المنامة: حضر مئات من مسؤولي الحكومة ورجال الأعمال البحرينيين حفل استقبال أقامته السفارة الإسرائيلية بمناسبة العيد الوطني، في احتفاء بالعلاقة الوثيقة التي نمت بين البلدين منذ توقيع الاتفاق الإبراهيمي. شارك في الحفل المغني والممثل الإسرائيلي تساهي هاليفي، الذي شارك في بطولة المسلسل التلفزيوني«فوضى»، والطاهي دورون ساسون. وعزفت فرقة موسيقية تابعة لوزارة الداخلية البحرينية النشيدين الوطنيين البحريني والإسرائيلي.
ويعد الحفل هو الأول الذي تقيمه إسرائيل بمناسبة عيدها الوطني في دولة خليجية. كما أنه الحدث الأول من نوعه الذي تستضيفه السفارة بعد أن افتتحها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد في سبتمبر (أيلول) عام 2021. وقد وصل السفير إيتان نائيه، أول سفير إسرائيلي إلى مملكة البحرين في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه.
ركز الحفل على تطور العلاقات بين البلدين، وشهد إلقاء كلمة مسجلة لوزير الخارجية لابيد، إلى جانب كلمة السفير الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة (وكيل وزارة الخارجية البحرينية)، وكلمة السفير نائيه، بالإضافة إلى فقرة موسيقية أداها هاليفي. وأعد الطاهي ساسون قائمة طعام خاصة للأمسية تتضمن مزيجاً من الأطباق البحرينية والإسرائيلية. وأكدت كلمات الحضور على الفرص التجارية والثقافية وبين الأفراد من الدولتين.
وقد تحدث السفير نائيه في كلمته عن الرؤية المشتركة بين الحكومتين فيما يتعلق بالفرص أمام البلدين، وأبرز أهمية النشاط الاقتصادي بينهما، بالإضافة إلى الاستثمارات والمشروعات المشتركة التي من المتوقع أن يصل حجمها إلى مئات الملايين في غضون الأعوام القليلة المقبلة. وأكد على مميزات عقد اتفاقيات في مجالات الأبحاث الطبية والتكنولوجية والتجارية.
وصرح نائيه قائلاً: «يكشف حفل الاستقبال الذي أقمناه بمناسبة عيدنا الوطني دفء وأصالة العلاقات بين إسرائيل والبحرين، قيادة وشعباً».وأضاف: «يقوم الشرق الأوسط الجديد على الرغبة المشتركة في التعاون في جميع المجالات من الأمن وحتى الطاقة المستدامة، ومن المياه والأمن الغذائي إلى السياحة وغيرها من المجالات».
وكانت «المجلة» قد التقت السفير نائيه الذي شغل منصب القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في أبوظبي في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي قبل مغادرته الإمارات العربية المتّحدة وانتقاله إلى البحرين. وعن تجربته في الإمارات وما تعلمه خلال عشرة أشهر كأول دبلوماسي إسرائيلي يتم تعيينه بعد اتفاقات إبراهيم، يقول نائيه: «قدمتُ للإمارات توّاقا للتعلّم، وتعلّمت الكثير فعلًا؛ تعلّمتُ أن أكون متواضعًا، وأنّ هناك الكثير من الأمور التي لا زلنا نجهلها عن بعضنا البعض. لقد وقعتُ في حبّ المنطقة حقًا وفي حبّ ناسها وثقافتها وتاريخها... استمتعتُ بفرصة الاستماع والمشاهدة، واستلطفتُ طيبة النّاس وكرمهم ودفأهم. يستطيع النّاس إحداث الفرق من خلال تعزيز علاقاتهم ببعضهم. ولكنّ أبرز ما تعلّمته أو حاولتُ بالأحرى تعلّمه هو الصبر».
