القاهرة: شكلت القمة الخماسية التي أقيمت في مدينة العلمين شمال العاصمة المصرية القاهرة ضرورة ملحة للدول الخمس مصر والعراق والأردن والبحرين والإمارات، إذ بحثت قضايا وأزمات عربية وإقليمية، وأهمية التعاون السياسي والاقتصادي بين الدول، وأبرز الملفات التي اتفق عليها الزعماء.
المجموعة الخماسية
أشار السفير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق إلى أنه قبل اجتماع القمة الخماسية في العلمين بمدة قصيرة، كان هناك لقاء بين المجموعة الخماسية والرئيس الأميركي جو بايدن في جدة، وكان هناك تشاور عربي على أعلى مستوى، وبذل مجهودا عاليا من بعض الدول.
وقال السفير إنّ «مصر اللاعب كانت الأساسي فيه، ومن ثم لا يصلح أن يكون المجتمع العربي دون تشاور لفترة طويلة على مستوى الرؤساء في ظل اضطرابات دولية في منطقة الشرق الأوسط والأخطار غير المسبوقة، وهي تهدد الجميع ولا تقف عند دولة ما، ولكن الأخطار تطال الجميع وبالتالي لا بد أن يكون هناك تشاور بطرق مختلفة حتى نصل إلى الحدث الذي عقد مؤخراً في العلمين بحضور رؤساء وملوك خمس دول عربية».
وأكد العرابي أن «الاجتماع الخماسي الذي تم في العلمين يعطي دفعة للعمل العربي وهو مهم جدا للقضاء على بعض سوء الفهم عند بعض القادة في العديد من الملفات، وهذا لا يعني بالضرورة أن يكون هذا الاجتماع مقدمة لعمل عربي كبير كما يرى البعض، فهذا الأمر صعب حالياً في ظل وجود بعض الخلافات بين بعض الدول العربية، على سبيل المثال الخلاف الجزائري المغربي، ومن هنا لا بد أن نكون واقعيين وأن لا نندفع خلف مثل هذه الأمو، ولكن هناك محاولات لتجمعات صغيرة لها مصالح متشابكة، ولو لاحظنا مثالاً على ذلك مصر والعراق والأردن وأيضا الإمارات والأردن ومصر، في إطار آخر من التنسيق الصناعي والاستثماري، وهذا التجمعات الصغيرة جيدة، وهناك أيضا في هذا التجمع دولتان من مجلس التعاون الخليجي الإمارات والبحرين، وهنا عملية التشابك موجودة في الاتصال بين التجمع الخماسي ومع تشابك التجمعات من الممكن الوصول إلى التجمع العربي الكبير، المنتظر أن يعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في الجزائر، ومن هنا يجب الإشارة إلى أنه من الصعب ظهور تكتلات عربية من هذا النوع على المستوى القريب ولكن هناك مصالح متشابكة بين الخمس دول ساعدت على تكوين هذا التحالف العربي».
وقال السفير العرابي إنّ «أهم القضايا التي تم طرحها في الاجتماع الخماسي الذي تم في العلمين هو الملف العراقي والخطر الموجود في الشارع والذي ينذر بأمر كارثي لدولة عربية مهمة، وهناك ملف التعاون في مجال القضاء على الإرهاب الذي تعاني منه بعض الدول الخمس، وكذلك الملف الليبي واليمن، كل هذه الملفات تؤثر على الأمن القومي العربي كذلك ملف علاقات الدول العربية بدول الجوار مثل تركيا وإيران وإسرائيل وإثيوبيا وهذا الملف مهم».
وأكّد أن التعاون بين الدول الخمس لا يتوقف عند الملف السياسي وملف الأمن القومي فحسب، بل هناك تعاون ثنائي بين الدول مثل التعاون الذي تمّ بين الأردن ومصر في مجال الكهرباء، وهناك أيضا تعاون بين كل دولة وأخرى في مجال الاستثمار مثل مصر ودولة الإمارات العربية.
أسلوب جماعي
وأكّد الدكتور عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية السابق، على أهمية التكتل الخماسي الذي عقد في العلمين، وقال إنّ هناك تصورات بدأت قبل زيارة الرئيس الأميركي جون بايدن إذ تمت مشاورات بأسلوب جماعي، كما كانت هناك لقاءات ثنائية باستمرار بين الزعماء، وهي إشارات إيجابية لاهتمام دول عربية بأمور المنطقة خصوصاً وأن هذه الدول معظمها يسير في طريق إصلاحي كبير داخلي.
وأشار إلى الاهتمام الكبير بعدم قيام أي شرارة تزعج المنطقة، فضلاً عن الاهتمام بالعلاقات الثنائية، وبالمشاريع التنموية، وأكّد أن تواجد هذه الدول في التجمع الخماسي يعتبر أمراَ إيجابياً إلى حد كبير.
وقال سعيد إنّ «أهم ملف تمت مناقشته في الاجتماع الخماسي، هو ملف الأمن القومي في الإقليم، ووجود مشاكل في المنطقة متعلقة بالأزمات الداخلية والممتدة منذ الربيع العربي مثلما يحدث في سوريا، وأيضا التدخلات الموجودة في المنطقة من دول إقليمية مثل تركيا وإيران، وما يتعلق بالقضية الفلسطينية، خاصة وأن هناك أربعة من دول الاجتماع الخماسي لها علاقات حالياً مع إسرائيل، هناك أيضا ملف مهم وهو المشروع النووي الإيراني. هناك أحداث متلاحقة وهذه القضايا التي تم طرحها في الاجتماع هي قضايا ملحة/ والاجتماع أكد على التنسيق الثنائي بين الدول سواء مصر والبحرين أو مصر والعراق، حيث يشمل التجمع كل الاتفاقات الثنائية السابقة بين الدول الخمس».
