مجموعة أوراسيا .. الاسم القوي في قاموس الاستثمار

مجموعة أوراسيا .. الاسم القوي في قاموس الاستثمار

[escenic_image id="5510842"]

بيلاروسيا وروسيا وكازاخستان وقرغيستان وطاجيكستان، كل واحدة منها معروفة لمجتمع الاستثمار العالمي منفردة أكثر من معرفتها ضمن مجموعة أوراسيا الاقتصادية. ومع ذلك فإنه على المدى المتوسط أو الطويل، هذه المجموعة التي تضم دول الاتحاد السوفيتي السابق، والتي تعد بمثابة مركز طريق الحرير الجديد، تتمتع بإمكانيات مميزة لتحقيق التكامل الاقتصادي، تحديدًا في مجالات الموارد الطبيعية وتوليد الطاقة وتوزيعها؛ وهذه بمثابة قطاعات أساسية بالنسبة لتلك الاقتصاديات الناشئة.

وإلى الآن تبدو مبادرة مجموعة أوراسيا الاقتصادية واحدة من أكثر مبادرات التكامل الإقليمي فاعلية في الدول المستقلة حديثًا. فبعد ما يربو على عقد من المفاوضات التي تقودها الحكومة؛ تلك المفاوضات التي تم انتقادها لبطء إيقاعها؛ تمخض الاثنا عشر شهرًا الماضية عن عدد الإنجازات الملموسة بالنسبة لمجموعة أوراسيا التجارية. فبدءًا من 1 يناير/ كانون الثاني 2010، من المتوقع أن تفرض بيلاروسيا وكازاخستان وروسيا تعريفة خارجية مشتركة على الدول الأخرى وتشترك في قواعد جمركية موحدة. ومن المفترض أن يتم الانتهاء من تحقيق التوافق في القانون الجمركي الثلاثي بحلول منتصف عام 2011، بل إن البلدان الثلاثة جميعها أعلنت عن نيتها الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ككتلة تجارية واحدة. وسعيًا منها لزيادة السيولة، أسست حكومات تلك الدول صندوقًا مشتركًا للأزمات يقدر رأسماله بـ 10 مليارات دولار أمريكي، الهدف منه منح قروض سيادية واستقرارية إضافة إلى تمويل المشروعات المشتركة.

وتلتزم الدول الأعضاء في هذه المجموعة التزامًا قويًّا بسياسات اقتصادية مشتركة، وذلك لأسباب بديهية. فالدول الأوراسية إجمالاً تمتلك احتياطيًّا عالميًّا يزيد على 27% من الغاز الطبيعي، وحوالي 10% من النفط، و25% من اليورانيوم. ويدفع هذا التخصص تلك الدول نحو تغيير وضعها من مجرد كونها موردًا للسلع إلى لاعب دولي في مجال الطاقة. وقد ذكر مسئولو مجموعة أوراسيا الاقتصادية مرارًا وتكرارًا أن هدفهم النهائي هو تشكيل سوق مشتركة للطاقة وبالأخص الكهرباء.

وبالرغم من أن تعافيهم الاقتصادي من الأزمة المالية العالمية أسرع بشكل طفيف مقارنة ببقية العالم، فإن الخصخصة لم تكتمل بعد في دول وسط آسيا. فقد أعلنت روسيا أخيرًا عن رغبتها في التقليل من حصتها الحكومية في القطاعات الرئيسية (بما يشمل النفط والغاز) وإطلاق دورة جديدة للخصخصة. وفي نفس الوقت، تواجه جميع دول أوراسيا الحاجة إلى إعادة الرسملة لمصارفها، وضمان التمويل طويل الأمد لمتطلبات قطاعها الحقيقي من الإنفاق الرأسمالي المكثف، خصوصًا فيما يتعلق بالموارد الطبيعية والبنية التحتية التي يعد تحديثها بمثابة شرط أساسي لتحقيق مزيد من التطوير لأنابيب النفط وشبكات الكهرباء الإقليمية. وهناك مشكلة أخرى رئيسية تتعلق بإدارة الإمكانات الكهرومائية للمنطقة في ظل التوزيع غير المتكافئ للموارد بين الدول المتاخمة لوادي فرغانا.

وسهولة الوصول إلى الصناديق السيادية أمر أساسي في هذا الموقف، وتأسيس بنك التنمية الداخلي لمجموعة أوراسيا الاقتصادية بمثابة إجراء سليم، خصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار تطلع الدول الأعضاء إلى سياسة خارجية أكثر استقلالية. لكن يظل هذا بمثابة أداة مساعدة ثانوية، بينما تعتمد المجموعة اعتمادًا أكبر بكثير على الاستثمار مع الغرب واليابان مقارنة باعتمادها على الاستثمار فيما بينها.

وثمة سبب آخر وراء سعي تلك الدول لأن تصبح بمثابة قوة لها وزنها على المستوى الدولي، وهو القدرة الكبيرة لدى المجموعة في مجال توليد الكهرباء، ورغبتها في إقامة علاقات قوية مع الأسواق الآسيوية المربحة. فالطلب الصيني وحده يمكن أن يرفع صادرات الكهرباء لكومنولث الدول المستقلة بحوالي 200%.

واعتادت أوزباكستان على أن تكون بمثابة العضو السادس الدائم في مجموعة أوراسيا الاقتصادية، لكنها علقت عضويتها مؤقتًا في ديسمبر/ كانون الأول 2008. وتتوافق هذه الإستراتيجية مع منافسة أوزباكستان بالتشارك مع كازاخستان لغيرها من الدول على القيادة الإقليمية، كما أن الإستراتيجية تمثل جزءًا من المناورة التاريخية بين روسيا والصين والغرب طيلة العقدين الأخيرين. ومع ذلك فإن موقف أوزباكستان له أهمية خاصة بالنسبة لقطاع الطاقة في المنطقة؛ فهي مورد إقليمي رئيسي للغاز الطبيعي بالمنطقة، وهي ثالث منتج عالمي لليورانيوم، وأحد مساهمي مشروعات توليد الطاقة الكهرومائية من الأنهار الحدودية الرئيسية في المنطقة؛ أمودارايا وسيردارايا.

ومن جهة أخرى، زادت أوزباكستان بصورة ملحوظة من طاقتها التصديرية، وتعتبر زيادتها لكميات الغاز بمثابة وسيلة لتنويع هياكل مبيعاتها. وحيث إن مستقبل إمدادات الغاز الأوزبكي للغرب لا يزال غير واضح المعالم، فإن الصين بمثابة المقصد الرئيسي البديل.

إن قوة المساومة التي تتمتع بها دول وسط آسيا المنتجة للنفط والغاز الطبيعي، تشير إلى أنه حتى بالرغم من ثقل الدور الروسي في مجموعة أوراسيا الاقتصادية كاد أن يكون مهيمنًا، وتطبيق التعريفة الموحدة أصبح وشيكًا، فإن هذا التكتل التجاري من غير المحتمل أن يصبح ناديًا استثماريًا قاصرًا على أعضائه فقط. فعلى النقيض من ذلك، من المحتمل أن ينظر أعضاء مجموعة أوراسيا الاقتصادية على المدى المتوسط إلى المجموعة باعتبارها اتفاقية هيكلية أخرى، دون أية قيود على استحواذات المستثمرين الأجانب على أسهم تشاركية غير إستراتيجية في مؤسسات الموارد الطبيعية، خصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار إطار الاقتصاد الكلي شديد الإحكام في الوقت الحالي. 

font change