القاهرة: بين البقاء في معاناة مع الفقر وحلم الثراء عبر الهجرة غير الشرعية لخارج مصر. يظل بعض الشباب المصري يبحث عن وسيلة لتحقيق ذلك الحلم، الذي قد يدفع حياته ثمنا لقاء محاولة تحقيقه، ولما كانت محاولات الهجرة غير الشرعية رائجة بين الفئات العمالية والحرفية، أو محدودي التعليم، والعاطلين عن العمل، ومن الطبقات الفقيرة والمهمشة، ممن لا تنطبق عليهم شروط الهجرة الشرعية لبلدان أوروبا، نظرا لعدم حاجة سوق العمل الأوروبي لهؤلاء أو لأن أوروبا لا تريد المزيد من المهاجرين، الذين يمثلون عبئا على دولها، لذا نشأت مافيا الهجرة غير الشرعية، لتفتح طريقا زائفا أمام الراغبين في الهجرة، والذين يقعون ضحايا للابتزاز والنصب، والمخاطرة بأرواحهم من أجل حلم الهجرة، حتى تحقق عصابات التهريب والإتجار بالبشر أرباحا طائلة نظير خدماتها التي تنتهي بالموت في غالب الأحيان.
رغم أن مصر، ومنذ العام 2015 لم تسجل حالات هجرة غير شرعية موثقة عبر سواحلها، فإن عصابات تهريب البشر، التي تنشط على الحدود المصرية الليبية، تمكنت من إيجاد معابر أخرى للهجرة غير الشرعية عبر دروب صحراوية بين مصر وليبيا، أو من خلال مراكب الصيد المخالفة التي يسمح لها بالعمل في المياه الإقليمية، وتقوم بشحن المهاجرين غير الشرعيين في ثلاجات حفظ الأسماك، وذلك تخفيا من حرس الحدود والقوات البحرية المصرية وشرطة المسطحات المائية، حتى الوصول إلى مدينة زوارة الليبية. ومنها يستقلون قوارب المغامرة والموت، التي تكون مكدسة بالبشر من رجال وشباب ونساء وأطفال يقطعون بها البحر المتوسط، باتجاه أوروبا، التي ربما لا يصلون إلى سواحلها سالمين.
السواحل الليبية
تخرج رحلات الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر، باتجاه السواحل الليبية من مواقع مختلفة، أهمها ثلاثة رئيسية هي دمياط، البرلس، قرية برج مغيزل بكفر الشيخ. باتجاه منطقة زوارة، والتي تبعد نحو 120 كم غرب مدينة طرابلس العاصمة الليبية، وتعد نقطة انطلاق للمهاجرين الراغبين في الوصول إلى السواحل الأوروبية على متن زوارق بدائية، وجعل هذا الوضع من مدينة زوارة مركزا رئيسيا لتجمع المهاجرين من مختلف دول القارة الأفريقية.
أسباب مختلفة للهجرة غير الشرعية
بحسب أرقام المفوضية الأوروبية، غادر 3.500 مصري سواحل بلادهم باتجاه إيطاليا خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري وهذا الرقم مرشح للزيادة بانتهاء العام، بحسب فؤاد بدراوي أستاذ علم الاجتماع في جامعة قناة السويس، والباحث في المركز القومي للبحوث الاجتماعية في تصريح خاص لـ «المجلة» حول أسباب قضية الهجرة غير الشرعية، موضحا أن هناك أسبابا ودوافع لدى الذين يرغبون في الهجرة، حيث يعد الفقر والعوز وانعدام الروابط الاجتماعية والأسرية من أهم الأسباب الاجتماعية التي تؤدي إلى الهجرة غير الشرعية، وأضاف بدراوي أن الطموح الزائد، لدى الشباب المقرون بالاستسهال هو ما يدفع هؤلاء بإلقاء أنفسهم في مغامرات من هذا النوع غالبا ما تبوء بالفشل أو قد يدفع حياته ثمنا لها، وتابع أستاذ علم الاجتماع: ومن بين الأسباب الأخرى أن التقليد أصبح حالة عامة لدى الشباب مع اتساع استخدم الإنترنت والسوشيال ميديا، فوجود شخص يعرفه أو صديق له في تلك البلاد، ونجح في الوصول عبر الهجرة غير الشرعية يعتبر دافعا قويا لدى الشباب لتقليده.
