القاهرة: أكد الدكتور أحمد وهبان عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة الإسكندرية على ضرورة الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي ومشاركة الأحزاب السياسية والذي يفتح آفاقا جديدة للأزمات التي تمر بها البلاد..
* ما رؤيتك لطرح الأحزاب السياسية المصرية في الحوار الوطني؟
- إن فكرة الحوار هي أساس كل المشاريع الكبرى سواء كانت هذه المشاريع فكرية أو على مستوى الدساتير المختلفة أو على مستوى العمل السياسي بمعني أن كل المشروعات الكبرى وكل الإنجازات يكون أساسها الحوار وهذا الأمر معروف في عالم السياسة، وهي فكرة صنع كعكة كبيرة يمكن اقتسامها بدلا من التصارع على كعكة صغيرة وتدميرها وهي فكرة تكبير الكعكة ومن ثم فإن فكرة الحوار تفتح آفاقا جديدة أمام الجميع وتتيح الفرصة أمام طرح كافة الرؤى الخاصة بالقوى السياسية المختلفة من أحزاب سياسية وجماعات مصالح أفراد ومفكرين وجماعات والتي يطلق عليها مخازن الفكر أو المراكز البحثية، كل هذه الرؤى في النهاية تحقق فكرة الشورى التي في النهاية تصل إلى أفضل الحلول الممكنة وأفضل السبل وأفضل المقترحات التي من الممكن أن نتقدم فيها إلى الأمام في أي مجال من المجالات وهذا ما حدث بالفعل في السابق في تاريخ مصر حيث جاءت فكرة الوفد مع الاحتلال البريطاني كانت في الأساس فكرة حوار وطني، فكرة مصطفى كامل وإنشاء الحزب الوطني كانت فكرة حوار وطني وفي عهد الخديوي إسماعيل عندما أنشأ مجلس شوري النواب كانت أيضا فكرة حوار وطني وهو أول برلمان مصري حيث لجأ للنخبة آنذاك في هذا الحوار، إذن فكرة الحوار الوطني في عالم السياسة هي الأساس وهي فكرة الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف وأمر لا غنى عنه وهي فكرة أساسية في نظام التعددية الحزبية عن طريق حرية التعبير والفكر والرأي، لذلك نحن نثمن فكرة الرئيس السيسي التي دعت للحوار وهي فكرة هامة في كل الأوقات وتزداد هذه الفكرة أهمية في أوقات الأزمات .
* هناك تنافر في الآيديولوجيات في طرح القضايا المطروحة بين الأحزاب، كيف ترى ذلك؟
- من الضروري تقريب وجهات النظر لصناعة كعكة كما ذكرنا سابقا بدلاً من تدمير الكعكة المتصارع عليها وهي فكرة الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، السؤال: لماذا الحوار؟
الإجابة لأن هناك آراء مختلفة وهناك أفكار مختلفة وهناك عقائد مختلفة ولو تم الانطلاق من أن فكرة الاختلاف سبب في عدم الحوار لن يكون هناك حوار أبدا، ومن ثم فإن الاختلاف سنة بشرية في خلق الله، لذلك من الضروري أن يكون هناك اختلاف والتنوع ظاهرة صحية لأننا جميعا نرى الصورة من خلال منظورنا والمنظورات المختلفة لا شك أن لها فائدة وربما تأتي بحلول جيدة أكثر وهي فكرة الجدلية أو التناقض نفسه من الممكن أن يأتي بمزيد من التقدم لذلك فإن التنوع أمر بديهي أيضا هذا التناقض من الممكن أن يكون مفيداً في أننا نصل لصيغة مشتركة وفي مصر حيث إننا منذ 1952 هناك اختلافات دائما بين التوجهات اليسارية واليمنية وهذا أمر طبيعي ومن ثم فإن التوفيق بين الأفكار أمر لا بد منه وضروري الجلوس للنقاش والتحاور والتشاور للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف لا سيما وأن هناك أزمة وهذه الأزمة ليست قاصرة على مصر ولكنها أزمة عالمية نتيجة لحدثين بالغي الخطورة جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية ولهما انعكاساتهما على الاقتصاد العالمي وعلى الجميع القيام بدوره .
* هناك اختلاف في طرح الأولويات عند بعض الأحزاب من حيث تقديم الحرية على الاقتصاد وخلافه، كيف ترى ذلك؟
- ليس هناك ما يمنع من التعامل مع كافة القضايا خصوصاً وأن كل ما تم طرحه هو من الأولويات سواء أكان حريات أو مسألة تمس المواطن مثل الخدمات والأسعار، لذلك من الضروري التعامل مع كافة الأطروحات على التوازي، في الفترة الماضية كان هناك ركود نسبي في الحياة الحزبية وهذا أمر طبيعي نتيجة لمرور البلاد بحدثين في يناير (كانون الثاني) 2011 وكذلك يونيو (حزيران) 2013 وبالتالي الأمر كان لا بد أن يسفر عن بعض من عدم الاستقرار، هذا الاستقرار هو متطلب أساسي للتنمية والتي كانت ستؤدي بالضرورة إلى فوضى لأن يسمح بها أو الوصول إلى حالة رخوة أمنية لمدة طويلة وبالتالي كان هناك مبرر لحالة الركود في الأحزاب السياسية المصرية. الآن الأمور استقرت إلى حد كبير وبالتالي نحن في حاجة إلى إعادة تنشيط الحياة الحزبية والسياسية والعمل في كافة المجالات بما فيها الحريات وخلافه وهذا لا يمنع على الإطلاق العمل في كافة القضايا على التوازي .
* هناك تيارات بعينها ترفض فكرة الحوار الوطني ماذا عن هؤلاء؟
- فكرة السياسة مبنية في الأساس على الحوار وهي تهذيب للسلوك وهذا الحوار هو من صميم السياسة والتوفيق بين الآراء المتعارضة ومن ثم لا يصلح تماما مقاطعة الحوار، فمن الطبيعي طرح الآراء الخاصة بك من خلال الحوار وفي ظل المقاطعة كيف سيعلم الآخر رأيك ولذلك هذا الأمر ينصح به كافة القوى السياسية في مصر سواء كانت ذات توجهات يسارية أو يمينية أو خلافه طالما هي سلمية فهي مدعوة للحوار.