القامشلي: أعلن مجلس الأمن القومي الإيراني منتصف الأسبوع الحالي عن إرساله لردٍ يتكوّن من ثلاثة محاور للاتحاد الأوروبي وذلك بعد مرور يومٍ من إعلان طهران عن حصول «تطوّرٍ نسبي»في المفاوضات النووية التي تُعقد منذ أشهرٍ طويلة في العاصمة النمسّاوية فيينا بمشاركة إيران والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إضافة لمشاركة الولايات المتّحدة الأميركية بشكلٍ غير مباشر.
ومن المقرر أن تبدأ بروكسل بدراسة الرد الإيراني على مقترحٍ ربّما يمهّد للعودة إلى اتفاق 2015 النووي الذي صُمِمَ لفرض قيودٍ على برنامج طهران النووي، بعدما أكّدت وصول الرد الإيراني إليها على لسان جوزيف بوريل مسؤول الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية لدى لاتحاد الأوروبي.
وقال نبيل العتوم الأكاديمي المختص بالشؤون الإيرانية إن «كلّاً من الولايات المتّحدة وإيران على حدٍّ سواء تمتنعان عن التعليق على نص الاتفاق الذي اقترحه الأوروبيون، لكن يبدو أن طهران ليست في عجلة من أمرها رغم أنها أرسلت لبروكسل رداً على الاتفاق المقترح من قبلها».
وأضاف العتوم الذي يدير مركز الدراسات الإيرانية أن «لدى طهران تحفّظات على نص الاتفاق، ولهذا سنشهد المزيد من جولات المباحثات والمفاوضات في الفترة المقبلة».
وكان محمد مرندي مستشار الوفد الإيراني المفاوض قد كشف يوم الثلاثاء الماضي أن لدى بلاده «فرصة كبيرة»للعودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015، مضيفاً في تصريحاتٍ صحافية أنه «تمّ حل القضايا العالقة، وهناك احتمال كبير للعودة للاتفاق النووي»الذي تشترط طهران العودة إليه برفع العقوبات الغربية عنها.
والاتفاق النووي لعام 2015 أُبرِم بين إيران و6 قوى دولية كبرى، وساهم في رفع العقوبات عنها مقابل خفض طهران لأنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها النووي، لكن واشنطن انسحبت منه بشكلٍ أحادي في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب في العام 2018، حيث أعادت فرض عقوباتٍ قاسية على إيران التي تراجعت بدورها عن غالبية التزاماتها بموجب ذلك الاتفاق.
وشدد العتوم على أن «إيران تستغل تغيّر الظروف الدولية في الوقت الحالي، إذ تحاول الدخول في تحالفٍ مع روسيا والصين لاسيما مع إمكانية تفجّر ملف تايوان لصالحها». وإليكم النص الكامل للمقابلة التي أجرتها «المجلة»هاتفياً مع الأكاديمي المختص بالشؤون الإيرانية:
*هل باتت العودة إلى الاتفاق النووي وشيكة؟
- إن استمرار معاناة الاتحاد الأوروبي من أزمة الطاقة إثر الحرب الروسيةـالأوكرانية، تجعله أكثر إصراراً أكثر من أي وقتٍ مضى على توقيع الاتفاق النووي للاستفادة من إيران خاصة وأن الأخيرة يمكنها المساومة أكثر مع تلقي المزيد من الأسهم من سوق الطاقة الأوروبية من أجل الحصول على المزيد من الامتيازات، وبالتالي العامل الزمني يأتي لصالح طهران دون بقية الأطراف التي تشارك في مفاوضاتها مع واشنطن، ويضاف لذلك الظروف والمتغيرات الدولية حالياً وهي كلها أمور قد تسرّع الوصول أو العودة للاتفاق النووي.
* ما هي الظروف الدولية التي تستفيد منها طهران في الوقت الحالي خلال مفاوضاتها؟
- على سبيل المثال، هناك احتمال لتفجّر ملف تايوان. هذا أمر لصالح إيران، فهي تحاول تشكيل تحالفٍ مع موسكو وبكين بعدما اختارت ربط مصالحها مع هاتين العاصمتين. كما أن طهران تبحث عن اتفاق يأخذ المصالح الروسية والصينية بعين الاعتبار، ولهذا فإن فتح قنواتٍ دبلوماسية مع دولٍ إقليمية هي كلها متغيّرات تصب في صالحها وتجنّبها التعجّل في عقد اتفاق نووي بشكلٍ طارئ.
* كيف سيكون شكل هذا الاتفاق المتوقّع؟
- بالنسبة إلى الاتفاق المتوقع سيراعي مصالح إيران بشكل أكبر ويحقق لها مزيداً من المكاسب خصوصاً أن طهران نجحت حتى الآن في تحييد ثلاثة ملفات أساسية في المفاوضات وهي البرنامج الصاروخي والفضائي الإيراني، وبرنامج الطائرات المسيرة. إضافة إلى دور إيران المزعزع للأمن والاستقرار عبر مداخل الأزمات الإقليمية، إلى جانب غض الطرف عن وجود آثار يورانيوم في ثلاث منشآت لم تعلن إيران عنها.
* كيف سينعكس حصول هذا الاتفاق على الأزمتين السورية واللبنانية، لا سيما مع تدخلات طهران في شؤون كلا البلدين؟
- فيما يتعلق بانعكاس الاتفاق على سوريا ولبنان، من المرجح استمرار ضمان إيران لنفوذها هناك وربما قد يسمح رفع العقوبات المفروضة عليها من زيادة وتيرة نشاطاتها والمزيد من دعم اذرعها ووكلائها، مما سيزيد من حدة الاحتقان والتوتر الإقليمي، والذي من شأنه أن يفاقم الاشتباك الإسرائيلي مع إيران بشكلٍ أوسع.
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.