سميح طوقان .. المغامر الذي فتح أبوب الإنترنت أمام العالم العربي

سميح طوقان .. المغامر الذي فتح أبوب الإنترنت أمام العالم العربي

[escenic_image id="5510843"]

في مجال الكمبيوتر، يمكن أن يستدعي اسم واحد صورًا من النجاح في مجال الأعمال، إلا أن بعض الأسماء يحيطها الجدل. فالبنسبة لغير الخبراء في استخدام التكنولوجيا، فإن أسماء مثل ستيف جوبز وبيل جيتس ومارك زوكربرج هي أسماء تثير اهتمامنا جميعًا نظرًا لما تمثله من إنجازات، وربما لما لها من تأثير حقيقي على الطريقة التي ندير بها حياتنا اليومية. فمن يستطيع أن يقول إن أحد منتجات ماك أو متصفح الإنترنت أو الفيس بوك لم يكن لها يوما  حضور حقيقي في روتين حياته اليومي بشكل أو بآخر.

ويضاف إلى قائمة الأسماء الكبرى في مجال الكمبيوتر اسم آخر لايقل بريقًا في عالم الإنجازات. ألا وهو اسم سميح طوقان. ففي عام 1999، أتى سميح طوقان وشريكه حسام خوري بفكرة إنشاء شركة من شأنها أن تحدث ثورة في مجال استخدام الإنترنت في العالم العربي، مما كان إيذانًا بانتهاء ألفية وبداية ألفية جديدة. وهذه الشركة التي تحمل اسم "مكتوب" كانت أول شركة عربية تنطلق من الإنترنت وتقدم خدمة البريد الإلكتروني باللغة العربية. وقد تم تطوير مشروع مكتوب في وقت كانت الإنترنت فيه في مهدها في معظم العالم العربي، وكان مستخدموها في المجمل من مجيدي اللغة الإنجليزية. وكنتيجة لذلك، كان الطلب على خدمات  اللغة العربية محدودًا. ورغم ذلك أدرك طوقان أنه إذا ما أريد للإنترنت أن تستخدم على نطاق أرحب في الشرق الأوسط، فسوف يتطلب الأمر بالضرورة اعتماد حل البريد الإلكتروني باللغة العربية.

وهذه الرؤية العميقة، والتي تبدو بديهية الآن بعد أن أصبح العالم كله متصلًا بشبكة الإنترنت، لم تكن بنفس هذا الوضوح في نهاية التسعينيات. إلا أن قوة الحدس التجاري والاعتقاد فيما يمكن أن تتمخض عنه الإنترنت في المستقبل كانا هما الدافع لإنشاء "مكتوب"، الذي كان يعد أول منتج من نوعه. وما إن تطورت الشركة لتصبح بوابة كاملة، بقي عدد مستخدميها البالغ مايزيد على 16 مليون نسمة شاهدًا على ما كان لهذه الشركة من تأثير على استخدام الإنترنت في العالم العربي. لقد بلغت شأنا في تأثيرها ومالها من إمكانات التطوير دعا شركة ياهو إلى شرائها في أغسطس من عام 2009 بمبلغ 100 مليون دولار.

إن قصة تأثير طوقان على استخدام تكنولوجيا الإنترنت لا تبدأ أو تنتهي باستحواذ شركة ياهو على موقع مكتوب، وإنما تبدأ بانطلاقة هذا الرجل ليصبح الرئيس التنفيذي لمجموعة جبار للإنترنت، وهي الشركة التي تضم مشروعاته الأخرى على الشبكة والتي تشمل سوق دوت كوم (موقع بيع وتسويق)، وكاش يو دوت كوم (موقع سداد على الشبكة) وإيكو دوت كوم (موقع إعلان على الشبكة) وتحدي دوت كوم (موقع ألعاب على الشبكة) وعربي دوت كوم (محرك بحث باللغة العربية). ونطاق المنتجات التي يضمها موقع جبار يتوافق مع رؤية السيد/ طوقان فيما يتعلق بالتأثير المحتمل للإنترنت في منطقة الشرق الأوسط.

