدة 18 عاماً في عهد البابا شنودة ومن ثم تحت حكم البابا تواضروس. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، تم تتويجي لأصبح رئيس أساقفة لندن، مما يعني أنها أبرشية مستقلة الآن.

* لقد كانت رحلة مثيرة... على الرغم من أن الكنيسة القبطية لديها ملايين المؤمنين في مصر، نحو 10 في المائة من السكان، وعدد متزايد في جميع أنحاء العالم، إلا أن معظم الناس خارج مصر لا يعرفون سوى القليل عنها. من هم الأقباط وما الدور الهام الذي لعبته الكنيسة القبطية في التاريخ المسيحي؟

- كلمة «القبطية» بحد ذاتها مربكة. وإذا كنا نتحدث عن الأرثوذكس الروسي أو الأرثوذكس الإغريقي، فسيكون ذلك واضحاً جداً. القبطية تعني المصرية فقط. إذن، القبطية الأرثوذكس فقط تعني الأرثوذكس المصري. إنها الكنيسة الأصلية في مصر. ووجد المسيحيون في مصر منذ القرن الأول. وبدأ القديس مرقس، كاتب الإنجيل الثاني، بالتبشير بالمسيحية في مصر في نحو 55 عاماً بعد الميلاد، ومنذ ذلك الحين كان لدينا حضور غير منقطع للحياة المسيحية والشهادة في مصر. لذلك، نعتبر أنفسنا شعباً أصلياً.

ويمثل المسيحيون الأقباط نحو 15 في المائة من السكان حالياً، أي نحو 13 مليون نسمة، مع وجود نحو 10 في المائة من المسيحيين الأقباط خارج مصر. وبالطبع، قدمت الكنيسة مساهمات كبيرة تاريخياً للمسيحية ككل، سواء كانت المجامع المسكونية في القرن الثالث والرابع والخامس أو معلمين مثل أثناسيوس الذي كان أحد الآباء العظماء، أو سيريل، أو الحركة الرهبانية. ويتأصل أي راهب أو راهبة في العالم اليوم في الصحارى المصرية لأن القديس أنطونيوس من صعيد مصر أقام الرهبنة في القرن الرابع في مصر. وهكذا كلما رأيت أي شخص في أي حركة رهبانية في العالم، أشعر بالصلة بيننا مباشرة.

ولقد عانت كنيسة مصر من موجة هائلة من حالات الاستشهاد طوال تاريخها وما زالت مستمرة حتى الآن. ويبدأ تقويمنا في 284 بعد الميلاد، الذي كان بداية عهد الإمبراطور دقلديانوس. لأنه في عهد دقلديانوس عانينا من أكبر موجة استشهاد وفقدنا مئات الآلاف أحياناً لأن الجنود كانوا يدخلون إلى قرية أو مدينة ويقتلون الجميع لأنهم مسيحيون. والجدير بالذكر أننا لم نحمل السلاح أبداً ولم نكن عنيفين على الإطلاق. علما بأننا ما زلنا نشهد هجمات على المسيحيين. وقد أرسل لي أحدهم صباحاً شريط فيديو يظهر 21 شهيداً في ليبيا ماتوا منذ بضع سنوات. كان هناك شعور كبير بالصمود والكرامة، ولكن رد فعل عائلاتهم والكنيسة والمجتمع أظهر الصمود الفعلي والقوة والمغفرة. أنا أؤمن بأن سبب بقاء الكنيسة القبطية حتى اليوم لأننا عشنا دائماً هذا الإيمان القوي الذي يركز فقط على أعمالنا وليس على تصرفات الآخرين. ولذلك دائماً كنّا وما زلنا نرد على الظلم ونتفاعل مع العنف ونرد على الاستشهاد من خلال الإحساس بالحب والكرامة والقوة والمغفرة أيضاً.



* دائماً ما كانت ولاتزال الكنائس والمساجد هدفاً للإرهابيين في مصر، وقد عانى المسيحيون سلسلة طويلة من الهجمات القاتلة من قبل المتطرفين. وقد عبرت أنت وغيرك في المجتمع المسيحي القبطي عن غفرانكم في مواجهة الرعب والخوف. من أين تأتي تلك المغفرة؟

