السعودية تحبط مخطط طهران لتحويل الحوثيين إلى «حزب الله» اليمني

مركز التهديدات الحرجة الأميركي: إيران أرسلت مستشارين و قواتٍ أفغانية لتدريب وحدات الحوثيين وتقديم الدعم اللوجيستي لهم

السعودية تحبط مخطط طهران لتحويل الحوثيين إلى «حزب الله» اليمني


واشنطن - حنين غدار*

* قوات الحوثي بدأت باستخدام تكنولوجيا الطائرات بدون طيار التي توفرها لهم قوات الحرس الثوري الإيراني
* إيران زادت دعمها للحوثيين في الأشهر القليلة الماضية و«حزب الله» يقوم بدور أكبر في الدعم اللوجيستي والتدريب في اليمن
* الحوثي: اليمن مستعد للمشاركة في أي مواجهة مستقبلية ضد العدو الإسرائيلي.



أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» أن حرب اليمن ستستمر لمنع الحوثيين من التحول إلى «حزب الله» آخر على حدود السعودية. وأضاف: «سنمضي إلى أن نتأكد أن شيئًا على غرار (حزب الله) لن يحصل هناك مجددًا، لأن اليمن أشد خطورة من لبنان».
وفي وقت سابق من هذا العام، أعلن مستشار وزير الدفاع السعودي اللواء أحمد عسيري أن قوات التحالف العربي في اليمن عملت منذ البداية على محورين. الأول هو تنفيذ عمليات عسكرية وتقليص قدرة ونفوذ ميليشيات الحوثي وصالح. والثاني هو بناء المؤسسة العسكرية من اليوم الأول، مشيرًا إلى أن التحالف لن يسمح بأن تصبح ميليشيات الحوثي في اليمن مثل ميليشيا «حزب الله» في لبنان.
وقد أثار هذا البيان بعض الجدل في الأوساط الإقليمية والدولية، وذلك لأنه لم يكن واضحًا أو مؤكدًا أن الحوثيين هم وكلاء إيران كما هو حال «حزب الله» أو بعض وحدات الحشد الشعبي العراقي. ويرى الكثيرون أن مجرد كون الحوثيين ليسوا بالضرورة من الطائفة الشيعية كافيًا ليكونوا بعيدين عن آيديولوجية إيران، ويعتقد البعض أن إيران ليست مهتمة باليمن لدرجة أن تدعم الحوثيين بطريقة تجعلهم جزءًا من جيش فيلق القدس.
ولكن بغض النظر عن المنطق في وجهتي النظر المطروحتين فإنه يوجد بعض الأمور التي لا يمكن تجاهلها؛ فإيران تجند عددًا كبيرًا من المقاتلين الشيعة من جنسيات مختلفة غير إيرانية في جيشها لتهديد الخليج وخصوصا السعودية. ولم يعد مجال اهتمام إيران مقصورا على بلاد الشام؛ إذ يبدو أن الخليج وأمنه يأخذان حيّزًا أكبر في استراتيجية الحرس الثوري الإيراني. وعلى الرغم من أن الحوثيين ليسوا تابعين مباشرةً لطهران مثل «حزب الله» أو غيرهم من حلفاء ووكلاء إيران في المنطقة، إلا أن دعم الجماعة المتمردة يعطي إيران القدرة على نشر نفوذها عبر الشرق الأوسط ويسمح لها بمكافحة وتحدي قوات المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج في اليمن وتهديد نفوذهم.

إشارات تدل على الدعم المتزايد
هناك إشارات على أن إيران زادت دعمها للحوثيين في الأشهر القليلة الماضية وأن «حزب الله» يقوم بدور أكبر في الدعم اللوجيستي والتدريب في اليمن.

وقال تقرير صادر عن مركز التهديدات الحرجة التابع لمعهد المشاريع الأميركية، إن إيران قد أرسلت مستشارين من وكلائها الشيعة، يتضمنون قواتٍ أفغانية، لتدريب وحدات الحوثيين وتقديم الدعم اللوجيستي لهم كجزء من محاولتها لتوسيع نفوذها. وختم التقرير بأن «نشر قوات قابلة للعمل مع الجهتين هو جزء من تطوير إيران لشكلٍ من أشكال الحرب الهجينة التي ستسمح لها بعرض قوة كبيرة بعيدًا عن حدودها وتغير توازن القوى في المنطقة بطريقة جوهرية».

وتقول إميلي استل، وهي واحدة من مؤلفي التقرير، إن وجود مستشارين أفغان، بمن فيهم بعض الذين قاتلوا في سوريا بقيادة وحدة القوات الخاصة الإيرانية - فيلق القدس - قد يشير إلى حدوث تغيير. ويصف التقرير أيضاً كيف بدأت القوات الحوثية باستخدام ما يبدو أنها تكنولوجيا الطائرات بدون طيار التي توفرها لهم إيران.



ويُعتقد أن قوات الحرس الثوري الإيراني قد نقلت الصواريخ والقدرات الصاروخية. واعترض الجيش الأميركي شحنات أسلحة من إيران يُعتقد أيضاً أنها كانت متجهة إلى الحوثيين. كما تحدث مسؤولون إيرانيون رفيعو المستوى عن دعم النظام الإيراني للمتمردين اليمنيين.

في يوليو (تموز) من هذا العام، تعهد زعيم الحوثيين - عبد الملك بدر الدين الحوثي - بالقتال في أي نزاع قد يحصل في المستقبل بين «حزب الله» وإسرائيل. وقال إن «اليمن مستعد للمشاركة في أي مواجهة مستقبلية ضد العدو الإسرائيلي»، مضيفًا أن على إسرائيل أن «تأخذ وجودنا بعين الاعتبار في جميع النزاعات المستقبلية مع (حزب الله) والشعب الفلسطيني».