تكتلات عربية جديدة
واعتبر المفكر الاستراتيجي اللواء سمير فرج، أن «اللقاء الذي تم في العلمين له دلالات أولها ظهور تكتلات عربية جديدة في الشرق الأوسط، وأول تكتل تم هو مجلس التعاون الخليجي، لكن التكتل الخماسي الجديد يعطي قوة لدول المنطقة، الدلالة الثانية هي التنسيق للقمة العربية وتذليل أي عقبات أمامها وتلافي أي أخطاء تعوقها، وأهم هذه العقبات حضور سوريا للقمة القادمة، أما الدلالة الثالثة فهي استمرار التعاون الاقتصادي بين الدول الخمس وتبادل المصالح مثل تبادل الكهرباء والغاز وأيضا التبادل التجاري، وكذلك مساندة مصر في موقفها فيما يخص أزمة سد النهضة وحق القاهرة في حصتها من مياه النيل، خصوصا من دولة الإمارات العربية المتحدة وتأتي الدلالة الأخيرة وهي أن مصر أصبح لها قوة في الإقليم وأصبحت على حسب قول الرئيس الأميركي جو بايدن دولة تحقق الاستقرار بثبات في المنطقة العربية والشرق الأوسط»..
واعتبر فرج أن «القضايا التي سيخرج بها بيان القمة الخماسية ليس على قدر من الأهمية، ولكن المهم ما يتم داخل الاجتماع من تعاون في كافة المجالات الاقتصادية والقضايا الملحة في الفترة المقبلة، خصوصاً احتياجات الدول الخمس وتبادل الخبرات والمصالح المشتركة وما يتم في كواليس هذه اللقاءات، أهم من طرح القضايا الفرعية في بيان. ومن الضروري التأكيد على أن اللقاء الخماسي الذي تم في العلمين هو مكمل للقاء سبق في قمة العقبة التي تم عقدها في الأردن، حيث يتم من خلال سكرتارية لجان تتابع ما تم تنفيذه من القضايا التي تم طرحها في الاجتماع السابق، وما لم يتم تنفيذه من موضوعات للعمل على تنفيذه، ومن الممكن أن يتم عقد لقاءات القمة الخماسية القادمة في دولة أخرى من الدول الخمس» .
وأكد فرج على أن هذا الاجتماع الخماسي يعلن عن وجود تكتل عربي جديد على غرار الاتحاد الأوروبي، وهدفه التعاون والتنسيق السياسي أو الاقتصادي وتبادل المواقف في قضايا هامة تخص الأطراف الخمسة.
تكتل قديم
ومن جانبه اعتبر الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية أن «هذا التكتل ليس بجديد لكن هناك تحالفا بين مصر والأردن، وهناك تطور كبير في التعاون بين الدول الثلاث، حيث تم التعاون في مشروع منطقة جمركية عراقية أردنية مصرية، عبر خط بري بين الدول، أيضا هناك استثمارات ضخمة بين مصر والإمارات التي تعتبر ثاني أكبر مستثمر في مصرـ وحجم الاستثمارات تعدى 15 مليار دولار، وهناك أيضا العلاقة بين مصر والبحرين لا تقل أهمية عن علاقة مصر بالإمارات أو الأردن والعراق، ولا ننسى التحالف الذي تم بين مصر والإمارات والبحرين والمملكة العربية السعودية ضد دولة قطر ورغم الصلح الذي تم في هذا الأمر إلى أن هناك تفاهمات بين هذه الدول».
وقال غباشي: «إننا عندما نتحدث عن قمة خماسية فإن الدول الخمس شريكة في المدينة الصناعية التكاملية، ومن هنا نحن نتحدث عن تحالف مهم جدا ولد في العالم العربي، وقد أخذ الجانب المصري هذه الزيارة على اعتبار أنها زيارة إخوة، ولم يتم الإعلان عن أنها مؤتمر قمة، ولم يتم إجراء مؤتمرات صحافية، كل هذا حدث بحكم خصوصية العلاقة بين الدول الخمس».
واعتبر غباشي أن «المملكة العربية السعودية الشقيقة هي الغائب الحاضر في هذا الاجتماع الذي تم في العلمين، فهي موجودة في هذا التحالف وجودا ضمنيا لأنها كانت موجودة في مارس (آذار) الماضي في لقاء قمة العقبة الذي تم في الأردن، عبر وزير خارجيتها الذي وجّه له الدعوة الملك عبد الله بن الحسين» .
وأكد غباشي على أهمية الاجتماع الخماسي الذي تم والقضايا التي تم بحثها سواء كانت قضايا عربية أو قضايا اقتصادية أو تبادلا تجاريا بين الدول الخمس، وهي مسألة مهمة جدا وأهم القضايا التي تم النقاش فيها مقعد سوريا الشاغر في جامعة الدول العربية وخصوصاً في لقاء القمة العربية المقبلة في الجزائر، فهناك حماس من الجزائر والإمارات لعودة سوريا للصف العربي، خصوصاً أن سوريا الآن في حضن ثلاث دول إقليمية هي تركيا وإيران وروسيا، ومطلوب موقف عربي لخطورة هذه القضية».