وعن الإنجازات التي حقّقها كأوّل سفير لإسرائيل في البحرين، قال نائيه: «أتيتُ إلى المنامة لإحداث حركة وتحقيق تقدّم في جميع المجالات والتعرّف على أكبر عددٍ من النّاس ومعرفة كيف تسير الأمور في هذه البلاد. أشعر بالسعادة لرؤية انطلاق التجارة المشتركة وتطوّر الحوار، بالإضافة إلى الأبحاث المشتركة في مجال الطبّ والتي ستفيد الجميع في المنطقة».
وأضاف: «سُررتُ أيضًا للمساهمة في إحضار أفضل المطوّرين في عالم الأنظمة التقنية من إسرائيل، وفي التأسيس لاتصالات لم تكن موجودة من قبل بين البلدين. وأضع اليوم النشاطات المتنوّعة وأهمّها الاقتصادية والتنموية في رأس لائحة أهدافي».
وتابع باتيه: «واكبتُ عدّة زيارات رفيعة المستوى إلى البحرين وأبرزها زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي التقى مسؤولين شبابا أبرزهم وزير الدفاع ووزير الصحة. كما حضرتُ توقيع الكثير من الاتفاقات وساعدت في تأمين التواصل بين المؤسسات البحثية وتشجيع التبادل الأكاديمي، بالإضافة إلى دعوة رجال وسيّدات أعمال ومستثمرين يحلمون مع أقرانهم البحرينيين بالتجارة والتعاون في مجالات عدّة. باختصار، أنا أحاول كتابة قصّة جديدة لشعبينا والعثور على شركاء فلسطينيين ومصريين وسعوديين لتحقيق هذا الحلم في ظلّ نموّ معسكر السلام والساعين لتحقيقه»!
وقال باتيه أيضا: «لا شكّ أيضًا أنّني التقيتُ بالكثير من البحرينيين في منازلهم وفي المجالس حرصًا منّي على بناء أفضل العلاقات معهم».
وعن انطباعاته وعلاقاته بالقيادات البحرينية يقول: «رحبوا بي بدفء واستمتعتُ بلقاءات مع القيادة وأفرادها من أصحاب الرؤية الذين يجرؤون على الحلم. إنّهم من أكثر الأشخاص الموهوبين الذين التقيتهم حتّى اليوم وأتمنّى أن نتعاون لبناء علاقات مستدامة».
وأضاف نائيه أنه يعمل في البحرين لبناء الجسور والمساهمة في وضع نموذج تعايش سلمي يشجّع الآخرين على الانضمام إليه.
ويعتبر اليهود في البحرين من السكّان الأصليين إذ إنّهم يعيشون فيها منذ القرن التاسع عشر. لقد أسّسوا حياةً وأعمالا وساهموا في بناء المجتمع، حتّى إنّ بعض أبرز رجال الأعمال والباحثين والأساتذة الإسرائيليين يتحدّرون من أصولٍ بحرينية.
وفي هذا السياق، يقول نائيه إنه سمع الكثير من القصص عن حياة يهود البحرين في الماضي.. «وها أنا اليوم أعيشها. لقد أقمنا احتفالات بالأعياد اليهودية حيث تتمتّع البحرين بخصوصية في هذا المجال».
وعن كيفية الإعداد لحفل استقبال أقامته السفارة الإسرائيلية بمناسبة العيد الوطني، يقول نائيه: «لقد قمنا بالكثير من التحضيرات للاحتفال بيومنا الوطني في البحرين، ودعونا مئات الأشخاص والأصدقاء الجدد من جميع المجالات ومن أطياف المجتمع المختلفة».
وأضاف: «لقد استعنّا بطاهٍ إسرائيلي لتقديم أطباقٍ إسرائيلية من مختلف البلاد التي يتحدّر منها اليهود. الجميع يحبّ تناول الطعام وتجربة أطباقٍ جديدة، لذا وضعنا لائحة مستوحاة من الأطعمة التي تباع في شوارع تل أبيب وجمعناها مع بعض المكوّنات البحرينية... الطعام يوحّدنا ويجمعنا سويًا.لقد استعنّا أيضًا بمغنٍ إسرائيلي وقدّمنا عرضا موسيقيا حيّا ضمّ موسيقى من إسرائيل والبحرين والعالم. لقد بشّرت هذه الأضواء والصوتيات والمذاقات الجديدة بولادة شيء جديد».