وأشار بدراوي إلى أن الجهل وتدني المستوى المعيشي من العوامل الحاسمة في اتخاذ قرار الهجرة غير الشرعية. وألقى بالمسؤولية الأساسية على أسر المهاجرين. وربط بين تدني الحالة التعليمية لهم ونقص الوعي الذي يدفعهم للمغامرة بحياة أبنائهم. بحثا عن سبل لتحسين أوضاعهم المعيشية، ولفت إلى ضرورة عمل برامج توعية خاصة بالريف للتوعية بآثار ومخاطر الهجرة غير الشرعية، وتأهيل أسر المهاجرين نفسيا واجتماعيا. كما أشار إلى الواقع الاقتصادي ومعدلات البطالة العالية خاصة بين فئة الشباب التي وصلت 15 في المائة إضافة إلى الفقر وعدم تكافؤ الفرص.
محافظات تتصدر الهجرة
وفقا لبيانات وزارة التضامن الاجتماعي فإن المحافظات التي تتصدر القائمة في الهجرة غير الشرعية في مصر هي الفيوم والشرقية والدقهلية والمنوفية والبحيرة والغربية وكفر الشيخ والأقصر والمنيا. فيما الغالبية العظمى من هؤلاء المهاجرين من الحاصلين على التعليم المتوسط.
وفي تصريحات صحافية سابقة لوزيرة التضامن الاجتماعي فإن هناك أسبابا كثيرة للهجرة غير الشرعية. منها تدني مستوى خدمات بعض المناطق. والتطلع لما حققه شباب سافر ويود تحقيق الربح السريع. وقلة وعي الشباب وغياب آليات الحماية في وجود أشخاص يتاجرون بعملية الهجرة غير الشرعية.
بينما أشارت دراسة للمجلس القومي لحقوق الإنسان إلى أن هناك علاقة بين ضيق المساحة في القرى وزيادة السكان وتدني مستوى شبكات الطرق والمواصلات ومستوى خدمات التعليم والوحدات الصحية وغياب وسائل الترفية. ما جعل منها مناطق طاردة. فيما أشارت الدراسة إلى أنه بسبب تدني الأوضاع الاقتصادية والصحية في أغلب هذه القرى يعتمدون على العيادات الخاصة ويلجأون إلى الجمعيات التعاونية في علاجهم. كما ردت أمر البحث عن الهجرة كحلم إلى تأخر سن الزواج وارتفاع نسب التسرب من التعليم مع قلة منافذ الهجرة الشرعية وارتفاع تكاليفها من العوامل المهمة.
جريمة منظمة
من جهته، قال المستشار والمحامي في مجلس الدولة والاستئناف العالي والحقوقي أشرف الطوخي في تصريحات لـ«المجلة» إن جرائم الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، من أكثر الجرائم المنظمة المدرة للربح حول العالم، إذ تحقق أنشطتها أرباحا طائلة تقدر بمليارات الدولارات، موضحا أنها تعد ضمن أكثر الجرائم التي يتم تنفيذها من قبل جماعات إجرامية منظمة، وتتحصل تلك الجماعات على عائدات مالية جراء تلك الجرائم وتختلف قيمتها باختلاف الدولة التي يتم تهريب الأشخاص إليها أو باختلاف الجريمة المرتبطة بها.
