بيروت: قبل أسابيع قليلة من استحقاق الانتخابات الرئاسية في لبنان، ما تزال مختلف القوى السياسية في البلاد تتعاطى مع الملف على أن الاستحقاق قد لا يتم في موعده، حيث لم تكشف أي من القوى عن أسماء مرشحيها على قاعدة أنه من المبكر الدخول في موضوع التسمية قبل توحيد المعايير والاتفاق على الخطوط العريضة حول شخص الرئيس المقبل. لا ملامح جدية في خوض معركة الرئاسة، لا أسماء ولا ترشيحات ولا تحديد مواعيد لجلسات الانتخاب تزامناً مع التردي المستمر في الأوضاع المعيشية على وقع انهيار الليرة أمام الدولار.
ولم تخف بعض المصادر ارتباط موعد الاستحقاق الرئاسي بموعد اقتراب الحسم في موضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في بداية سبتمبر (أيلول) المقبل، لافتةً إلى أن الموعدين أساسيان، لا يبدوان مرتبطين من حيث الشكل، لكنهما في الواقع شديدا الارتباط، حيث تنتهي ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون في نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، ليتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ومع تخوف العديد من الأفرقاء من احتمال تكرار تجربة الفراغ الطويل التي سبقت انتخاب ميشال عون رئيساً، لم تتضح بعد ملامح الاستحقاقات المقبلة، وسط شلل سياسي ينذر بانهيار كل إمكانات تشكيل حكومة جديدة في ظل القطيعة التامة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
وخرق هذا الجمود، اجتماع 16 نائبًا مستقلًا للمرة الأولى في مجلس النواب، من بينهم كتلة حزب الكتائب، لمحاولة تقريب وجهات النظر في ما بينهم قبيل الاستحقاق الرئاسي. وأفيد بأن الاجتماع هدفه مناقشة جدول أعمال الجلسات وآلية التصويت على مشاريع القوانين ومواضيع أخرى. وقد قاطع عدد من النواب هذا الاجتماع.
وأوضح النائب نعمة إفرام عقب اللقاء «تداعينا اليوم كنواب لاجتماع تنسيقي يكون نواة للوصول إلى مساحة مشتركة في العمل التشريعي ونتوصل من خلاله إلى طريقة عمل بناءة تتوسع لتضم عدداً أكبر من النواب، نخوض بها الاستحقاقات المقبلة في موقف منسق ومتوافق عليه لنكون على قدر آمال الناس في خلق نمط تغييري داخل المجلس النيابي».
أما النائب سامي الجميل، فقال: «قررنا أن نعطي أملًا للبنانيين بإعادة جمع القوى التي كان لديها نفس الخطاب خلال الانتخابات النيابية».
ومع أنه لا يمكن الجزم مسبقاً بمسألة توحد المعارضين حول دعم مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، إلا أن الاجتماع الذي عُقد أوحى بمحاولة خلق قواسم مشتركة في الحدود الدنيا للالتقاء في الاستحقاقات المقبلة.
الاتفاق على اسم موحد
الكاتب الصحافي أسعد بشارة، قال لـ«المجلة»: «لا شك أن إمكانية الاتفاق على اسم موحد لرئاسة الجمهورية موجودة، ولكن عملية الوصول إلى هذا الاسم ليست سهلة بين كافة أطياف المعارضة. وما هو حاصل أن هناك اتصالات بين الجميع لمحاولة إنتاج اسم واحد».
وأضاف: «الاتصالات في بدايتها ولم يطرح حتى الآن أي اسم، لكن المهم أن التواصل موجود سيما بعد اللقاء الذي حصل في مجلس النواب ما شكل نواة للتواصل مع البقية».
وتابع: «تشعر كافة هذه القوى بأن هناك ضرورة للاتفاق على اسم، ولكن الواضح أن هناك عددا من المرشحين غير المعلنين وهناك من يعتبر أنه مرشح طبيعي وهذا الأمر يستلزم عدداً كبيراً من الاتصالات»، لافتاً إلى أن «الجواب على السؤال حول الاتفاق على اسم مبكر جداً».
ويشدد بشارة في حديثه لـ«المجلة» على أنه «بالمبدأ، يجب توحيد مواصفات الرئيس وكذلك المعايير، ووجود مرشحين غير معلنين ربما يكون أحد النقاط الصعبة الذي يحول دون الوصول للهدف المنشود. الجميع له الحق في أن يطمح للوصول إلى الرئاسة وهي عملية داخلية حسابية تنتظر أمرين: أولاً بناء على موقف الآخر حيث يعاني حزب الله من تشتت حول كيفية التعامل مع الانتخابات ولديه أكثر من مرشح وإن استطاع تقديم مرشح لا نعرف طبيعته أي مرشح من 8 آذار أو وسطي، وبالمقلب الآخر عملية توحيد قوى المعارضة حول الاسم وهي ضرورة لأن الفشل يعني انتقالهم إلى موقع تعطيل الجلسة وهذا أمر مكلف وطنياً وسياسياً».
ويقول: «الأمر خاضع لرئيس مجلس النواب الذي من غير المعروف متى سيحدد جلسة الانتخاب الأولى فور سريان المهلة وانتهاء الولاية الرئاسية، وعندما يحدد تطلق كل صافرات الإنذار في كل الأطراف للتعامل مع الجلسة».
ويختم الكاتب الصحافي أسعد بشارة حديثه بالإشارة إلى أن «حصول أي اشتباك في جنوب لبنان سواء تطور إلى حرب أو انحسر لساعات أو أيام، الأمر سيفرض نفسه ويترجم في المعادلة الداخلية ولدى حزب الله كل الخيارات ومنها بقاء عون في القصر الجمهوري».
غياب طرح أسماء مرشحي الرئاسة
من جهته، اعتبر النائب رامي فنج في حديثه لـ«المجلة» أن «اللقاء الذي تم هو أول لقاء تشاوري للتباحث في المشاريع التي يمكن أن تطبق في الجلسات التشريعية وكان مدخلاً لقوى التغيير والمعارضة والقوى السيادية والمستقلة للالتقاء في بعض النقاط والمراحل».
ووصف فنج اللقاء بـ«الإيجابي»، مشيراً إلى أنه «فتح باب الحوار لقيامة البلد والوطن».
وكشف فنج لـ«المجلة» أن الاجتماع لم يُبحث أو يُطرح فيه أي اسم لرئاسة الجمهورية بل كان لقاء مبدئياً وأولياً.
وأوضح أنه «من تاريخ ثورة 17 تشرين التي ألتزم بكل مبادئها ما عاد هناك اصطفافات 8 و14 آذار بل المساواة بين الجميع»، مضيفاً: «نعول على نجاح هذه اللقاءات في الاستحقاقات القادمة للتقريب بين المجموعات وهذا أمر صحي».