قبل السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1987 اليوم الذي تسلم فيه زين العابدين بن علي مقاليد السلطة، لم يكن التونسيون يعرفون الشيء الكثير عن شخصية رئيسهم الجديد، فجل المناصب التي تقلدها قبل ذلك سواء داخل وزارة الدفاع الوطني أم داخل وزارة الداخلية لم تسمح له بأن يكون على علاقة مباشرة مع الناس مثلما كان الحال بالنسبة إلى شخصيات سياسية أخرى.
بدأ التونسيون يهتمون بزين العابدين بن علي عندما عينه الرئيس بورقيبة فجأة رئيسا للوزراء وذلك في شهر مايو (أيار) 1987، ومع ذلك فقد ظلت شخصيته غامضة رغم أنه أصبح يسير البلاد إلى جانب بورقيبة العجوز ولم يتبدد الغموض الذي يحيط بالرئيس زين العابدين بن علي إلا عقب فترة من توليه السلطة خصوصا عندما بدأ يطوف في مختلف المناطق التونسية ويكثر من الاتصالات المباشرة بالفئات الشعبيه ويزور الفقراء في أحيائهم البائسة أو في قراهم النائية.
ولد الرئيس زين العابدين بن علي في 3 سبتمبر (أيلول) 1936 في بلدة حمام سوسة الواقعة في ضواحي مدينة سوسة أكبر مدينة على الساحل التونسي المشهور ببساتين الزيتون وبصيد الأسماك.
الرئيس بن علي من عائلة متوسطة الحال محافظة على تقاليد منطقة الساحل خصوصا في الأكل واللباس، وحتى وفاتها بعد سنوات من تولي ابنها رئاسة الدولة التونسية ظلت والدة بن علي ترتدي الزي التقليدي البسيط الذي ترتديه نساء المنطقة المذكورة، وبهذا الزي نفسه لا تزال عمته «جنات» تزوره في القصر الرئاسي في قرطاج وربما لأنه درس في مدرسة «سان سير» الفرنسية العسكرية فإن الرئيس بن علي معروف بصرامته وانضباطه وشغفه بالنظام.
أما السنوات التي أمضاها في المدرسة العليا للاستعلامات والأمن في فورت هولابرد في ولاية مريلاند الأميركية ثم في مدرسة المدفعية الميدانية والمضادة للطائرات بفورت بلس، بتكساس، فقد ولدت عنده الولع بعالم الإلكترونيات والمعلوماتية وهو الآن حريص على تخزين القرارات المهمة كافة على الكمبيوتر. كما يشهد له مساعدوه والعاملون معه بمهارة كبيرة في استخدام الإنترنت وأيضا قدرة فائقة على العمل والذين عملوا معه سابقا سواء في وزارة الداخلية أو في رئاسة الوزراء يقولون بأنه أول من يدخل إلى المكتب وآخر من يخرج منه.
تزوج الرئيس بن علي مرتين فمن زوجته الأولى أنجب ثلاث بنات هن غزوة وهي طبيبة متزوجة من سليم زروق، ودرصاف المتزوجة من سليم شيبوب والتي اختارت التفرغ لأبنائها بعد انتهاء دراستها الجامعية، وسرين الحاصلة على شهادة عليا من مدرسة للتجارة بفرنسا وهي أيضا متزوجة. أما من زوجته الثانية السيدة ليلى فقد أنجب نسرين 12 سنة وحليمة 6 سنوات.
الرياضة والسمك
يمارس الرئيس بن علي الرياضة بشكل منتظم. وأحب الأطباق إليه طبق من السمك معد على طريقة أهل الساحل التونسي المعروفين بذوقهم الرفيع خصوصا في مجال الأكل، والرئيس التونسي يعشق الموسيقى وأحب المطربين التونسيين إليه السيدة مليحة وهي أشهر مغنية تونسية في القرن العشرين، وعلي الرياحي الذي مات وهو يغني على خشبة المسرح البلدي بالعاصمة التونسية مطلع السبعينات، والهادي الجويني ذو الأصول الأندلسية وصاحب أغنيه «تحت الياسمينة في الليل»، التي لا يتعب التونسيون من ترديدها، كما أنه يعشق أغاني أم كلثوم وموسيقى وأغاني الفنان الكبير محمد عبد الوهاب، والذين يزورون الرئيس بن علي في خلواته أو يجلسون إليه بعد الانتهاء من العمل أو يسافرون معه في الطائرة في رحلاته الرسمية يستمتعون بسماع موسيقى محمد عبد الوهاب، وربما لهذا السبب حرص الرئيس على زيارة صاحب الجندول، وكيلوباترا، ويا جارة الوادي، في بيته في القاهرة، وذلك أثناء زيارة رسمية له إلى القاهرة. وزار أيضا الكاتب الكبير نجيب محفوظ. ويكن الرئيس بن علي إعجابا كبيرا لكل من الشاعرين نزار قباني، ومحمود درويش، وكان الرئيس دعا محمود درويش إلى قضاء فترة نقاهة في مدينة الحمامات الصيف الماضي، إثر العملية الجراحية التي خضع لها في ربيع عام 1998.