وأشار الطوخي إلى أن صور الإتجار بالبشر تتعدد ومن بينها الإتجار بالأطفال والأشخاص بغرض الزواج القسري، والإتجار بالأشخاص بغرض الخدمة القسرية وأعمال السخرة، والإتجار بالأشخاص من أجل استئصال وتجارة الأعضاء البشرية، وأن المجرمين القائمين عليها دائما ما يلجأون إلى إخفاء تلك المتحصلات المالية وغسلها، وذلك من خلال استغلال الحسابات البنكية وإنشاء الشركات الوهمية، وشراء العقارات والمعادن النفيسة والسيارات الفارهة وغيرها من الوسائل.
ولفت إلى وجود تواصل مستمر وتنسيق بين كافة الجهات الوطنية المصرية المعنية للعمل على مواجهة هذا النوع من الجرائم، خاصة من خلال «اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر» والتي تضم في عضويتها كافة الجهات المعنية في هذا الشأن، فضلا عن التعاون مع الدول الأخرى من خلال تبادل المعلومات والخبرات لتعزيز عملية المكافحة.
وأكد على أهمية التعاون الفعال على المستوى المحلي بين كافة الأجهزة المعنية، بما يشمل جهات إنفاذ القانون ووحدة التحريات المالية وسلطات التحقيق والسلطات القضائية، والمؤسسات المالية وغيرها من الأعمال والمهن غير المالية، باعتبارها خط الدفاع الأول ضد الجرائم المالية.
وشدد على أنه يتعين تعزيز التنسيق بين كافة الجهات لإجراء تحريات مالية بشكل دوري وآلي وعلى نطاق واسع في قضايا الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، باعتبار أن هذا الأمر يساعد على تعقب متحصلات الجرائم والوصول إلى الأموال التي تمت إعادة استثمارها وغسلها وخاصة في دول المنشأ، ومن ثم جعل تلك الجرائم أقل ربحية وجاذبية للمجرمين.
وقال الطوخي لـ«المجلة» إن مواجهة هذه المشكلة على المستوى الدولي، تتطلب تعزيز التعاون بين البلدان من خلال الاستناد إلى الاتفاقيات الدولية المنظمة لهذا المجال وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكول المكمل لها والخاص بمكافحة الإتجار بالأشخاص، وكذا بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين، وما ورد بهم من أحكام ونصوص صريحة تؤكد أهمية وجود تعاون وتنسيق مستمر ودائم بين الجهات الوطنية ذات الصلة، وبينها وبين الجهات الإقليمية والدولية ونظائرها في الدول الأخرى.
المأساة الأخيرة
في مساء السبت الموافق 27 أغسطس (آب) الماضي، بعد إبحار 27 شخصا من السواحل المقابلة للإسكندرية شمالي مصر، رصدت السلطات الليبية قارب المهاجرين المتهالك ولم تتمكن من إنقاذ سوى ستة أشخاص، فيما انتشلت جثتين واعتبرت 19 آخرين في عداد المفقودين.
وقالت السلطات الليبية التي رصدت القارب فيما كان يبحر قبالة سواحلها متجها إلى القارة الأوروبية، إنها انتشلت جثتين وسجلت فقدان 19 شخصا، فيما تمكنت من إنقاذ ستة أشخاص فقط.
وأشارت إلى أن القارب أبحر على غير هدى لمدة ثلاثة أيام قبل العثور عليه، وكان متهالكا في حالة غير صالحة للإبحار، وغرق بسبب حمولته الزائدة قبالة ساحل طلميثة شمال شرقي ليبيا.
ووفقا لوسائل إعلام مصرية، يتحدر جميع الضحايا من قريتي جنزور في محافظة المنوفية والحوض مركز منيا القمح في محافظة الشرقية شمال العاصمة القاهرة.
المأساة الأخيرة خلفت صدمة لدى أهالي الضحايا، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور الشباب الضحايا الذين كانوا على متن القارب المنكوب.