وتوجه الحوثي خلال خطابه إلى زعيم «حزب الله» حسن نصر الله، وقال له: «رهانك على الشعب اليمني في محله. وعلى العدو الإسرائيلي أن يحسب حساب الشعب اليمني في أي مواجهة مستجدة له في لبنان أو فلسطين».
وقال نصر الله في خطابٍ ألقاه في أكتوبر (تشرين الأول) إنه في أي حرب مستقبلية مع إسرائيل سيقوم مقاتلون من «إيران والعراق واليمن وأفغانستان وباكستان» بمقاومة الدولة اليهودية.

الحوثيون باعتبارهم وكلاء عمليين

لا تعني الإشارات والبيانات المذكورة أعلاه بالضرورة أن الحوثيين سيصبحون جزءًا من الإمبراطورية الآيديولوجية الإيرانية، بحيث يعتبر جميع أعضاء قم مرجعًا لهم. وإيران تريد فقط أن يلجأ الحوثيون إلى طهران. وبالنسبة لإيران، فإن حرب اليمن أكثر واقعية، وعدم وجود صلة آيديولوجية لا يُعتبر بالضرورة سببًا لإلغاء الصفقة.

إن هدف إيران هو تعريض أمن الخليج للخطر، وإذا كان الحوثيون قادرين على المساعدة، فسيقدمون الدعم وهذا الدعم يتزايد مع الوقت. وحقيقة أن دور «حزب الله» في اليمن يكبر مع مرور الوقت أضاف اللهجة المعادية لإسرائيل والتي سادت في هذه التصريحات. ومع ذلك، يبقى الهدف هو توسيع نفوذ إيران.

وعلى صعيدٍ آخر، على الرغم من أن الحوثيين ليسوا مرتبطين عضويًا بإيران مثل «حزب الله»، فإنه لا يعني أنهم لن يرتبطوا بها بهذه الطريقة في المستقبل. فـ«حزب الله» لم يبدأ في لبنان كوكيلٍ منظم لإيران بالطريقة التي يعمل بها اليوم. لقد بدأ «حزب الله» كمجموعاتٍ متعددة تنتمي إلى أحزاب مختلفة: أمل والفصائل الفلسطينية وحزب الدعوة وغيرها. وبفضل الدعم الإيراني المتزايد والتخطيط الاستراتيجي، تم تنظيم هذه المجموعات لتصبح في نهاية المطاف تحت ما يُعرف اليوم باسم «حزب الله». ولكن استغرق هذا الأمر بضع سنوات وبرهن أنه قصة نجاح قررت إيران تنفيذها في أماكن أخرى في المنطقة.



في سوريا، تقوم إيران بإنشاء شبكة من الميليشيات العراقية والسورية واللبنانية والأفغانية والباكستانية وغيرها، تعمل بشكل موازٍ مع مؤسسات الدولة، لتفرض لاحقًا سيطرتها وسلطتها على الدولة. وفي العراق، يحصل نفس الشيء وحدات الحشد الشعبي، التي تستعد الآن للقيام بانتخابات برلمانية في أبريل (نيسان) 2018.

أما في لبنان، أنجز «حزب الله» بالفعل مهمة إنشاء دولة موازية وأقوى اليوم من الدولة اللبنانية نفسها. فلماذا يكون اليمن استثناءً لما يحصل في كل مكان آخر في المنطقة؟

وبالإضافة إلى ذلك، لم تعد إيران ترى المنطقة على أنها مقسمة إلى دولٍ مستقلة أو متفرقة. فبالنسبة للنظام الإيراني، فإن لبنان وسوريا والعراق واليمن كيانٌ واسع يقع ضمن استراتيجية إيران للهيمنة الإقليمية التي تتطلب تهديد كل شيء وكل من يقف في طريقها. والمملكة العربية السعودية هي الجهة الفاعلة الرئيسية التي من شأنها أن تهدد خطة الهيمنة الإيرانية في المنطقة. ولذلك، فإن اليمن والحوثيين مهمان.

تتكون قوات فيلق القدس الإيراني في العراق وسوريا من 200 ألف مقاتل غير إيراني، بمن فيهم الشيعة، من دول لا تستثمر فيها إيران بشكلٍ كبير، مثل أفغانستان ونيجيريا. وذلك لا يعني أن هؤلاء المقاتلين سيعودون إلى أوطانهم إذا انتهت الحرب. يصبح الحوثيون مع مرور الوقت جزءًا لا يتجزأ من الفيلق الإيراني الخارجي، وحتى لو خفت حدة حرب اليمن في مرحلةٍ ما، فإن ذلك لا يعني أن الإيرانيين سيتوقفون عن استغلال الحوثيين. وهم موجودون على الأرض - كجزءٍ من الميليشيات الإيرانية – للبقاء.

إيران تفكر على المدى الطويل، ودعمها للحوثيين اليوم لن يتوقف غدا أو في أي وقتٍ قريب، إلا إذا أُجبروا على ذلك. ودور «حزب الله» يزداد، ومشاركته في اليمن تشير إلى خطة طويلة الأجل لتحويل الحوثيين إلى وكلاء لإيران من خلال جعلهم يعتمدون أكثر على إيران وفيلق القدس لدعمهم، وإبقاء الخطر الذي يهدد الخليج والمملكة العربية السعودية. ولذلك، فإن إمكانية نشوء نموذج الحوثي الذي يشبه «حزب الله» هو احتمال لا يمكن تجاهله.

* حنين غدار: زميلة زائرة في زمالة فريدمان الافتتاحية في معهد واشنطن.
font change