- يمكن أن تأتي تلك المغفرة فقط من إيماننا المسيحي. فرسالة المسيح نفسه بدت مجنونة إلى حد كبير لمعظم الناس لأنها تحدثت عن مسامحة عدوك وحتى محبته. وتحدثت عن عدم العودة إلى الوراء. وحتى عندما كان على الصليب طلب المغفرة لأولئك الذين ظلموه. وحتى عندما تعرضنا للهجوم على أكثر من 100 كنيسة ودار للعبادة في 2013. لم نقم بأي رد فعل أو هجوم انتقامي. أقول دائما للناس إنه لا توجد أي مذكرة خرجت من المكتب المركزي تقول لنا أن لا نرد أو نقوم بأي رد فعل، ولكن ذلك كان مجرد رد فعل غريزي وطبيعي من قبل المسيحيين. وحتى عندما خرج المسلمون لحماية الكنائس، وقاموا بذلك بدافع الحب، كان المسيحيون يقولون لهم أن يعودوا إلى بيوتهم، لأننا إذا فقدنا الكنائس فيمكننا إعادة بنائها، ولكننا لا نريد أن نفقد الأرواح.
أنا أؤمن حقاً أنه عندما تتعامل مع الكراهية بالحب أو مع الغضب والعنف بسلام ومغفرة، فإن ذلك يكسر هذا العنف. لا يمكنك القتال بمفردك، لذلك إذا حاول شخص ما محاربتك وأنت لا ترد فسيتوقف بطبيعة الحال في مرحلة ما.

* كيف تقيّم رد الحكومة على التهديد الإرهابي؟

- تحصل جرائم اليوم في كل مكان. وقد شهدنا هجمات إرهابية فظيعة في مصر وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا وهنا في بريطانيا وفي جميع أنحاء أوروبا والعالم الغربي بشكلٍ عام. لا أعتقد أنه يمكننا أن نتوقع من أي حكومة أن تستأصل الجريمة تماماً. وما نتوقعه وجود رد فعل قوي من الحكومات عندما يتعلق الأمر بالجرائم التي ترتكب ونتوقع أن يُحاسب المجرمون على ما ارتكبوا، لأنه عندما لا تحمل مرتكبي الجرائم مسؤولية أفعالهم فإنك بالتالي تساعد الناس على الشعور بالقبول بالإفلات من العقاب. وسيشعر الناس بأنه إذا تم إفلات المجرم من العقاب أول مرة فسيكرر جريمته وهكذا يشعر الناس بالفوضى وعدم الأمان.
ويشكل ما نشهده منذ عامين تنفيذا لأكبر عملية قانونية وتحقيقية في مصر؛ حيث يخضع الناس للمساءلة، وأعتقد أن هذا ما يجب القيام به. أي يجب أن يكون هناك تحقيق سليم ومحاكمات، وبعد ذلك عندما يتم تحديد مرتكبي الجرائم، سواء كانت ضد المسيحيين أو أي شخص آخر، يجب أن تتم محاسبتهم وسيكون ذلك علامة على وجود مجتمع ناجح وآمن.

* استهداف دور العبادة جزء من خطة «داعش» التكتيكية لتقسيم السكان المصريين. كيف استجاب المصريون؟ هل هم متحدون في مواجهة هذا التهديد؟

- طبعاً كانت هناك محاولات لتقسيم المجتمع. ولم يهاجم الإسلاميون المسيحيين فقط بل هاجموا المسلمين أيضاً. وأعتقد أن معظم المسلمين أدركوا أنهم مستهدفين أيضاً لأن الإسلاميين يهاجمون جميع الأشخاص الذين لا يؤمنون بأفكارهم المحدودة والضيقة التي يتبعها المجرمون باسم الإسلام. وأعتقد أن معظم الناس في مصر فهموا ذلك وأدركوا أنه من المهم بالنسبة لنا أن نكرم بعضنا البعض، أي أن يكون المسيحيون قادرين على العيش كمسيحيين ويكون المسلمون قادرين على العيش كمسلمين وفي نفس الوقت حماية حقوق بعضنا البعض في مجتمع يجب أن يقوم على أساس المواطنة.
وبالطبع يوجد بعض الأشخاص الذين تم التلاعب بعقولهم، وأكبر سببين لذلك هما الفقر والأمية. فمن السهل جداً التلاعب بشخص ما اقتصاديا إذا كان ذلك الشخص بحاجة للمال، أو آيديولوجياً إذا لم يكن هذا الشخص لديه فهم كامل. وليس هناك تلاعب آيديولوجي أكبر من الدين لأنه يمكن إساءة استخدامه بشدة. وهكذا رأينا التلاعب بالأشخاص الضعفاء والذي يجعل الجريمة أسوأ. لذلك، نحن لا نحاول مساعدة الضعف الموجود داخل نفوس هؤلاء الناس وإخراجهم منه وجعلهم أكثر أمناً، بل نستخدم الضعف لقضية أكبر، وأعتقد أن ذلك يجعلها مأساوية. وبرأيي أن هذين المجالين يحتاجان بالفعل إلى معالجة وعلينا إدراك أن المجتمع السليم لا يمكن أن يكون إلا المجتمع الذي يحمي كل مواطن بغض النظر عن هويته أو جنسه أو ما يؤمن به لأن ذلك يجعلنا جميعاً متساوين ويجعلنا جميعاً قادرين على الدفاع عن وحماية بعضنا البعض.