وتعقيبا على الحادثة، نشرت وزارة الهجرة المصرية على حسابها الرسمي على «فيسبوك» منشورا نعت فيه الضحايا. وأكدت وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج سها جندي بأنها تتابع الملف «لحظة بلحظة مع الخارجية والسفير المصري في ليبيا والقنصل العام في بنغازي» من أجل «انتشال جثامين الضحايا وكذلك عملية البحث عن المفقودين».
مبادرة مراكب النجاة
بذلت مصر جهودا مكثفة لمكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 على اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب الأشخاص والإتجار بالبشر، وتضمنت الاتفاقية 7 مشروعات في 14 محافظة بقيمة 60 مليون يورو، لمعالجة الأسباب الرئيسية المسببة لظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وفي عام 2019 أعلن الرئيس السيسي عدم خروج أي مركب هجرة غير شرعية من السواحل المصرية، واستكمالا لهذا النجاح أطلق المبادرة الرئاسية «مراكب النجاة» للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية مكلفا وزارة الهجرة بتنفيذها في القرى بالمحافظات المصدرة لها.
وبدأت وزارة الهجرة فورا في تنفيذ المبادرة الرئاسية وساهمت «مراكب النجاة» في توعية وتدريب الفئات الأكثر استهدافا للتعريف بمخاطر الهجرة غير الشرعية وبدائلها الآمنة، وفق خطة موضوعة لتشمل 14 محافظة من المحافظات الأكثر توجها للهجرة غير الشرعية، بجانب توفير برامج التدريب والتأهيل لسوق العمل وريادة الأعمال، والزيارات الميدانية وحملات طرق الأبواب لتوعية الأمهات والقصر.
وعلى الجانب التشريعي، وافق مجلس الوزراء المصري مطلع شهر فبراير (شباط) 2022، على مشروعي قانونين، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 232 لسنة 1989 في شأن سلامة السفن، ومن ثم تضمن هذا القانون إضافة مادتين جديدتين، الأولى أوجبت على كل مالك أو مستغل السفينة أو وحدة بحرية مصرية إخطار الجهة المختصة بما يرد عليها من تصرفات بالبيع أو الإيجار خلال موعد لا يجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ التصرف، كما أوجبت أيضا الإخطار بسند التصرف.
ونصت المادة الثانية من أحكام قانون رقم 232 لسنة 1989، على أنه «مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف الحظر المنصوص عليه فى المادة السابقة، فإذا ترتب على عدم الإخطار استعمال السفينة أو الوحدة البحرية المصرية فى غرض غير مشروع مع علم المتصرف بذلك، فتكون العقوبة السجن».
كما وافق المجلس على تعديل بعض أحكام قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين الصادر بالقانون رقم 82 لسنة 2016، نص المشروع على تشديد العقوبات على مرتكبي جريمة المهاجرين أو الشروع فيها أو التوسط فى ذلك، كما شددت مواد مشروع القانون العقوبة على من هيأ أو أدار مكانا لإيواء المهاجرين المهربين أو جمعهم أو نقلهم، أو سهل أو قدم لهم أية خدمات مع ثبوت علمه بذلك.
حلول جذرية للدولة
وفي هذا الشأن، يؤكد الدكتور عماد حنا أستاذ الاجتماع ودراسات الهجرة في تصريح خاص لـ«المجلة» أن مصر حاصرت الهجرة غير الشرعية، من خلال العمل على زيادة عدد فرص العمل عبر طرح العديد من المشروعات القومية الضخمة والمعروفة بأنها كثيفة العمالة، ومن هنا قلصت بشكل كبير عمليات الهجرة غير الشرعية في السنوات الأخيرة.
وأضاف حنا أنه بالنظر إلى المشروعات القومية التي قامت بها مصر فنرى أن الدولة عملت على تطوير جميع محافظات الجمهورية، وإقامة مشروعات تنموية في كل القطاعات، وعلى رأسها حياة كريمة، وتشجيع الشباب على العمل من خلال تسهيلات مقدمة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
وأضاف أن نجاح مصر في التصدي للهجرة غير الشرعية يتمثل في السيطرة الكاملة على خروج مراكب الهجرة غير الشرعية فخلال الفترة من 2016 وحتى سبتمبر (أيلول) 2021 لم تسجل حالة خروج واحدة لمراكب الهجرة غير الشرعية من مصر.