وعن المناخ الحالي في البحرين لجهة تقبّل اتفاقيات أبراهام من قبل السنّة والشيعة (أي الشعب ككلّ) يقول نائيه: «لقد أوجدنا واقعًا جديدًا ورؤية إيجابية تولّد الأمل. لا تزال علاقاتنا في بداياتها ونحتاج إلى تنميتها بالشغف والحب والصبر والحساسية والإصرار».
وأضاف: «يحتاج المعارضون لعملية السلام للوقت وعلينا أحيانًا أن نذكّر أنفسنا أنّه يجب عدم النظر إلى الوراء لأنّنا لن نعود إلى الوراء، بل سنمضي قدمًا. إذا صحّت هذه الرؤية، وإذا استطعنا التأثير إيجابًا على النّاس والجيل الشاب والمساهمة في الازدهار، قد يتقبل الناس الأمر. يجب أن نمنح السلام فرصة وأن لا نبخل بالوقت والجهد».
وعن الأمور التي يطمح السفير الإسرائيلي إلى تحقيقها في البحرين، قال: «أريد أن أحقق الكثير من الأهداف، فأنا أرغب أنّ أرى المزيد من البحرينيين يزورون إسرائيل وسنعمل على تسهيل هذا الأمر عبر تعزيز السياحة والتبادل الثقافي والتجارة والاستثمار والمشاريع المشتركة... أريد بناء علاقات مستدامة لأنّ جميعنا يدرك أنّ التعامل مع آلام ولادة السلام وصعوبات بناء علاقات جديدة أفضل من التعامل مع البديل، أي العدائية والحروب».
وأضاف: «يسرّني أن أعلمكم بأنّ علاقات عملية عظيمة يتم بناؤها اليوم، وإذا تحوّل البعض منها فقط إلى تجارة، سنرى عائدات تُقدّر بمئات ملايين الدولارات... يجب أن نبدأ بتوقعات واقعية ولكنّ الأمر ممكن! وهذه البداية فقط لأنّنا لا زلنا في مستهلّ استكشاف الفرص».
وبشأن القانون الذي يتعارض مع أهداف الاتفاقات الإبراهيمية والذي أقرّه العراق بمعاقبة أيّ شخص يسعى للسلام بأحكام قد تصل إلى الإعدام، قال نائيه:«إنّهم يحاربون أمرًا لا مفرّ منه ويعملون ضدّ مصلحة شعبهم دون تأمين بديلٍ أفضل، وسنرى المزيد. إنه لأمر مخجل».
وأضاف: «قبل بضعة أشهر، كان لي شرف مرافقة وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني إلى إسرائيل لحضور لقاء مميّز مع وزراء خارجية المغرب ومصر وإسرائيل والإمارات والولايات المتّحدة.. شهدنا خلال اللقاء نقاشات ممتازة وجهودًا منسّقة لحلّ بعض القضايا الملحّة في المنطقة من المياه إلى الأمن الغذائي والطاقة المستدامة والأمن طبعًا. إنّه الشرق الأوسط الجديد ولا تزال أبواب النّادي مفتوحة لمن يشاء أن ينضم».
وعن دعم الإعلام في البحرين للسلام بين المنامة وتل أبيب،أشار نائيه إلى أنه يعمل مع فريقه الدبلوماسي عن كثب مع الإعلام لنشر قصصٍ تساعد في توسيع آفاق النّاس، ونأمل أن يساهم وجودنا المتزايد هنا ونشاطنا الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي في صناعة التفاهم والمعرفة.