واشنطن: لقد تجاوز مخزون اليورانيوم المخصب لدى الجمهورية الإسلامية الحد المسموح به بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بأكثر من 18 مرة وتقوم إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 60 في المائة ويتيح تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 في المائة صنع قنبلة نووية.
فيما تضع إيران عراقيل عدة بشأن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإجراءاتها الإشرافية، وأعلن مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي 2 أغسطس (آب) 2022 أن «البرنامج النووي الإيراني يتقدم بسرعة كبيرة جدا وهناك تقدم في الطموح والقدرات».
وأضاف: «سيكون من الصعب للغاية أن أعيد الأمور لنصابها لأن البرنامج النووي الحالي لا يشبه أبدا ما كان عليه في 2015».
وجاءت تصريحات غروسي ردا على ما قاله محمد إسلامي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية حول أن بلاده لديها القدرة على صناعة قنبلة نووية، و«لكننا لا ننوي ذلك».
وتخطى تحذير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول تقدم البرنامج النووي الإيراني بسرعة إلى أن «قدرة الوكالة على رصد ما يجري هناك محدودة للغاية».
وكشف رئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية في إيران كمال خرازي في 17 يوليو (تموز) الماضي: «ليس سرا أن لدينا القدرات الفنية لصناعة قنبلة نووية لكن لا قرار لدينا بذلك».
وقال محمد جواد لاريجاني النائب السابق لرئيس السلطة القضائية للشؤون الدولية في 19 يوليو في مقابلة مع القناة الثانية للتلفزيون الإيراني: «إذا أرادت إيران إنتاج أسلحة نووية فلا أحد يستطيع إيقافنا».
وتأتي النبرة التصعيدية الرسمية الإيرانية بشأن البرنامج النووي بعد توقيع الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد «إعلان القدس» في 14 يوليو الماضي. وركز «إعلان القدس» على التزام واشنطن بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي.
وأكد مسؤولو النظام الإيراني خلال العقدين الماضيين على قدرة النظام على صناعة القنبلة النووية ولكنهم زعموا أن الجمهورية الإسلامية لا تنوي حيازة سلاح نووي وذلك استنادا إلى فتوى علي خامنئي المرشد الإيراني حول تحريم الأسلحة النووية والكيماوية.
وقال الرئيس السابق لمنظمة الطاقة النووية الإيرانية علي أكبر صالحي قبل عامين إن إيران باتت تملك كل القدرات اللازمة التي تجعلها على أعتاب القوة النووية.
وهناك تصريح منسوب للرئيس الإيراني الأسبق والنائب الأسبق للقائد العام للقوات المسلحة أكبر هاشمي رفسنجاني خلال الحرب بين العراق وإيران حيث يقول إن المسؤولين فكروا في إنتاج قنبلة نووية غير أن هذه الفكرة لم تتحقق قط.
ويقول الخبير العسكري الإيراني حامد محمدي في حوار مع «المجلة»: «ِإن التهديدات التي يطلقها المسؤولون الإيرانيون على غرار كمال خرازي ومحمد جواد لاريجاني حول القدرات الفنية الإيرانية لامتلاك أسلحة نووية ليست بالأمر الجديد على الإطلاق. قال فريدون عباسي دواني النائب السابق والرئيس الأسبق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية في تصريحات له في 2021 بأنه رغم فتوى خامنئي بتحريم إنتاج السلاح النووي فقد أنشأ محسن فخري زاده نظاما يتيح الحصول على قنبلة نووية».
وکان محسن فخري زاده نائب وزير الدفاع الإيراني كان يعتبر أبرز مطوري البرنامج النووي الإيراني من خلال «التقنيات الحديثة» في مركز الأبحاث والتكنولوجيا التابع لوزارة الدفاع الإيرانية.
وتعرض محسن فخري زاده في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 للقتل في سيارته بمدينة أبسرد على بعد 45 كيلومترا من العاصمة. وتحدث بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق علنا عن فخري زاده قبل اغتياله بعامين قائلا: «تذكروا هذا الاسم».
