القاهرة: كشف الدكتور محمد الزبيدى أستاذ القانون الدولي والمحلل السياسي الليبي عن أن تيار الإسلام السياسي وخصوصا جماعة الإخوان هما سبب فشل الجولة الثالثة من لجنة المسار الدستور الليبي في القاهرة لأنهم يريدون اختيار رئيس على شاكلتهم واستبعاد التيار المدني الوطني ولو تم انتخاب الرئيس من الشعب الليبي فلن يكون منهم.
* لماذا فشلت اجتماعات الجولة الثالثة من لجنة المسار الدستور الليبي في القاهرة؟
- أهم الأسباب التي ساعدت على فشل أعمال لجنة مسار الدستور الليبي هي الشروط الواجب توافرها فيمن سيتم ترشيحه للرئاسة في الدولة الليبية، حيث إن ممثلي تيار الإسلام السياسي يريدون اختيار رئيس على مقاسهم وبالخصوص على مقاس جماعة الإخوان المسلمين ويتم استبعاد التيارات الوطنية من الترشح، بالإضافة إلى أنه يوكل انتخاب الرئيس للبرلمان وليس للشعب، وهم مصرون على أن يكون الحكم في ليبيا حكما نيابيا أسوة بما يحدث في لبنان والعراق وغيرهما من الدول التي تعاني الأمرين من مثل هذا النظام السياسي، حيث استطاعت تيارات الإسلام السياسي تحويل ليبيا إلى نظام أشبه بالطائفي من لبنان والعراق، حيث قسمت الدولة إلى ثلاثة أقاليم مثلما كانت الولايات العثمانية حينما كان الأتراك يحتلون ليبيا وهي برقة وطرابلس وفزان وهذه الآلية التي تم اعتمادها من قبل التيار الإسلامي وبموجبها تم تقسيم الدولة إلى نظام «جهوي»فهم يريدون أن يكون رئيس الدولة من طرابلس ورئيس المجلس الرئاسي من برقة ورئيس البرلمان من فزان، وهكذا، لذلك ما يريده التيار الإسلامي هو تقسيم المناصب على أساس محافظي «جهوي»ومن ثم فإن المحصلة واحدة سواء أكان الاختيار على أساس عرقي مثل العراق أو طائفي مثل لبنان أو «جهوي»في ليبيا، إذن تيار الإسلام السياسي هو السبب الرئيسي في فشل اجتماعات الجولة الثالثة لأنهم يعلمون جيداً أنه في حال انتخاب رئيس مباشر عن طريق الشعب لن يكون من تيار الإسلام السياسي وأن مصيرهم سيكون مصير الإخوان في مصر وفي تونس ومن هنا تبقى ليبيا هي النقطة الوحيد للإخوان لذلك هم يحاولون الحفاظ عليها بكافة الوسائل وإلا سينتهون في الوطن العربي بالكامل.
* ما أهم البنود التي تم الاتفاق عليها في اجتماعات الجولة الثالثة؟
- تم الاتفاق على الأشياء العامة مثل توزيع الثروة وكيفية انتخاب مجلس النواب وأيضا كيفية التصويت في الانتخابات البرلمانية وحقوق الطفل وحقوق المرأة وكيفية الحفاظ على البيئة بمعنى أوضح القضايا العامة. وظل نظام الحكم أمرا مختلفا عليه وأيضا الحكم المحلي لم يتم التوافق عليه ومن هنا تجب الإشارة إلى أن ما تقوم به لجنة مسار الدستور الليبي باطل ولا يجوز على الإطلاق، لأنه لا يجوز تعديل الدستور من قبل البرلمان وأن اللجنة التي تقوم بتعديل الدستور ليست منتخبة من الشعب ومهمة البرلمان ليست الموافقة على تعديل الدستور ولكن مهمته هي طرحه للشعب للاستفتاء على هذه التعديلات ومن ثم لا يجوز لأي لجنة القيام بتعديل دون الرجوع إلى الشعب.
* هل تم الاتفاق على آليات لإجراء انتخابات شفافة في أقرب وقت؟
- لا زالت مسألة الانتخابات موضع خلاف لأن السبب في ذلك هو تصوير تيار الإسلام السياسي أن أزمة ليبيا كلها تنحصر في الدستور وهو المنقذ وأن الدستور هو الحل الأمثل لكل مشكلات ليبيا دون أن يدرك هؤلاء أن الدستور هو عبارة عن قانون مثله مثل غيره من القوانين لكنه يختلف عنها في درجة السمو لا أكثر ولا أقل. والسؤال الذي يطرح نفسه هل منع الدستور في العراق وأفغانستان الحرب؟ الإجابة بالطبع لا، الجانب الآخر والمهم أن الانتخابات التي ستجرى في ظل الانقسامات وفوضى السلاح المنتشر في جميع أنحاء البلاد كيف ستتم؟ ولو فرضنا أن الليبيين ذهبوا إلى انتخابات رئاسية أو انتخاب الحكومة أو انتخابات البرلمان هل يستطيع كائن من كان نزع سلاح الميليشيات أو الخروج من سلطة الميليشيات؟ وقد جاء المجلس الرئاسي في عام 2016، ماذا حدث بعد سنوات؟ ظل تحت هيمنة الميليشيات، والحكومة الحالية تحت هيمنة الميليشيات والمؤسسة الوطنية للنفط تسيطر عليها الميليشيات وكل مؤسسات الدولة تحت هيمنة المليشيات لذلك وبعد أن أصبح السلاح منفرداً في ليبيا فليس هناك معنى للديمقراطية، لأن المشكلة في ليبيا هي مشكلة أمن وليست مشكل قانون أو سياسة، وفوضي السلاح في ليبيا هي التي أسقطت سيادة الدولة لأن هناك تيارا يحتكر العنف والسلطة منتهكة، ومن ثم فإن التعريف القانوني للدولة الليبية غير موجود بسبب عدم سيطرة السلطة على البلاد.
* وأين التيار المدني الوطني من كل هذا؟
- التيار الوطني انضم مباشرة إلى القوات المسلحة من أجل عودة السيطرة على البلاد والجيش الوطني هو المنقذ للوطن من براثن الميليشيات والفوضى التي ضربت ليبيا منذ 11 سنة وكل الحلول التي تطرح هي عبارة عن أحاديث تقال في ندوات ومؤتمرات واجتماعات.. خلاصة القول إن الجيش الليبي هو مفتاح السر لخروج البلاد من أزمتها الحالية.