* هل يتمتع الأقباط بالحرية الدينية في مصر؟

- هناك الكثير من المستويات للحرية الدينية. هل نستطيع الصلاة والعبادة في الكنائس؟ الجواب هو نعم. وهل يمكننا بناء الكنائس؟ ليس دائماً، وهذه مشكلة يجري إصلاحها الآن إذ إنه توجد قوانين متغيرة على أساس المراسيم. صدق أو لا تصدق، كان علينا الحصول على مرسوم رئاسي قبل سنوات قليلة فقط لترميم كنيسة أو إصلاحها، ناهيك عن بناء كنيسة جديدة.


* هل هذا هو الحال بالنسبة لأماكن العبادة الأخرى في مصر؟


- لا تخضع المساجد في مصر للتنظيم، وحتى عندما حاولت الحكومة الحالية إقرار قانون يتعلق بالمباني الدينية، لاقت محاولتها رفضاً كبيراً لأن الكثير من الناس يرون أن مصر دولة إسلامية ولذلك لا ينبغي فرض قوانين متعلقة ببناء أو ترميم المساجد. ولكن الكنائس تخضع لتنظيم شديد للغاية. ولذلك هذه قضية مهمة ويجري تناولها.

وقد تم بناء الغالبية العظمى من الكنائس في العقود الماضية بطريقة غير قانونية على الإطلاق لأنه لم يكن هناك أي طريقة تسمح ببنائها بشكلٍ قانوني. ولكن اليوم يستطيع من يريد أن يبني أو يرمم كنيسة القيام بعملية لترخيص هذه المباني. ولا أفهم بالفعل لماذا قد يؤثر بناء واستخدام الأماكن الدينية على أي شخص أو يسبب أي قلق. فبالتأكيد إذا كان الناس يصلون فذلك أمرٌ جيد، وإذا عاش الناس حياة البر فهذا جيّدٌ أيضاّ. لذلك، لا يزال هناك عمل يتعين القيام به في هذا السياق.

هناك بالطبع قوانين غير مكتوبة. ولذلك، عندما تنظر إلى وجود المسيحيين في مناصب عليا في مصر تجد أن العدد قليلٌ جداً. وأعتقد أنه تم تعيين أول عميد مسيحي في جامعة خلال الأشهر القليلة الماضية وهذا في جميع أنحاء مصر. وعندما ننظر إلى المناصب العليا التي يشغلها المسيحيون في القطاع العام نجد أيضاً أن عددهم قليلٌ جداً. لذا، ما يحصل على الأرض أنّ المسيحيين يخرجون أنفسهم من القطاع العام ويذهبون إلى القطاع الخاص، حيث يصبحون ناجحين للغاية، ومن ثم يتم اتهامهم بالاستحواذ على المال في المجتمع، ولكن ذلك يرجع فقط إلى عدم وجود طريقة لإظهار كامل إمكاناتهم في القطاع العام.

وأعتقد أن المسيحيين يواجهون الكثير من العقبات. بعضها سياسية والكثير منها ثقافية، وأعتقد أن ذلك سيستغرق وقتاً طويلاً لتجاوزه. إذ نحتاج إلى عملية صارمة ومتعمدة جداً لنقول للناس إننا نريد أمة مبنية على المواطنة وعلى الحقوق والمسؤوليات الفردية، وفي هذا السياق نسحب عنصر الأديان عند وضع القوانين وتطبيقها على الأفراد.
وفي مصر والشرق الأوسط، سواء كنت مسيحياً أو مسلماً، فأنت مؤمن وتأخذ إيمانك على محمل الجد وهذا عكس الثقافة الغربية حيث يمكننا ببساطة فصل حياة الإيمان عن الحياة اليومية. لذلك، ولكي تتمكن من العيش كشخص مصري مسيحي يعني أنك بحاجة إلى قواعد تمكنك من القيام بذلك تماماً كما لو كنت مصرياً مسلماً.



* مع دخول الرئيس السيسي فترة ولايته الثانية، ما الذي تأمل أن يفعله لتحسين ظروف المجتمع القبطي المصري؟

- مع دخول الرئيس عبد الفتاح السيسي فترة ولايته الثانية، أعتقد أنه يجب أن يكون هناك تركيز قوي على إنشاء نظام سياسي أكثر قوة. إذ يجب أن يكون هناك معارضة في المرة القادمة ومرشحون وبدائل وبذلك يتحقق النصر، على الأقل يبدو أفضل.
أعتقد أن الرئيس السيسي قد بذل أفضل ما في وسعه، فقد جاء في وضع كانت فيه مصر في حالة فوضى وخروج عن القانون لعدة سنوات بعد الانتفاضة الأولى في 2011. وكانت هناك تحديات وموجات من الإسلام السياسي التي لم تؤثر على المسيحيين فحسب بل على المسلمين أيضاً. ولم يكن الهجوم الأول مباشرة بعد الانتفاضة على المسيحيين، بل كان هجوم السلفيين على الأضرحة الصوفية. ولم يكن هجوماً على المسيحيين على الإطلاق، كما رأينا قبل عدة أشهر عندما هاجموا المسجد الصوفي في سيناء.