ويقول حامد محمدي خلال حواره مع «المجلة»: «المشكلة هي أن الجمهورية الإسلامية لم تعد قادرة على تنفيذ سياساتها الخارجية وفق أسس العلاقات الدولية والمسارات الدبلوماسية المتعارف عليها ولذلك انتهجت القوة كخيارها الوحيد وهو يشمل ممارساتها التي تعرض المنطقة للخطر والتهديد ودعم الميليشيات والهجمات الصاروخية وعبر الطائرات دون طيار ومحاولاتها لتخصيب اليورانيوم وحيازة أسلحة نووية. ونرى التصريح اللافت من علي مطهري النائب السابق لرئيس مجلس الشورى الإسلامي والذي قال بصراحة إنه منذ البداية كنا نسعى لصنع قنبلة نووية وانكشف أمرنا».
وجاءت تصريحات علي مطهري خلال حواره في مقابلة مع «سكاي نيوز»في أبريل (نيسان) 2022، مضيفا: «کنا نسعى منذ بداية إنشاء برنامجنا النووي إلى صنع قنبلة نووية لتعزيز قوة الردع، ولكننا فشلنا في المحافظة على سرية الأمر وانكشف الأمر بسبب التقارير السرية التي نشرتها جماعة المنافقين». (تطلق الجمهورية الإسلامية تسمية المنافقين على جماعة مجاهدي خلق).
وتابع حامد محمدي: «هناك تيار متشدد وصاحب نفوذ كبير في السلطة يعتقد أن حيازة الجمهورية الإسلامية قنبلة نووية على غرار كوريا الشمالية سيضمن بقاء النظام. وتستند هذه المجموعة إلى كلام مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي السابق الذي قال إن الولايات المتحدة مستعدة لتقديم ضمانات أمنية لكوريا الشمالية إذا اتخذت الخيار بالتخلي عن أسلحتها النووية. والمسألة هنا أن المسؤولين الإيرانيين يرتكبون خطأ في حساباتهم وذلك بالنظر إلى أن حالة كوريا الشمالية مختلفة من حيث القضايا الجيوسياسية المختلفة بين المنطقتين وأيضا الحالة الاجتماعية في البلدين تختلف جدا. هذا التيار الإيراني لا يعي بأن كوريا الشمالية وإيران مختلفتان».
يرى الخبير العسكري: «هناك نزاع وخلافات بين أعلى المستويات في النظام لدى التيارات المتنفذة حول صناعة القنبلة النووية وأن اغتيال العلماء النوويين في الجمهورية الإسلامية ليس إلا حصيلة هذا الصراع الحاد بين مراكز القوى. إذا حصلت الجمهورية الإسلامية على قنبلة نووية فبالتأكيد لن تلتزم القوى الإقليمية على غرار السعودية وتركيا الصمت حيال ذلك وسنشهد انطلاقة لسباق نووي وذلك بهدف الحصول على القنبلة النووية وعدم الإخلال بموازين القوى. سلوك النظام الإيراني يتنافى مع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. إضافة إلى ذلك فإن الاستياء الشعبي من النظام يتسع يوما بعد يوم. فلنفترض هذا الفرض المستحيل بأن حيازة القنبلة الذرية ستجلب الأمن للجمهورية الإسلامية وتؤدي إلى انخفاض الضغوط الدولية عليها غير أن القنبلة الذرية لن تحول دون الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام. يعاني النظام الإيراني من أزمات هيكلية بالأخص في الاقتصاد والأمن وأن القنبلة النووية لن تنقذ النظام ولن تحل أزماته. إذا كان الأمر كذلك فعلا لما كان الاتحاد السوفياتي قد انهار وهو القوة العظمى النووية».
وانتقدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران بسبب عدم إجابتها بالكامل على أسئلة بشأن آثار لليورانيوم عثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة وهي تورقوزآباد وورامين وماريوان.
وأزالت إيران 27 كاميرا مراقبة تابعة للوكالة الذرية من منشآتها النووية معلنة عن إطلاق أجهزة الطرد المركزي المتطورة، وذلك ردا على تبني الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا أصدرته يوم 8 يونيو (حزيران) 2022 تنتقد فيه عدم تعاون إيران.