وتابع خبير دراسات الهجرة أن النجاح الذي حققته مصر في ملف الهجرة غير الشرعية لاقى إشادة العديد من المنظمات الدولية المعنية بالهجرة وعلى رأسها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمة الدولية للهجرة.
ولفت خبير دراسات الهجرة إلى أنه على الرغم من وجود نحو 6 ملايين لاجئ ومهاجر في مصر إلا أن مصر تعتبرهم ضيوفا عليها ولم تعمل على استغلالهم اقتصاديا أو سياسيا للضغط على الدول المستقبلة للاجئين.
وأشار إلى أنه يجب عمل مؤتمر دولي للبحث والحد من الهجرة غير الشرعية بحيث يتم وضع شرطة دولية من قبل الأمم المتحدة في المياه الإقليمية الدولية المشتركة بين الدول المعنية تكون مهمتها القبض علي عصابات الهجرة الشرعية من أصحاب المراكب الذين يعرضون الأرواح إلى الخطر.
وتابع أن مصر والمغرب والجزائر وتونس وليبيا يتصدر مواطنوها مشهد الهجرة غير الشرعية في الوطن العربي إلى الدول الأوروبية من خلال البحار خاصة البحر المتوسط، مع العلم أن مصر وضعت تشريعات تصل إلى المؤبد على متعهدي الهجرة غير الشرعية، ووضعت إحكاما علي البحار مما أدى إلى قلة الهجرة غير الشرعية بطريقة غير مسبوقة.
وأضاف أنه للأسف لا يوجد تنسيق كامل وشامل بين تلك الدول للحد من الهجرة غير الشرعية، حيث إن الدول المستهدفة للهجرة غير الشرعية في أوروبا 12 دولة، منها: أسبانيا وفرنسا وإيطاليا وكرواتيا وألبانيا واليونان، ويوجد بالبحر المتوسط 3300 جزيرة ويبلغ مساحتها مليونين و500 ألف كم، وطول الشواطئ 46 ألف كم، تشترك به 24 دولة ولكن لا يتم تطبيق نظم الإدارة الشاملة بداية من التخطيط الاستراتيجي وصولا إلى الرقابة الفعالة فيما يخص الهجرة غير الشرعية وبعض العصابات البحرية.
وتابع: «الشاهد على ذلك عمليات غرق الأفراد التي تصل إلى 3800 فرد سنويا في عرض البحر المتوسط الذي يطل على 5 دول عربية تتم من خلالها الهجرة غير الشرعية».
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء
أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء النشرة السنوية للمصريين الذين حصلوا على موافقة للهجرة، والحاصلين على جنسيات أخرى عام 2021.
وفقا لما جاء في النشرة السنوية من معلومات وبيانات حول أعداد المهاجرين وطبيعة عملهم، كانت أهم المؤشرات الإحصائية كالآتي:
- بلغ إجمالي عـدد المـهاجـرين الـذين اكتسبوا صـفة المـهاجـر 388 مـهاجرا عـام 2021، مقابـل 184 مهاجرا عـام 2020 بزيادة قدرها 110.9 في المائة ويرجع ذلك لتراجع آثار جائحة كوفيد-19.
- بلغ إجمالي عـدد المصريين الذين حصلوا على موافقة للهجرة والمصريين الذين اكتسبوا صفة المهاجر 388 مهاجـرا عام 2021 منهم 292 مهـاجـراً أصـليا بنسبة 75.3 في المائة، 96 مرافق بنسبة 24.7 في المائة.