لذا، أعتقد أن البيئة أثبتت أنها صعبة للغاية وأعتقد أن الرئيس قام بأفضل ما يستطيع ولكننا نعرف أيضاً أن الأمة أكثر من مجرد رئيس. يمكن أن يكون لديك شخص نيته حسنة للغاية، ولكنه يحتاج إلى حكومة وإدارة، ويحتاج إلى وجود الكثير من الناس حوله ليستطيعوا نشر رؤيتهم، وبالتالي أعتقد أنه يجب أن يكون هناك تركيز على العملية وعلى الأنظمة وعلى بناء مجتمع يركز على الأفراد والمواطنين.

* ما انطباعاتك حول اللقاء الأخير لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع البابا تواضروس في كنيسة القاهرة القبطية؟

- لم أكن موجوداً، لكن بدا لي أنه اجتماعٌ جيدٌ جداً. إذ بدا وديّاً للغاية. ولدينا الآلاف من المسيحيين الأقباط الذين يعملون في المملكة العربية السعودية ونعرف أنه يتم الاهتمام بهم، ويذهب بعض من رجال الدين لدينا للاطمئنان على أحوالهم بين الحين والآخر. ولذلك، آمل أن نرى نهجاً جديداً جداً من المملكة العربية السعودية في الكثير من المجالات وأن الوقت قد حان للقيام بالتغيير الكبير. فامتلاك مثل هذه القوة الكبيرة في الشرق الأوسط وبين الدول ذات الأغلبية المسلمة التي ستغير سيكون له تأثير مضاعف في جميع أنحاء المنطقة وفي تلك الدول، ونأمل أن تقدم طريقة أفضل للقيام بالأمور.

* هل يمكنك أن تحدثنا عن المجتمع القبطي في المملكة المتحدة؟

- لدينا نحو 20 ألف مؤمن هنا في بريطانيا تخدمهم تقريباً 20 كنيسة. والمجتمع هنا أغلبه من الشباب، ونحن هنا منذ نحو 40 سنة. ويميل معظم الشباب في هذا المجتمع ليكونوا مسعفين لأن الطريق الرئيسي لقدوم المسيحيين أو المسلمين إلى هنا من خلال العضوية في الكليات العصبية. وبالطبع، كان لدينا رواد أعمال ومهاجرون ذوو مهارة عالية ولدينا أشخاص يأتون من خلال مخططات أصغر ومختلفة ولكنها ليست واحدة من مجتمعاتنا الكبيرة.
وتوجد الغالبية العظمى من المسيحيين الأقباط خارج مصر في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ثم في جميع أنحاء أوروبا. وأنا محظوظ جداً لخدمة هذا المجتمع هنا لأنني أشعر أنه مجتمع صحي للغاية، وأشعر أنه مجتمع متكامل جداً ومندمج في المجتمع البريطاني والثقافة البريطانية.
لدينا الجيل الثاني والثالث من الشباب الذين نفخر بهم والذين يعيشون كأعضاء مساهمين ومشاركين في هذا المجتمع. وأعتقد أننا ككنيسة منفتحين جداً ولدينا علاقات جيدة جداً من الناحية الاقتصادية مع مجموعة واسعة من الكنيسة المسيحية هنا في بريطانيا. ولدينا أيضا علاقات جيدة جدا بين الأديان، سواء كان المجتمع المسلم، السنة والشيعة، والمجتمع البهائي، والأديان الأخرى كذلك.
أعتقد أنه من المهم لنا أن نكون منخرطين وأن نكون جزءاً من المجتمع مع حفاظنا على هويتنا ونزاهتنا الخاصة، ولكن الأمر يتعلق بإظهار بعض ما نحن عليه والتعلم مما حولنا.

* ما هي باعتقادك التوقعات للأقباط في مصر والخارج؟

- نحن مجتمع مخلص، ولذلك أرى أن الوجود المسيحي المستمر في مصر بقدر ما يزعج ذلك البعض. ويمثل المسيحيون في مصر 80 في المائة من جميع المسيحيين في الشرق الأوسط. وهذه إحصائية صادمة لأنه تم ترحيل المسيحيين من أماكن مثل ليبيا والعراق ومن جميع أنحاء سوريا والأراضي الفلسطينية. لذا، أشعر أن المسيحيين في مصر سيستمرون في العيش بإخلاص. فالكنيسة تبقى مكتظة ويقوم الناس بزيارة الأديرة باستمرار.



font change