الإسكندرية: صور ووثائق عالمية نادرة بعضها يتجاوز عمره 100 عام لأفلام هامة يونانية قديمة وأخرى لأيقونات السينما العربية والعالمية، بعضها للمخرج العالمي يوسف شاهين والنجم العالمي عمر الشريف وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة خلال كواليس فيلم «صراع في الميناء»، ووثائق أصلية تؤرخ لأول عروض السينما العالمية التي قدمت في الإسكندرية، يضمها معرض «ذاكرة السينما» الذي احتضنته دار أوبرا الإسكندرية «مسرح سيد درويش» برعاية جمعية كتاب ونقاد السينما برئاسة الناقد السينمائي الأمير أباظة، من إعداد الكاتب محمد المالحي بالتعاون مع المؤرخ مكرم سلامة أحد أهم جامعي الوثائق والأرشيفات في مصر والعالم العربي.
يؤرخ المعرض من خلال صور نادرة ووثائق وأفيشات الأفلام نشأة فن السينما في العالم وفي الإسكندرية، والتي تعد المحطة الثانية عالمياً في عرض الأفلام، وتؤكد ذلك العديد من الوثائق والحقائق وعروض الأفلام الأولى.
الإسكندرية مركز انطلاق السينما عربيا
ويؤكد منسق عام المعرض محمد المالحي، في حواره مع «المجلة»، أهمية المعرض وندرة ما يصنع من وثائق ومستندات وصور عامة تشير وتجسد تاريخ السينما في مصر وفي الإسكندرية التي كانت مركز انطلاق هذا الفن عربياً وفي المنطقة كلها، فقدمت أول عروض الأفلام فيها بعد عرضها في باريس بأيام قليلة.
ويضيف أن الإسكندرية كانت مركز إقامة الجاليات الأجنبية والجنسيات المختلفة، وكانت تقيم فيها أكبر جالية يونانية في ذلك الوقت، لذا يضم المعرض نيجاتيف فوتوغرافي كامل لأربعة من أهم وأقدم الأفلام اليونانية التي لا تمتلك السينما اليونانية أرشيفا لبعضها، ويعود تاريخها إلى ما بين الأعوام 1937 إلى 1943، ومنها أفلام «الفتاة اللاجئة»، و«عندما يكون الزوج غائبا» وكان عرضها الأول في الصغر ثم بعدها في القاهرة ثم عرضت في اليونان.
ويشير المالحي إلى أن تلك الأفلام النادرة التي عرضت للمرة الأولى في الإسكندرية، وعقب ذلك في أوروبا قدمها المخرج الإيطالي العالمي توجو مزراحي، الذي قدم أيضا أفلاما مصرية تمثل أيقونات الذاكرة السينمائيه في مصر وعربيا مثل فيلم «سلامة» لأم كلثوم، وأفلام علي الكسار.
السينما اليونانية في مصر
ويوضح أن السينما اليونانية كان لها باع ووجود في الإسكندرية وتم إنتاج أفلامها بعروض البحر المتوسط وعرضت بها ثم عقب ذلك في أوروبا، فكان توجو مزراحي يتميز بالذكاء الشديد كما أنه كان في عقليته مثل الفنان الكبير أنور وجدي وما يمتلكه من فطنة وقدرة على توزيع الأفلام وتسويقها على المستوى العالمي، وقد فطن توجو مزراحي إلى احتياج الجالية اليونانية في مصر في ذلك التوقيت إلى مشاهدة العروض السينمائية ومن ثم اتجه إلي إنتاجها في الإسكندرية وعرضها بها من خلال الاعتماد على فرق وأبطال المسرح اليونانيين بالتعاون مع الفنانين المصريين ليقدموا أفلاما مميزة عرضت للمرة الأولى في الثغر وعقب ذلك عرضت في أوروبا في اليونان وكان من بين تلك الأفلام ما يضمه المعرض من أفلام نادرة.
ويذكر المالحي أن السينما في هذا التوقيت في مصر كانت رائدة وفي اليونان كانت وليدة في توقيت الحرب العالمية الأولى، كما يضم المعرض أيضا تراخيص خاصة بأول العروض السينمائية منذ عام 1898 ومنها تشغيل ماكينة السينما في تياترو عباس حلمي بالإسكندرية، ورخصة أخرى لتشغيل ماكينة سينما الهامبرة في عام 1899 ومختومة بختم نظارة الداخلية في هذا التوقيت.
تاريخ دور السينما
ويكمل أن المعرض يضم عقوداً نادرة لعرض الأفلام التي ترجع إلى ما بين عامي 1937 إلى 1967 في دور العرض السينمائي في الإسكندرية والتي تشير إلى وجود نحو 70 دار عرض سينمائي فيها، وكان هناك في كل حي سينما وقد تهدم منها نحو 50 دار عرض بما يؤثر علي صناعة السينما وثقافة المجتمع، وبما يعكس الزخم والفنون التي كانت تحياه عروس البحر المتوسط، لافتا إلى أن أغلب دور العرض السينمائي كانت مملوكة للأجانب ممن يقيمون في الإسكندرية وعدد قليل كان ملك المصريين أو الدولة.
ويتابع أن «من بين النوادر التي يضمها المعرض بين جنباته نيجاتيف فوتوغرافي نادر يضم حوالي 120 صورة لكواليس فيلم «صراع في الميناء» والذي يعود إلى عام 1956 و الذي يمثل أيقونة للسينما المصرية والعربية.
ويتحدث عن أهمية تلك الصور واللقطات النادرة مؤكدا أن كواليس أفلام يوسف شاهين وصورها نادرة وهامة جدا فكانت بمثابة سر حربي فلا يذاع أو يظهر أي منها، وما يزيدها ثراء عندما يشارك فيها نخبة من النجوم العالميين مثل عمر الشريف وسيدة الشاشة العربية، فتظهر تلك الصور التي يضمها المعرض كل منهما خلف الكاميرات وأثناء تصوير الفيلم في لقطات مميزة وفريدة.
ويشير إلى أن من بين الجوانب المميزة والنادرة التي يضمها المعرض بوسترات لأفلام عرضت للمرة الأولى في الإسكندرية منذ عام 1935 مثل فيلم «الاتهام» للفنان الكبير يوسف وهبي، وفيلم «تحت تهديد السلاح» للفنان عباس فارس، وفيلم «شجرة الدر» للفنانة الراحلة بهيجة حافظ، وغيرها من الوثائق والمستندات والصور الأصلية والنادرة علي المستوى العالمي والتي تمثل ذاكرة السينما.