- بلـغ عـدد المصريين الذين حصلوا على موافقة للهجرة والمصريين الذين اكتسبوا صفة المهاجر من الذكور 312 مـهاجرا ذكر بنـسبة 80.4 في المائة، والإناث 76 مهاجرة بنسبة 19.6 في المائة من إجمالي عدد المهاجرين.
- تأتـى الولايات المتحدة الأميركية في المرتبـة الأولـى من حيث عـدد المصريين الذين حصلوا على موافقة للهجرة والمصريين الذين اكتسبوا صفة المهاجر عام 2021 حيث بلغ 155 مهاجرا بنسبة 40 في المائة، تليها إيطاليا بعدد 125 مهاجرا بنسبة 32.2 في المائة، ثم كندا بعدد 89 مهاجرا بنسبة 23 في المائة من إجمالي عدد المهاجرين.
- تأتى الفئة العمرية بين «40 و44 سنة»، في المرتبة الأولى من حيث عدد المصريين الذين حصلوا على موافقة للهجرة والمصريين الذين اكتسبوا صفة مهاجر.
إحصائية أممية عن الهجرة غير الشرعية
في آخر إحصائية للأمم المتحدة عن الهجرة غير الشرعية عبر البحار، لقي أكثر من 57 ألف شخص، مصرعهم أو فقدوا أثناء رحلاتهم منذ عام 2014 وحتى الآن، وأكثر من 20 في المائة من حالات الغرق للمهاجرين من النساء والأطفال، ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف مليون مهاجر غير شرعي في دول الاتحاد الأوروبي خلال 2021، وتعد فرنسا وإيطاليا واليونان وتركيا أكثر دول العالم استقبالا للمهاجرين عبر البحر، فيما بلغ معدل الدخول السنوي للمهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، 100 ألف مهاجر غير شرعي.
وقد بلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين جراء الحروب والعنف والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان في نهاية العام الماضي نحو 84 مليون شخص، بزيادة 11 في المائة عن عام 2020، وهو أكثر من ضعف الرقم الذي كان عليه قبل عقد.
وفي هذا الإطار، ذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن مستويات النزوح في العالم تسجل رقما قياسيا وتتجه تصاعديا طوال عقد كامل. وارتفع عدد الأشخاص المجبرين على الفرار من بيوتهم كل عام على مدار العقد الماضي، ليبلغ أعلى مستوى له منذ بدء العمل بالسجلات، وهو منحى لا يمكن عكس اتجاهه إلا بتحقيق السلام وتقليص الحروب والصراعات.
وعليه، أصبح البحر المتوسط أحد أخطر طرق الهجرة في العالم، وتشير أرقام «أطباء بلا حدود» إلى أن البحر المتوسط ابتلع 24 ألفا و184 مهاجرا منذ عام 2014، كما أنه يعتبر بحر المهاجرين غير الشرعيين الأول بلا منازع، ففي 18 أبريل (نيسان) عام 2015 لقي حوالى 800 مهاجر مصرعهم دفعة واحدة في البحر الأبيض المتوسط، قبالة السواحل الإيطالية، وهي الكارثة الأكثر فتكا على الإطلاق إلى الآن، وفي عام 2020 وحده وصل إلى إيطاليا أكثر من 34 ألف مهاجر عبر البحر المتوسط، وهو ضعف العدد الموثق عام 2019، وفي العام نفسه، شهدت الرحلات البحرية غير النظامية المغادرة للشواطئ الليبية زيادة بنسبة 58 في المائة مقارنة بعام 2019.
وشهدت الرحلات المغادرة للشواطئ الجزائرية زيادة بنسبة 209 في المائة، كما شهدت الشواطئ التونسية زيادة في الرحلات المغادرة بنسبة 310 في المائة.
هذه الأرقام الصادمة وغيرها كثيرة، توفرها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيما يختص بملف الهجرة غير الشرعية عبر الطرق المؤدية إلى غرب ووسط البحر المتوسط فقط، لكن طرق الهجرة عديدة والمسارات كثيرة، والأعداد تقدر بالملايين.