مهسا، امرأة كردية إيرانية تبلغ من العمر 22 عامًا، تزور عائلتها في العاصمة الإيرانية طهران، اعتقلت من قبل شرطة الأخلاق سيئة السمعة، المسؤولة عن تطبيق قواعد اللباس الصارمة التي يفرضها حکم الملالي على النساء. تعرضت للضرب المبرح أثناء أسرها، ودخلت في غيبوبة وتوفيت بعد يومين.
وفاتها المأساوية، التي تظهر مرة أخرى الطبيعة الكارهة للنساء للحكم الديني في إيران، وأثارت غضب الإيرانيين، مما أدى إلى احتجاجات مناهضة للنظام في عدة مدن وأثناء موكب جنازتها، الذي حضره آلاف المعزين الذين هتفوا: «يسقط خامنئي (المرشد الأعلى)»،و«يسقط رئيسي»الرئيس الإيراني الحالي. وهاجم المتظاهرون القوات الأمنية، مما أدى لإصابة العشرات بأسلحة نارية.
في ظل هذه الخلفية، يتوجه رئيسي إلى نيويورك لإلقاء كلمة في الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة كممثل لجمهورية إيران الإسلامية.
وهذا يجعل قضية دور ووظيفة الأمم المتحدة ونهج الولايات المتحدة تجاه هذه القضية في المقدمة والوسط مرة أخرى.
وفاة مهسا هي الأحدث في الجرائم التي لا حصر لها التي ارتكبت في ظل حكم رئيسي. في الواقع، يعود الأمر إلى الثمانينات عندما كان رئيسي في العشرينات من عمره.
في عام 1988، أصدر آية الله روح الله الخميني، مؤسس النظام، فتوى أو مرسومًا دينيًا يأمر بإعدام جميع السجناء السياسيين الذين تمسكوا بمعتقداتهم الديمقراطية وحقوق الإنسان على الفور.
تم إنشاء «لجان الموت»في جميع أنحاء البلاد لتنفيذ أوامر الخميني على عجل. رئيسي، نائب المدعي العام في طهران، عمل عضوا في «لجنة الموت»في طهران.
وكان لـ«لجنة الموت»في طهران سلطة قضائية على أكبر جناحين سياسيين في نظام العقوبات في الجمهورية الإسلامية، في سجني إيفين، وجوهاردشت. شهد الناجون من المذبحة أن رئيسي كان حريصًا بشكل خاص على تنفيذ فتوى الخميني دون أي رحمة على الإطلاق.
وبهذه الصفة، يكون رئيسي وحده مسؤولاً عن إعدام عدة آلاف من بين 30 ألف سجين سياسي قُتلوا في تلك المذبحة في جميع أنحاء البلاد، على مدار ثلاثة أشهر، والتي وصفها خبراء قانونيون وفقهاء حقوقيون بأنها جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية.
أكثر من 90 في المائة من الضحايا ينتمون إلى حركة المعارضة الإيرانية الرئيسية، منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعروفة أيضًا باسم مجاهدي خلق.
جرائم رئيسي ليست شيئا من الماضي. خلال انتفاضة 2019 المناهضة للنظام، لعب رئيسي كرئيس للقضاء دورًا مباشرًا ونشطًا في قتل 1500 متظاهر أعزل في غضون أيام قليلة.
وفي عام 2019، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عليه بناءً على مشاركته في لجنة الموت، وفي عام 2021 فرضت وزارة الخارجية قيودًا على الهجرة بناءً على اكتشاف أنه مسؤول إيراني كبير متورط في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وبينما كان رئيسي يفكر في حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، رفع أكثر من اثني عشر من الناجين المنتمين إلى مجاهدي خلق وأقارب الضحايا دعوى قضائية ضد رئيسي في المحكمة الفيدرالية للمنطقة الجنوبية من نيويورك.
وفي حين أن البعض قد يجادل بأن رئيسي سيتمتع بالحصانة عندما يزور الأمم المتحدة، ففي الشهر الماضي رفض محامي المدعين والمدعي العام السابق مايكل موكاسي في مؤتمر صحافي في واشنطن، رفض الادعاءات بأن رئيسي يحق له الحصانة من الادعاء، مشيرًا أيضًا إلى أنه لم يتم تعيينه رسميًا على الإطلاق كجزء من بعثة دبلوماسية إيرانية وأن الحصانة بموجب اتفاقية فيينا لعام 1961 تنطبق فقط على الإجراءات المتخذة كجزء من عمل الفرد كممثل رسمي على أرض أجنبية وأن رئيس الدولة هو في الواقع علي خامنئي المرشد الأعلى.
إن حضور وخطاب رئيسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة يهدد بتضخيم هذا الإفلات من العقاب من خلال إضفاء الشرعية على إدارة أحد كبار مرتكبي مجزرة عام 1988.
كان كبار المسؤولين في النظام الإيراني متورطين بشكل مباشر أو غير مباشر في مذبحة عام 1988 ولم تتم محاسبة أحد. يجب أن تكون هناك نهاية لهذه الثقافة غير الأخلاقية غير المبررة التي استمرت لأكثر من ثلاثة عقود.
ويمكن للأشخاص المتضررين من مذبحة عام 1988 أن يتطلعوا إلى أن يواجه رئيسي قدراً ضئيلاً من المساءلة إذا استمرت الدعوى المدنية المرفوعة ضده في نيويورك.
«إن اللحظة التي دخل فيها هذا القاتل [إبراهیم رئیسي] البيت المشترك للأمم المتحدة هي لحظة الخزي والعار لطلّاب استرضاء الفاشية الدينية وجرح لضمير الإنسانية المعاصرة». کما قالتها السیدة مریم رجوي رئیسة الجمهوریة المنتخبة من قبل المقاومة الإیرانیة في رسالة موجهة إلى مظاهرة الإيرانيين في نيويورك خلال تجمعهم أمام المنظمة. کما حثت رجوي الحكومات على جعل علاقاتها مع نظام الملالي مشروطة بوقف عمليات الإعدام، وإنهاء أعمال القمع والقتل ضد المنتفضين، وتفكيك ماكينة الإرهاب وأخذ الرهائن.
فلذلك عندما سمحت حكومة الولايات المتحدة لرئيسي بدخول أميركا لإلقاء الکلمة في الجمعیة العامة للأمم المتحدة، کان متوقعا من وزارة العدل الأميركية أن تمضي إلى أبعد من ذلك من خلال إصدار أمر باعتقال رئيسي لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
هذا أقل ما تتوقعه مهسا وعدد لا يحصى من مهسا غير المعروفين منا في الولايات المتحدة ليكون «آخر أفضل أمل على وجه الأرض».
* عضو في المجلس الوطني للمقاومة الإیرانیة