وفي حوار قصير أُجري مع السيد/ طوقان، كان واضحًا أن تفاؤله بمستقبل الإنترنت في العالم العربي هو العامل المحفز لجانب كبير من العمل الذي يقوم به حاليًا مع مجموعة جبار للإنترنت. يقول طوقان: "يزداد تغلغل الإنترنت في حياتنا بمعدلات جيدة وصحية، فيمكن لأكثر من 50 مليون شخص في العالم العربي الوصول حاليًا إلى الشبكة. وشبكة الإنترنت لها أيضاً تأثيرات اجتماعية هائلة حيث يزداد عدد الأشخاص الذين يستخدمونها". وأشار السيد/ طوقان أيضاً إلى أنه مع تزايد سهولة الوصول إلى المعلومات عبر الشبكة وتعزيز التواصل، يمكن تحقيق تأثير إيجابي ملموس على الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة الشرق الأوسط.

وبما أن سميح طوقان نشأ في أسرة تضم محامين واقتصاديين، فمن الصعوبة بمكان أن نحدد العوامل التي دفعته نحو الهندسة الكهربية عندما التحق بالجامعة. والأرجح أنه سيقول إن سُئل: إن هذا الاهتمام كان فطريًا لديه، مسترجعًا بذاكرته أنه حتى عندما كان طفلًا، كانت تستهويه الإلكترونيات والحواسيب الآلية أكثر من غيرها. "عندما كنت صغيرًا، كان من بين هواياتي الأساسية، برمجة الحاسوب، وأذكر أنني قمت بتعريب الحاسب الشخصي سينكلير". 

ليس هناك الكثير من الأطفال الذين يعتبرون برمجة الحاسوب هواية، كما لا يمكننا أن نتخيل أن الكثيرين من رفاق طوقان نجحوا أو حتى حاولوا تعريب أحد الحواسيب التجارية الأولى في سن صغيرة. يبدو أن هناك موهبة فطرية لدى سميح طوقان لم تجعله جزءًا من التكنولوجيا التي استهوته فحسب وإنما أيضًا جزء من تحرك جعل إمكانية الوصول لهذه التكنولوجيا أكثر سهولة في العالم العربي.

بعد تخرجه في الجامعة بدرجة علمية في مجال الهندسة الكهربية، حصل طوقان أولًا على درجة الماجستير في إدارة الأعمال وأكمل هذه الدراسات بخبرة مكثفة في مجال الاستشارات وتكامل الأنظمة. ثمة عوامل ثلاثة كتبت سطور صفحات قصته التي اشتهر بها، وهي ميله الفطري واهتمامه الواضح بجميع الأمور التكنولوجية وخبرته الواسعة، ليُحدث ثورة في مجال تكنولوجيا الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط من خلال تأسيس شركات مثل مكتوب وجبار.

الآن  بعد أن أصبح الرئيس التنفيذي لمجموعة الجبار للإنترنت قال إن دوره سيكون مختلفًا عن منصب الرئيس التنفيذي لموقع مكتوب. مجموعة جبار لها عدة أنشطة تجارية تتنوع ما بين المزادات و الدفع والإعلان واللعب  والبحث على شبكة الإنترنت. فالشركة نشاطها استثماري وتشجع علي الاستثمار. ويقوم طوقان بإدارة الأعمال من كل زاوية في مجموعة جبار كما كان يفعل في  مكتوب . و منصب طوقان في جبار يهدف إلى "بناء ووضع حجر الأساس لشركات جديدة ويدعم جهود كبار المديرين التنفيذيين بها ورجال الأعمال لتحقيق "عمل مدهش".

وبالنظر إلى الأعمال التجارية التي قام بها السيد طوقان و موهبته في استخدام التكنولوجيا نجده حقق إنجازًا واضحًا بالفعل، ويصبح من السهل الاقتناع بأن السيد طوقان سيكون قادرًا على تحقيق هذه الأهداف وربما أكثر من ذلك بكثير. فهو يدرك أن مستقبل تكنولوجيا الإنترنت في الشرق الأوسط قد بدأ . وكان الاتفاق بين"مكتوب"

و ياهو نقطة تحول. حيث إنه  حفز رجال الأعمال على خلق منتجات وخدمات جديدة وعلى أن يكونوا أكثر ابتكارًا كما  حفز المزيد من المستثمرين للاستثمار في هذا المجال. وبتحليل بسيط  لشخصيته نجد أن  لها تأثيرًا كبيرًا  على هذه الحركة الجديدة في مجالات الأعمال التجارية والتكنولوجيا في الشرق الأوسط . والسيد طوقان لا يتنبأ بما يدور في عقل  كل شخص،  فإقدامه على المبادرات وبصيرته هي المسئولة بشكل كبير عن التغيرات الإيجابية التي حدثت الآن وهي أكثر بكثير مما كان عليه الوضع قبل أن تجيء شركتا" مكتوب وجبار" إلى العالم العربي.

font change